تقرير: الانسحاب العسكري الغربي يضع إقليم الساحل والصحراء الإفريقية على عتبات طريق مظلم - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 1:37 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تقرير: الانسحاب العسكري الغربي يضع إقليم الساحل والصحراء الإفريقية على عتبات طريق مظلم

باماكو - أ ش أ
نشر في: الخميس 5 يناير 2023 - 9:12 ص | آخر تحديث: الخميس 5 يناير 2023 - 9:12 ص

يضع انسحاب العسكريين ومكافحي الإرهاب الغربيين إقليم الساحل والصحراء الإفريقية على عتبات طريق مظلم، حتى وإن استمر الدعم السياسي قائما، حيث لن تكون تصريحات المساندة السياسية الغربية لتحقيق النصر على الإرهاب إذا لم تواكبها مساندات ميدانية على الأرض.

وكانت الأسابيع الأخيرة من العام 2022 قد شهدت صدور بيانات وتصريحات سياسية من عدة عواصم أوروبية عن خطط واستعدادات لسحب القوات والخبراء المتعاونين مع بلدان إقليم الساحل والصحراء في برامج مكافحة الإرهاب بل وإنهاء عمل قواتها التي تشارك في عمليات حفظ السلام الأممية في هذا الجزء من العالم، والذي تعد جمهورية مالي من أكثر الدول تضررا من الإرهاب.

ويحذر الخبراء من أن الفراغ العسكري والأمني، الذي ستخلقه "الانسحابات الغربية" وتوابعه السياسية، سيقوى شوكة المجموعات الانفصالية المسلحة في منطقة الساحل والصحراء، لاسيما تلك المتمركزة في شمال جمهورية مالي، وهو ما قد يغري تلك المنظمات الإرهابية على توسيع نشاطها في أراضي دول أخرى مجاورة مثل توجو وغانا وساحل العاج إن لم تجد ما يكفي لردعها ولجم حركتها.

وبرغم النجاح الذي استطاعت بعض دول القارة الكبرى إحرازه في حسم الصراع مع الإرهاب لصالحها، سيرسم خروج القوات الغربية- إذا دخل حيز التنفيذ الفعلي- مصيرا مجهولا لقارة إفريقيا في توقيت حرج لاتزال الحرب فيه على الإرهاب مستعرة في هذا الجزء من العالم.

ويؤكد تقرير للمعهد الإفريقي للدراسات الأمنية والاستراتيجية- ومقره لندن- أن استمرار الدعم العسكري والاستخباراتي لجمهورية مالي ودول جوارها في منطقة الساحل الإفريقي هو أمر ضروري لتحقيق النصر في الحرب على الإرهاب، وهو ما أكدته أيضا مواقف دول الإقليم التي دعيت للمشاركة في القمة الأمريكية الإفريقية الأخيرة، معتبرة أن الدعم الغربي لها في الحرب على الإرهاب سيسد الباب أمام أية تدخلات أخرى، بما في ذلك المقاتلون المرتزقة في الإقليم الذي تشكل مناطق شمال مالي بؤرة نشاط الانفصاليين المسلحين من العناصر المتشددة.

وأضاف التقرير أن تحركات الجماعات المسلحة في شمالي مالي ودول الساحل والصحراء قد تلتئم مع حركات إرهابية متشددة أخرى في إفريقيا مثل حركة بوكو حرام في شمالي نيجيريا وجنوب جمهورية النيجر وغرب إفريقيا، وكذلك قد تتحالف مع بقايا الحركات الإرهابية المتأسلمة من فلول تنظيم القاعدة في إفريقيا أو خلايا تنظيم الدولة المتناثرة في مناطق أخرى في القارة، وهو ما يضع حالة الأمن والاستقرار في عموم إفريقيا على محك تهديدات خطيرة.

لتلك الأسباب.. دعا وزير خارجية مالي عبدالله ديوب ووزير دفاعها سعيدو كمارا، دول العالم إلى استمرار دعم جهود بناء السلام في شمالي مالي، وقالا إن الاتحاد الأوروبي يتعين عليه عدم الانسحاب من ميدان مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء، التي اعتبرها وزير الخارجية المالي "مفتاح أمن واستقرار إفريقيا".

وفي تقرير بثه تليفزيون مالي بمناسبة العام الجديد 2023.. قال وزير الخارجية إن التعاطي بإيجابية مع مبادرة ماكي سال رئيس الاتحاد الإفريقي لدعم التعاون الاستراتيجي والأمني بين دول الساحل هي أمر مهم، ولا بد أن يدعمه الغرب، وكذلك دعا وزير الدفاع المالي دول الاتحاد الأوروبي إلى تقديم الدعم بصورة أكبر من حيث التسليح والتدريب لقوات بلاده وبلدان منطقة الساحل والصحراء في إفريقيا لرفع قدرتهم على مجابهة قوى الإرهاب، وأن تكف العواصم الأوروبية عن إصدار إشارات نوايا الانسحاب من العمليات المشتركة لمكافحة الإرهاب في هذا الجزء المضطرب من العالم.

ويأتي ذلك في أعقاب بيانات متلاحقة صدرت عن عواصم أوروبية تؤشر على نية انسحابها من مهام مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي، وتعد فرنسا في مقدمة الدول التي أعلنت عن ذلك بعد عامين من قيام عناصر مكافحة الإرهاب الفرنسية بالعمل في المنطقة، واستتبع ذلك إعلان ألمانيا ودول أوروبية أخرى عن نيتها خفض مستوى التعاون العسكري مع القوات المسلحة في مالي ودول أخرى في منطقة الساحل والصحراء خلال العام 2023.

وخلال الأعوام العشرة الماضية كانت فرنسا تتعاون بصورة مكثفة مع حكومة مالي وأجهزتها العسكرية والأمنية في مجال مكافحة الإرهاب، وهو ما تكلل بعملية "برقان" لمكافحة الإرهاب في عام 2020، إلا أن علاقات باريس قد تدهورت مع مالي منذ عام 2021 نتيجة عدم رضاء فرنسا عما وصفته "انقلابا عسكريا" في مستعمرتها السابقة "مالي" متخذة علي إثره قرارا بسحب التواجد العسكري الفرنسي من مالي مع وقف كافة برامج الدعم العسكري والأمني معها في غضون أشهر، كما أرجع مراقبون فرنسيون سبب إقدام الرئيس الفرنسي على هذا الإجراء إلى ما تكشف من معلومات عن تعاون سري بين نظام الحكم الجديد في مالي، وبين فاجنر الروسية منذ العام 2021، وهو ما تنفيه السلطات في مالي وروسيا.

وذرا للرماد في العيون.. أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نية بلاده إعادة نشر قواتها المنسحبة من مالي في أي بلد آخر من بلدان إقليم الساحل والصحراء الواقع بين الصحراء الكبرى الإفريقية حتى شمالي غابات السافانا الاستوائية، وهي المنطقة التي تعتبرها فرنسا مجالا حيويا لسياستها الخارجية على خارطة العالم تمليها اعتبارات التاريخ وروابط الفرانكفونية وحسابات المصالح الاقتصادية.

تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه استنادا إلى التقديرات والمواقف الفرنسية، اتخذت الحكومة الألمانية قرارا بوقف عمل بعثات التعاون التدريبي والأمني المشتركة مع جمهورية مالي وسحب طواقمها العسكرية والتدريبية وأية قوات ألمانية تشارك في عملية حفظ السلام الأممية المعروفة باسم "مينوسوما- MINUSMA" في شمال مالي اعتبارا من منتصف العام الجاري 2023، وصولا إلى سحب أخر جندي ألماني من شمال مالي بحلول مايو 2024.

كما أعلنت بريطانيا عن قرار بتبكير سحب قواتها لمكافحة الإرهاب وطواقم التدريب العسكري من جمهورية مالي قبل حلول الموعد المقرر سلفا لذلك وهو ديسمبر 2023.

تجدر الإشارة إلى أن مالي تشهد منذ عام 2012 مسلسلا من التوترات الأمنية على يد مجموعات مسلحة انفصالية يتركز معظمها في مناطق شمال مالي التي تتواجد بها تيارات متشددة تسعى للانفصال بالإقليم، وفي عام 2013 قررت الأمم المتحدة إيفاد بعثة من قوات حفظ السلام إلى شمال مالي "مينوسوما" تتألف من 15 ألف فرد بمشاركة ألمانية وبريطانية وفرنسية، فضلا عن 1000 من المدربين العسكريين للقوات المالية أوفدهم الاتحاد الأوروبي لدعم قدرتها على مكافحة الإرهاب والحركات الانفصالية في شمال البلاد.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك