ناقشت الهيئة الوطنية للصحافة، خلال اجتماعها التشاوري الخامس مساء أمس السبت، مع رؤساء تحرير ورؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية القومية، أوضاع المحتوى الإعلامي الموجه للطفل المصري عبر الوسائل الإعلامية المختلفة، وتوجهات تلك الوسائل، وتأثيراتها ومخاطرها الراهنة وآليات مواجهة صحافة الأطفال في مصر لتلك المخاطر والتحديات.
وأكد الاجتماع على ضرورة حشد كل الإمكانات المادية والبشرية اللازمة لتفعيل دور صحافة الأطفال، وتطويرها لكي تقوم بدورها في بناء وتشكيل شخصية الطفل المصري ودعمها.
ويأتي اجتماع الهيئة الوطنية للصحافة في إطار اجتماعاتها التشاورية الدورية مع رؤساء تحرير ورؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية الصحفية القومية، حول دور الصحافة القومية في تثبيت ودعم أركان الدولة المصرية.
وطالب رئيس الهيئة الوطنية للصحافة كرم جبر، خلال كلمته، بضرورة البحث عن الاحتياجات الحقيقية للطفل المصري، في ظل التطورات التي تشهدها وسائل الإعلام والاتصال وأبرزها تراجع الإقبال على المطبوع والقراءة في مواجهة زيادة الاستخدام للوسائل الرقمية الحديثة خاصة أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية، مشيرا إلى أن الأطفال المصريين على درجة عالية من الثقافة والوعي والإبداع، مشددا على أن «دورنا هو ترشيد هذا التفكير الابداعي الخاص بالأطفال، وإذا أردنا تنمية ثقافة الطفل فعلينا أن نبدأ بالاستماع إليهم».
من جهته، أكد نقيب الصحفيين ورئيس مجلس إدارة مؤسسة «الأهرام» عبدالمحسن سلامة، على أهمية التصدي لموضوع المحتوى الاعلامي الموجه للطفل، وأوضاع صحافة الأطفال في مصر والتحديات التي تواجهها، مطالبا بضرورة دراستها في إطار الأوضاع الثقافية والصحفية في مصر.
من جهته، أشار رئيس مجلس إدارة «دار الهلال» مجدي سبلة، إلى أن دار الهلال كانت معقلا لمجلتين مهمتين هما «ميكي» و«سمير»، واللتان لعبتا دورا كبيرا في تشكل الوجدان المصري، وظلتا مستمرتين حتى التسعينات.
وأوضح أن دار الهلال كانت رافدا من روافد الثقافة للطفل المصري، التي تضم أيضا السينما والمسرح والترفيه، في ظل حرمان الطفل المصري الآن من قراءة المجلات والكتب، الأمر الذي يحتاج لبحث ومناقشة أسبابه.
في سياق متصل، قال رئيس تحرير كتاب الهلال للأولاد والبنات، ومجلة الهلال الصغير محمد الحمامصي، إنه لا يوجد من التراث المصري ما يحمي الطفل من غول العولمة، مضيفا: «فلا ميزانية لشراء كتب، وتكتفي المدارس باستلام أجهزة الكمبيوتر كعهدة، ليتم ترك الطفل المصري لتقوده تياران كل منهما أشد فسادا من الآخر، هما الإخوان والسلفيين، الذين استقطبوا الأطفال من خلال مدارسهم الخاصة، ودور النشر الخاصة والذين يقومون بطباعة كتب الأطفال مجهولة المؤلفين والمترجمين بلا رقابة على محتواها».
من جهته، أكد رئيس مجلس إدارة مؤسسة «أخبار اليوم» ياسر رزق، على أهمية دور هيئة قصور الثقافة، والمجلس القومي للطفولة والأمومة، مشيرا إلى أن جميع المؤسسات توقفت عن رفع أسعار إصدارات مجلات الأطفال رغم تكلفتها الكبيرة، داعيا في الوقت نفسه إلى عقد لقاء مع وزير التربية والتعليم وكل المؤسسات الخاصة بالطفل في مقر الهيئة الوطنية للصحافة لبحث التعاون بين جميع الأطراف، ودراسة المحتوى المقدم للطفل.
