انقطاع الإنترنت.. كيف يمكن أن يصبح فرصة لاكتشاف الذات؟‎ - بوابة الشروق
الأربعاء 9 يوليه 2025 2:20 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

من أفضل فريق عربي في دور المجموعات بمونديال الأندية؟

انقطاع الإنترنت.. كيف يمكن أن يصبح فرصة لاكتشاف الذات؟‎

سلمى محمد مراد
نشر في: الثلاثاء 8 يوليه 2025 - 3:23 م | آخر تحديث: الثلاثاء 8 يوليه 2025 - 3:23 م

مع احتراق سنترال رمسيس في القاهرة، تضررت شبكات الاتصالات وخدمات الإنترنت والدفع الإلكتروني بشدة وواجه المستخدمون صعوبات كبيرة في تسيير أبسط أمور حياتهم المعتادة، مثل هذه اللحظات المفاجئة تجعلنا نعيد التفكير: هل يمكن أن يصبح انقطاع الإنترنت فرصة لنفعل شيئًا أكثر عمقًا من التذمر؟

في منتصف التسعينيات، لم يكن الإنترنت حاضرًا في حياة أغلب الناس، كان عدد مستخدميه في عام 1995 أقل من 1% من سكان العالم، ومعظمهم من الغرب، يستخدمونه بدافع الفضول فقط؛ أما اليوم، فقد أصبح أكثر من نصف سكان العالم متصلين به أغلب الوقت، ويزداد عدد مستخدميه بمعدل 10 أشخاص تقريبًا كل ثانية.

بحسب موقع «بي بي سي فيوتشر»، يرى ويليام داتون، أستاذ بجامعة ميشيجان ومؤلف كتاب «المجتمع والإنترنت»، أن المشكلة الأكبر اليوم هي أننا لا نتصور الحياة دون إنترنت، رغم أننا لا ندرك حجم تغلغله في تفاصيل حياتنا اليومية.

لكن ما الذي قد يحدث لو انقطع الإنترنت فجأة؟ قد يبدو الأمر صعب التصديق، لكن هذا ممكن نظريًا وواقعيًا أيضًا، مثلما حدث بعد احتراق سنترال رمسيس.

العودة إلى التواصل البشري

تقول ستاين لامبورج من جامعة كوبنهاجن، إن الناس قد يقبلون على التحدث مع بعضهم أكثر إذا فقدوا الاتصال بالإنترنت في مواقف محددة مثل أماكن العمل، إذ سيضطر الموظفون للحديث وجهًا لوجه بدلًا من الاكتفاء بالبريد الإلكتروني. ورغم ذلك، ترى أن تجربة فقدان الاتصال قد تسبب الإحباط للعديدين، وتقول: «لن ينتهي العالم إذا فقدنا الإنترنت ليوم واحد، لكن الناس يخيفهم أن يختفوا عن العالم ولو لساعات».

وهنا تكمن المفارقة: نحن نظن أننا أكثر تواصلًا بفضل الإنترنت، لكننا غالبًا نفقد التواصل الحقيقي مع أقرب الناس إلينا، انقطاع الإنترنت المفاجئ قد يكشف لنا هذه المسافة التي صارت بيننا وبين الآخرين من دون أن نشعر.

الإدمان الرقمي له جذور أعمق

ليس التعلق بالإنترنت عادة عابرة فحسب، بل قد يكون له جانب بيولوجي. دراسة حديثة أعدها الدكتور كريستيان مونتاج من جامعة بون بألمانيا توصلت إلى وجود متغير جيني شائع لدى الأشخاص الذين يعانون من إدمان الإنترنت، خاصة النساء اللواتي يقضين ساعات طويلة على وسائل التواصل.

الأدهى أن الجين ذاته مرتبط بإدمان التدخين أيضًا. وقال مونتاج: «إدمان الإنترنت ليس فكرة عابرة، إنه حقيقة بيولوجية مثبتة علميًا».

وهذا يعني أن فقدان الاتصال لفترة مؤقتة قد يكشف لنا حجم التعلق الذي نحمله بداخنا، والذي يختبئ أحيانًا تحت مبررات العمل أو التواصل الاجتماعي.

تجارب شخصية.. انقطاع للكشف وإعادة الترتيب

الانقطاع ليس فكرة مثالية فقط؛ بل هناك من خاضه كخيار شخصي ليكتشف ما أفسده الإنترنت بداخله.

الصحفية الفرنسية أليس مرواني، ذهبت إلى أقصى التجربة، حين قررت الابتعاد عن العالم الرقمي خمسة أشهر كاملة، وانتقلت للعيش في سهول البامبا بأمريكا الجنوبية. اعترفت بأن الأيام الأولى كانت قاسية، خاصة أن عملها كصحفية وكل تفاصيل حياتها تعتمد على الإنترنت. لكنها مع مرور الوقت رأت حياتها من منظور جديد؛ صارت اللحظة أطول، والوقت أكثر امتلاءً، وعلاقاتها أكثر إنسانية.

عادت أليس تنصح الجميع بأهمية «الديتوكس الرقمي»، ليس للانقطاع الكامل عن الإنترنت، بل لاستعادة أنفسنا كل فترة، وإعادة ترتيب أولوياتنا بعيدًا عن الضجيج الافتراضي.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك