«وودوارد» في كتابه الأكثر مبيعًا: الرئيس الأمريكي حطم كل الأعراف.. وسياسته «إثارة الجدل هي أقصر الطرق لتوصيل الرسالة»
حل الكاتب الصحفي الأمريكي البارز، بوب وودوارد، ضيفًا في لقاء تليفزيوني بثته شبكة «إم إس إن بي سي» الإخبارية للتحدث عن كتابه الجديد بعنوان «الغضب»، والذي لايزال متربعًا على قائمة «النيويورك تايمز» للكتب الأكثر مبيعًا، والذي يكشف من خلاله كواليس رئاسة «ترامب»، وذلك على خلفية الخبر الذي تم تسريبه للصحف الأمريكية هذا الأسبوع أن الرئيس الأمريكي لا ينوي التخلي عن السلطة، ولن يلتزم بقبول نتائج الانتخابات المُقرر إجراءها شهر نوفمبر المُقبل.
وقال «وددوارد» أن كتابه لا غبار عليه، وأن به معلومات دقيقة للغاية خاصة وأن «ترامب» نفسه كان مصدرًا مباشرًا للعديد من المعلومات التي وردت به بعد أن وافق على إجراء 17 مقابلة مع «وودوارد»، حتى أنه كان يتفاخر بقوله: «لقد قلت بعض الأشياء العظيمة في الكتاب»، وكشف «وودوارد» أن «ترامب» بعد انتخابه عام 2016 لم يقم فقط بكسر الأعراف، وإنما قام بتحطيمها تحطيمًا، مستعملًا في ذلك «السرعة القصوى»، وذلك في كل سياساته سواء في التعامل مع وباء كورونا، أومع الاقتصاد المنهار، أو مع أزمة العنصرية.
وقال «وودوارد» إنه سأل الرئيس «ترامب» عن طبيعة وظيفة الرئيس أثناء تأليف الكتاب، فأجاب أن للرئيس مهمة واحدة هي حماية الناس، وهو الأمر الذي يشمل حماية الديمقراطية وحق التصويت، غير أن «وودوارد» يرى أن هناك مسئولية ثانية تقع على عاتق الرئيس؛ وهي قول الحقيقة، والقيام بذلك بشكل لا لبس فيه بقدر الإمكان، ولكنه أشار إلى أن «ترامب» لم يقل الحقيقة، وأنه أخبره في شهر مارس الماضي أنه ينتوي «التقليل من شأن فيروس كوفيد-19»؛ لأنه لا يريد أن يخلق حالة من الذعر حتى على حساب الأرواح، وكان يبتهج فقط إن قلت أعداد الوفيات اليومية من جرّاء الوباء المستجد بدون محاولات حقيقية لمنعها على أرض الواقع، وأضاف أن «ترامب» مخطىء للغاية في هذا الأمر؛ لأنه كدارس للتاريخ، وكشخص وثّق العديد من التفاصيل المتعلقة برئاسة تسعة رؤساء للولايات المتحدة، قد لاحظ دائمًا أن قول الحقيقة هو المخرج الحقيقي من أي أزمة، وأنه عندما يخرج الرؤساء ويقولون الحقيقة للبلاد، يتجمع الأمريكيون حولهم لحل المشكلة، لذلك فـ «ترامب» لم يقم فقط بكسر العُرف المُتبع في هذه الحالة، ولكنه أيضًا تخلى عن واجبه الأخلاقي في قول الحقيقة، وانطلق عوضًا عن ذلك في اتخاذ قرارات مندفعة، وإطلاق السباب على الجميع عبر «تويتر»، ودفع الناس الذين يعملون لدى إدارته إلى الجنون؛ حيث كانوا يقدموت استقالات جماعية أو يطردهم ثم يحاول إعادتهم مرة أخرى للعمل؛ كما حدث مع وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، جايمس ماتيس، ومدير الاستخبارات الوطنية السابق، دان كوتس، ووصف «وودوارد» ما فعله «ترامب» بـ «الفشل الأخلاقي والقيادي».
وأضاف «وودوارد» أن «ترامب» لم يتحد الدستور الأمريكي فحسب؛ وإنما وضع خنجرًا فيه، أما فيما يخص الانتخابات الأمريكية المُقبلة في نوفمبر القادم، والذي سيواجه خلالها الرئيس الحالي المُرشح الشرس للحزب الديموقراطي، جو بايدن، قال «وودوارد» إن الأمر لا يتعلق فقط بمعسكرين من الناخبين؛ إما «بايدن» وإما «ترامب»، ويرى أنه من الخطأ مهاجمة الناخبين المؤيدين لـ «ترامب»، وأضاف أنه يعرف بشكل شخصي بعض ناخبي «ترامب» من الأشخاص الناجحين والمحترمين من رجال الأعمال والعسكريين، ورجال القانون، والعمال، وتابع: «قد نتفق معهم أو لا نتفق معهم، ولكن في جميع الحالات لا ينبغي أن ندعي أنه هناك طريقة واحدة فقط للنظر للأمور؛ وهي طريقتنا».
وعن جاريد كوشنر، صهر الرئيس «ترامب»، وأحد كبار مستشاريه، والذي يصفه «وودوارد» بـ «رئيس أركان البيت الأبيض»، كشف الصحفي الأمريكي أنه قد تعلم منه نظرية مذهلة يمكن تطبيقها بسهولة على «ترامب»؛ حين قال إن «إثارة الجدل هي أقصر طريق لتوصيل الرسالة»، مشيرًا في ذلك إلى أن «ترامب» يعتمد دائمًا على إثارة الجدل والخلافات من أجل توطيد حكمه، ولنا فيما حدث خلال الأزمة الاقتصادية الراهنة خير مثال؛ حيث أوضح أن الحديث المستمر حول سوء إدارة «ترامب» للاقتصاد خلال أزمة «كورونا» قد يأتي بنتائج عكسية، ولن يضفي شيئًا سوى تعميق اعتقاد الرأي العام أن «ترامب» كان يحاول إصلاحه بشكل ما، أو أنه يقاتل من أجل جعل الوضع الاقتصادي الحالي أفضل وضع في تاريخ الولايات المتحدة، حتى وإن أكد المتبحرين في التاريخ وتقصي الحقائق أنه كان أفضل بمراحل مثلًا خلال العام 1951، كما ساق «ووداورد» أيضًا مثالًا عن الجدلية المُثارة حول مثول «ترامب» أمام المحكمة العليا والتي قد تؤدي لعزله، والتي قد تفضي في النهاية لترسخه على كرسي الحكم بشكل أكثر ثبوتًا.