من جانبه، تساءل عضو الهيئة الوطنية للصحافة الدكتور محمود علم الدين، قائلا: «ماذا يقرأ الطفل وماذا نقدم له نحن وماذا يقدم الآخرون؟، فالدراسات تؤكد أن الطفل لم يعد يقبل على القراءة على الإطلاق وإنما يقبل على الأفلام الكارتون، والألعاب الإليكترونية، وتطبيقات الهاتف المحمول، ومواقع التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي توقف محتوى وشكل الإصدارات عند شكل غير جاذب على الإطلاق، مع تصور أن المحتوى الجاذب لا يخرج عن الألغاز».
وأوصى الحضور التأكيد على أهمية دراسة المحتوى الاعلامي الموجه للطفل المصري وتقويمه، نظرا لخطورة دوره وتأثيره في بناء وتنمية وتطوير شخصية الطفل في ظل تصاعد المخاطر السياسية والاجتماعية والثقافية، من خلال القيم والأخلاقيات والمفاهيم التي تنقلها بعض الوسائل الإعلامية الموجهة للطفل والوافدة من الخارج.
وبحسب بيان للهيئة عقب اللقاء، اعتبر الحاضرون أن المحتوى الموجه للطفل يستهدف التأثير في الدولة المصرية وصمودها واستقرارها، من خلال محاولة تشكيل وصياغة شخصية الطفل المصري، وفق الأطر والقناعات التي تخدم أغراضها، على أن تشارك مؤسسات الدولة المعنية في محتوى جديد يتناسب مع طبيعة المرحلة ضمن تثبيت أركان الدولة.
كما أوصى الحضور دراسة البدائل الاقتصادية لإنتاج صحافة أطفال جاذبة وقادرة على تحقيق التعادل الاقتصادي، من خلال الدراسة المتعمقة لاحتياجات الطفل، وتحديد المحتوى الملائم والشكل، ثم طرح تلك الإصدارات الصحفية على وكالات التسويق والإعلان بشكل تنافسي.
وطالب الحضور بدعم التعاون بين المؤسسات الصحفية القومية في تطوير المحتوى الاعلامي والصحفي الموجه إلى الطفل، فضلا عن تشجيع الكوادر الشابة المبدعة في مجال إنتاج المحتوى الموجه إلى الطفل سواء كان هذا المحتوى مكتوبا أو رقميا، مع تشجيع المبادرات التي تطلقها المؤسسات الصحفية في مجالات تشجيع القراءة وتطوير المحتوى الرقمي بالتعاون مع مؤسسات الدولة والجهات العربية والدولية.
وأكد الحضور على ضرورة الاهتمام بالمكتبات المدرسية وتزويدها بشكل مستمر بالجديد والمفيد والمناسب لاحتياجات واهتمامات الأطفال في المراحل العمرية المختلفة، والتنسيق في هذا الصدد بين الهيئة الوطنية للصحافة ووزارة التربية والتعليم، مع حتمية عودة الأنشطة المدرسية إلى دورها المأمول في شغل أوقات فراغ الطلاب وتكوين وتنمية شخصياتهم ومهاراتهم قدراتهم الإبداعية.
وأعلن الحاضرون، في نهاية الاجتماع، عن قيام الهيئة الوطنية للصحافة بتنظيم ورشة عمل حول تطوير صحافة الأطفال في مصر يشارك المسئولين عن صحافة الأطفال والخبراء وأساتذة التربية وعلم النفس والطفولة، وكذلك تم الاتفاق على توقيع بروتوكول تعاون بين قناة «تن» برئاسة الدكتور نشأت الديهي، ومجلة «الهلال» برئاسة خالد ناجح، في مجال التبادل الإعلامي والإعلاني والتدريب المشترك بين القناة والمجلة.