«ابن قرة».. إقليدس المسلمين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 8:11 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«ابن قرة».. إقليدس المسلمين

ابن قرة
ابن قرة
كتبت ــ شيرين مجدی:
نشر في: الأربعاء 15 أغسطس 2012 - 11:25 ص | آخر تحديث: الأربعاء 15 أغسطس 2012 - 11:25 ص

إذا أردت أن تعرف سير أهم علماء الفلك والرياضيات والطب المسلمين، فاسأل عن «ابن قرة»، وهو عالم مسلم موسوعى متبحر فى مختلف العلوم، لكنه اشتهر بعلمه الغزير فى الفلك، حتى إنه أول من قدم حسابا لطول السنة الشمسية بـ365 يوما، و6 ساعات، و9 دقائق، و10 ثوان، وهو ما يزيد على الحساب الحديث لطول السنة بأقل من نصف الثانية.

 

ولد ثابت بن قرة بن مروان الحرانى، فى حرّان بتركيا سنة 836 م، وكان على مذهب الصابئة قبل أن يدخل فى الإسلام، وبسبب اختلاف عقائدى بينه وبين أهل مذهبه ارتحل إلى بغداد، وهناك التقى مع العالم الشهير «محمد بن موسى الخوارزمى»، الذى كان قائما على بيت الحكمة ببغداد، فأعجب بذكائه ونبوغه وفصاحته، فاصطحبه معه، ووصله بالخليفة المعتضد، ليصبح من المقربين له.

 

تولى ابن قرة مسئولية أرصاد الشمس ببغداد، فحدد موضع أوجها، وكمية حركاتها، وصورة تعديلها وجمع كل ذلك فى كتاب، ولم تقف إسهاماته فى علم الفلك عند هذا الحد، بل قام بحساب ميل دائرة البروج، ووضع نظرية الاهتزاز الأرضى، ومن أهم مؤلفاته فى الفلك «رسالة فى حساب رؤية الأهلة»، و«مختصر فى علم النجوم»، و»رسالة فى سنة الشمس بالأرصاد»، و«كتاب فى آلات الساعات التى تسمى رخامات»، و«كتاب فى حساب خسوف القمر والشمس». 

 

وبرع ابن قرة فى علم الرياضيات حتى إنه عرف باسم «إقليدس العرب» ، وكان من أهم دراساته القيمة عن الأعداد، حيث قسم الأعداد إلى قسمين: الأعداد الزوجية، والفردية، كما قسم العدد نفسه إلى أنواع ثلاثة: العدد التام والعدد الناقص والعدد الزائد، وأوجد طريقة سهلة لاستخراج الأعداد المتحابة، وهو يعد أول شرقى بعد الصينيين بحث فى المربعات السحرية وخصائصها والمعروفة الآن بـ«سودوكو».

 

ولم تتوقف إسهاماته عند الفلك والرياضيات بل ساهم فى تقدم الهندسة، حيث مهد لعلم التكامل والتفاضل، كما استطاع أن يحل المعادلات الجبرية بالطرق الهندسية، وتمكن من تطوير وتجديد نظرية فيثاغورث، وكانت له بحوث عظيمة وابتكارات رائدة فى مجال الهندسة التحليلية.

 

وألف كتابا فى الجبر، شرح فيه العلاقة بين الجبر والهندسة، وكيفية التوفيق بينهما، واستطاع أن يعطى حلولا هندسية لبعض المعادلات التكعيبية، وهو ما أفاد علماء الغرب فيما بعد فى تطبيقاتهم وأبحاثهم الرياضية فى القرن السادس عشر.

 

ومن مؤلفات ثابت الرياضية والهندسية: كتاب فى الشكل الملقب بالقطاع، وكتاب فى مساحة الأشكال المسطحة والمجسمة، وكتاب فى قطوع الأسطوانة وبسطها، مساحة المجسمات الكافية، وأيضا أقوال فى تصحيح مسائل الجبر بالبراهين الهندسية.

 

كما اهتم ابن قرة بالبحث فى جوانب جديدة فى الطب، فتطرق الى الأمراض الجلدية ومستحضرات وأدوية التجميل، وتطرق إلى أمراض الرأس فذكر أنواع الصداع، وذكر ما ينقى الدماغ من الأدوية والأغذية، وأوضح الأثر الضار للدسم والدهون على صحة الإنسان، وكذلك تحدث عن الهزال والسمنة وذكر أسبابها وآثارها ووسائل علاجها، وتناول الأمراض العصبية والعقلية والنفسية، واستطاع أن يشخص السكتة والصرع ويفرق بينهما، كما وصف التشنج وذكر أسبابه وعلاجه، ووصف عددا من الأمراض النفسية.

 

وأثبت ابن قرة تفوقا فى مجال طب العيون فتناول أمراض الرمد والمياه البيضاء والزرقاء، كما شرح العين، وبرع فى أمراض الأنف والأذن والحنجرة، وتحدث عن أمراض القلب، وتطرق أيضا إلى أمراض الفم والأسنان، وأمراض الكلى والمثانة، ومن مؤلفاته الطبية كتاب «الذخيرة فى علم الطب»، وكتاب «الروضة فى الطب»، وكتاب فى علم العين وعللها ومداواتها، وكتاب فى الجدرى والحصبة.

 

وكان لمعرفته باللغة السريانية والعربية، وسهولة عباراته ووضوحها وسلاستها الأثر الواضح، ما جعله قائد حركة الترجمة والنقل فى القرن التاسع الميلادى، فلم يكن يترجم حرفيا بل يقدم معنى الترجمة مما جعل ترجمته أكثر دقة، ومن الكتب التى ترجمها كتاب «الأصول الهندسية» لأرشميدس، وكتاب «جغرافيا فى المعمورة وصفة الأرض» لبطليموس.  ولم يكتف بن قرة بتلقى العلم بل قدمه إلى الناس فأنشأ بقرية الرقة بسوريا مدرسة عليا لتعليم الفلك والفلسفة والطب، ومن تلاميذه، سنان إبراهيم، البتانى، قرة بن قميطاء، أيوب بن قاسم الرقى، وتوفى فى بغداد سنة  901 م عن عمر يناهز سبعة وسبعين عاما.

 

 

 

 

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك