يمر اليوم - 8 فبراير، ذكرى رحيل الكاتب والناقد رجاء النقاش، الذي غيبه الموت في 8 فبراير 2008 عن عمر 73 عاما، بعد رحلة طويلة مع مرض السرطان.
وينتمي النقاش لأسرة، ضمت الكثير من أصحاب أقلام الصحافة والنقد، فأخيه وحيد النقاش عرف كمترجم وناقد وأخيه الآخر فكري عمل بالتأليف المسرحي، بالإضافة إلى أحد رموز التيار اليساري النسائي فريدة النقاش، التي تولت رئاسة تحرير جريدة الأهالي الناطقة باسم حزب التجمع الساري.
وبدأ النقاش مسيرته الصحفية، بعد تخرجه في قسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة القاهرة، من خلال بوابة «روز اليوسف» في أواخر الخمسينيات، واستمر عمله بالصحافة إلى أن رأس تحرير عدد من المجلات أبرزها: (الكواكب، والإذاعة والتليفزيون).
ومن أبرز مظاهر تكريمه عن مسيرته الكبيرة، تم منحه جائزة الدولة التقدرية عام 2000 ودرع المجلس الأعلى للثقافة.
ومن أبرز محطات رجاء النقاش المهنية، كان تكليفه من مركز الأهرام للترجمة بأن يجري أحاديث مع الأديب الكبير نجيب محفوظ ويتم نشرها كصفحات من مذكراته، ووافق النقاش على الفكرة وتحمس لها، واستغرقت ما يقارب سنتين مع الحوارات المتصلة مع أديب نوبل، ونشرت تلك الحوارات بعنوان "صفحات من مذكرات نجيب محفوظ" ونشرتها دار "الشروق" في عام 2011.
وتحدث نجيب محفوظ، وعرض أفكاره ومواقفه في تلك الصفحات بحرية شديدة، ولم يخف تفاصيل دقيقة عن القراء.
ومع ذكرى رحيل رجاء النقاش نلقي ضوءا على عدد من حكايات محفوظ للنقاش في السطور التالية:
* حب غير مكتمل بالمراهقة وعربدة قبل الزواج!
يتحدث نجيب محفوظ عن المرأة في حياته، والتي انقسمت لمراحل متعددة فبدأت بحب غير مكتمل وهو في سن الثالثة عشر، فمع انتقاله من حي الجمالية للعباسية، كان مداوما على لعب الكرة مع أصدقائه، وفي أحد المرات لفت نظره فتاة تكبره بالعمر كانت تطل من النافذة فأعجبه جمالها ولكنه لم يجرؤ أن يبدأ أي حديث معها في أي من المرات، واكتفى فقط بالنظر إليها بعد أن ينتهي من لعبة الكرة مع غروب الشمس.
مرحلة أخرى يرويها محفوظ، وهي تمثل جزءا من الطيش وعدم الاستقرار، فكان يتردد على دور البغاء والكباريهات، وكانت نظرته للمرأة لا تحمل أي عواطف بل مقتصرة على الغريزة الجسدية فقط!.. ولكن كل هذا العبث لم يستمر فمجرد زواجه، ساعدته زوجته على بناء حياة مستقرة وهادئة يتفرغ فيها لإبداعه الأدبي.
* مواقف محفوظ من رجال السياسية.. من سعد زغلول إلى حسني مبارك!
أحد فصول الكتاب المهمة، كان فصل مواقف نجيب محفوظ من رجال السياسة، وتباينت آراء محفوظ عند سؤاله عن كل زعيم سياسي.
فيتحدث محفوظ عن زعيمه الأول في حياته منذ الطفولة سعد زغلول، والذي يكيل له الإجلال والاحترام، ويذكر أنه لم تأتيه فرصة لمقابلته، ولكن مشهد جنازته المهيبة لا زال محفوراً في ذاكرته، ويصفها بأكبر جنازة في التاريخ!
ويختلف محفوظ كثيراً مع سياسة الرئيس عبد الناصر، ويرى أنه أخطأ لأنه لم يقم نظاما ديموقراطيا بشكل كان سيجنبنا مشكلات عديدة، ولكنه لا ينكر تأثره الكبير بخبر وفاته، لأنه قلق على مصر، لأن ناصر كان ظهوره يوحي لمحبيه بأنه خالد ولن يموت، وأصبح سؤال من يخلف عبد الناصر يجر أسئلة كثيرة تزيد القلق.
لم يكن محفوظ مقتنعا في البداية بالسادات، ورأى إنه كان هناك أكثر من بديل أفضل منه، ولكن تبدد ذلك بعد إعلان السادات عن ثورة التصحيح وتخلصه من كل الرجال الذين رأي أنهم سيمثلوا العقبة في مساره.
مبارك في نظر محفوظ، هو الذي اقتنع بنموذج المجموعة الشمسية في إدارة السياسة الخارجية لمصر، فكل كوكب له فلك ومسار لا يتخطاه حتى لا يحترق أو يموت سكانه من البرد!
لذلك كانت مصر بعهده تنال صداقة واحترام كل الأطراف السياسية.