ملحمة «الممر» السينمائية.. درس جديد من قلب سنوات الاستنزاف - بوابة الشروق
الأحد 16 يونيو 2024 5:39 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ملحمة «الممر» السينمائية.. درس جديد من قلب سنوات الاستنزاف

خالد محمود
نشر في: الثلاثاء 11 يونيو 2019 - 1:58 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 11 يونيو 2019 - 1:58 ص
شريف عرفة قدم سيناريو بفلسفة صادقة وصورة واقعية تنبض بالعزة 
* رصد عملية مهمة لتحرير الجندى المصرى من أثار نكسة يونيو دفع كثيرون فيها الثمن
* المخرج أرادنا أن نعيش بكامل مشاعرنا المشهد العظيم.. وكأننا مع أبطاله فى رحلة بحث عن النجاة
دون شك، تدخل السينما المصرية منعطفا جديدا طال انتظاره، بتقديمها فيلم «الممر» ليس فقط لأنها اخترقت حاجز البطولات العسكرية وكشفت عن واحدة من اللحظات المجيدة لجنود وضباط القوات المسلحة وما أكثرها فى تاريخ النضال الممتد، ولكن أيضا لجودته وبراعة مخرجه وأبطاله بالإضافة إلى توقيته الذى لا يقل أهمية عن ملحمة العمل.
هوليوود تغزل طوال تاريخها من قصص قصيرة بطولات كبيرة على شاشة السينما لأنها تدرك أهميتها، حتى وإن كانت فى معظمها يغلفها الخيال والوهم بحكم التاريخ، ونحن نملك قصصا واقعية كثيرة لنماذج وبطولات للعسكرية المصرية ومنها يأتى أهمية تقديم فيلم مثل «الممر»، لتدرك الأجيال الجديدة بالسجل الحافل، وتتوحد معه مشاعرهم ونحن ننتظر أفلاما أخرى على نفس النهج وبنفس القوة السينمائية التى تعبر بنا إلى مرحلة جديدة على الشاشة.
فى قاعة العرض، سعدت كثيرا بوجود أجيال من الجمهور من فتيان وفتيات صغيرى السن، ينفعلون مع الأحداث، بل رمقت دموعهم وتصفيقهم، مع كل مشهد يؤكد إصرار جنودنا على لحظات اليأس إلى عزيمة النصر، وهو ما يعنى وجود الرغبة والاستعداد لهؤلاء لمشاهدة مثل تلك النوعية من السينما، وأن هناك بالفعل ثمة تغير فى مذاق جمهور العيد، بدليل أن الممرر يحتل مكانة وينافس بقوة فى شباك التذاكر، وأعتقد أن الأيام القادمة. ستشهد ازديادا فى نسبة الإيرادات عندما ينزل نوعية الجمهور التى لا تفضل المشاهدة فى أيام العيد.
بلا شك فيلم «الممر» للمخرج الكبير شريف عرفة عملا مدهشا من منطلق الإثارة والترقب انطلاقا من الحدث التاريخى والعسكرى الذى يتناوله، وكونه من بدايته للنهاية يجعلك تتعاش مع فلسفة صادقة وصورة واقعية تنبض بالعزة فى معركة كبرى تؤرخ لمأزق قادة وجنود، ومواقف إنسانية دفع فيها كثيرون الثمن فى محاولة فك حصارهم من آثار النكسة المؤلمة. وتقرير مصيرهم، وعاشوا أياما وليالٍ قاسية فى انتظار معجزة حدثت بالفعل وهى ضرب أكبر معسكر أسلحة إسرائيلية بأطراف سيناء المحتلة.
منذ الوهلة الأولى التى يبدأ فيها الفيلم تجد نفسك بالفعل فى عمق الاستعداد للمعركة على صوت أم كلثوم وهى تغنى بالعروبة، تلك المعركة، التى تكشفت ملابساتها وأهدافها بتتابع المشاهد التى تنفس فيها المشاهد دموع وابتسامات، فما أجمل الإحساس بالنصر فى وقت اليأس، فالفيلم الذى كتبه شريف عرفة ويشارك فى كتابة الحوار وتأليف الأغانى الشاعر أمير طعيمة تدور أحداثه بدءا من حرب 1967 وحتى الأوقات الأولى من حرب الاستنزاف، حيث شاهدنا مجموعة من رجال الصاعقة مجموعة بقيادة المقدم نور «أحمد عز»، يستعدون لاقتحام وتفجير أحد المعسكرات الإسرائيلية المليئة بالأسلحة، ويوجد بها بعض الجنود من الأسرى المصريين، وذلك عقب نكسة 67 مباشرة، كعملية ردع لأوهام العدو، وكم كانت لحظات رائعة بمشاهدة تصوير مدهش من أرض المعركة، وخاصة تصوير ضربة العدو المفاجئة ولحظات الانسحاب، وهو ما أبدع فيه شريف عرفة.
اللمسة الإنسانية فى الفيلم كانت مهمة فى روح القصة والحدث، رغم الشعور للحظات فى بعض المناطق بأنها قللت من وتيرة حماس الاندماج فى المشاهد الساخنة داخل معسكر الجنود لكنها كانت لحظات مؤقتة؛ حيث مزج السيناريو بين ما يحدث على الجبهة مع مشاعر المصريين تجاه ما حدث فى 5 يونيو، وأيضا علاقة الضباط والجنود بأهلهم، وكم كانت مؤثرة فى الخط الدرامى لشحن عاطفة الجمهور فيما بعد، حيث رأينا مشاهد من منزل الضابط نور وزوجته «هند صبرى» وابنه، وهى تحمسه وتؤازر، ومشهد شجاره المؤثر داخل السنترال، وآخر لأحد الجنود «محمد الشربينى» مع خطيبته، يطلب منها أن تتركه خوفا على مصيرها إذا لم يعد من الحرب، وآخر «محمد فراج» الذى يرفض أن يزور والده قبل الانتصار، واستعراض لصحفى وراقصتين فى تياترو لتوضيح موقف الشعب الساخر من النكسة.
بينما كان من أجمل مشاهد الفيلم تلك التى برزت فيها التحديات والصعوبات التى واجهت الجنود والضباط وهم فى طريقهم لتنفيذ المهمة، حيث رصدت الكاميرا باحترافية كبيرة المشاعر والمكان بمفردات فنية متقنة من استخدام الإضاءة والموسيقى الملهمة لعمر خيرت والتى لعبت دورا دراميا مثيرا، لمست مشاعر الجمهور مع الأغنية التى كتبها أمير طعيمة وأداها الشرنوبى، وساعدت على تفاعل الجمهور فى أجزاء كثيرة من الفيلم.
ظهر توظيف المخرج لأبطاله مناسبا ومدهشا، وكشف عن مستوى رفيع من الأداء يحسب لجميع الممثلين، بطل الفيلم أحمد عز يقدم أداء مميزا للغاية ويحسب له الحفاظ على إيقاع الشخصية كقائد فى إظهار انفعالات صادقة ملائمة فى التمسك بتحقيق الهدف، وشحن جنوده، وهى بلا شك تمثل نقلة كبرى فى تاريخه ككمثل صاحب حضور جماهيرى خاص، وطموح كبير لجيله وأبرز من خلاله ترسيخ قدمه بأداء يؤهله تماما للعالمية، وإياد نصار كان طاغيا أمام الكاميرا فى دور الضابط الإسرائيلى، كما قدم محمد فراج واحدا من أفضل أدواره كنموذج للجندى الصعيدى الذى يواجه بقلب شجاع عبر بندقيته سرب من الطائرات، وأعتقد أن هذا الدور مثل تحديا كبيرا له، وأحمد فلوكس الضابط الذى تم أسره، ومثل شجاعة كبرى فى أداء واع فى مواجهة الضابط الإسرائيلى، وأحمد صلاح حسنى ضابط البحرية الصارم «رمزى»، بارعان فى مشاهد المواجهة واصلا بحق لعزيمة العسكرية المصرية فى ساحة القتال، بينما جاءت اللمسة الكوميدية الرائعة لأحمد رزق فى دور الصحفى الذى يبحث عن ذاته ومحمود عبدالحافظ المقاتل، لتضيف بريقا خاصا فى دراما المعركة، ومحمد الشرنوبى وأمير صلاح الدين الدين، ومحمد جمعة فى دور البدوى الوطنى من سيناء وكم كان مشهد رحيله مؤثرا، وظهور مميز للفنان شريف منير بشخصية ضابط الشرطة.
بينما كان العنصر النسائى المتمثل فى هند صبرى وأسماء أبواليزيد «ظهورا مشرفا» 
الشىء المهم فى فيلم الممر هو الدعم الكبير الذى قدمته القوات المسلحة وخاصة الشئون المعنوية التى قدم لها الفيلم شكرا خاصا، وهو مستحقا، كما أن حماس منتج كبير كهشام عبدالخالق لتقديم هذا الفيلم أمر يستحق الإشادة، فكم منتج مصرى تحمس للمجازفة بعمل فيلم باهظ التكاليف ويطرح موضوعا مهما مثل الممر، أعتقد أنه فخور بالتجربة بعد أن لمس رد الفعل من الجمهور المتعطش لسينما مختلفة وقوية.


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك