مع الذكرى الأولى لاستقلال دولة جنوب السودان، أجرت «الشروق» أول حوار مع سفيرها فى مصر، أنطونى كون، الذى أصبح سفيرا معتمدا لدى مصر منذ شهر واحد فقط وكان قبل ذلك سفيرا لدولة السودان قبل الانفصال فى غانا.
وأكد «كون» أن هناك علاقة جيدة ووطيدة تربط جنوب السودان مع مصر، مثلما أن لدولته علاقة جيدة، أيضا، مع إسرائيل، وفى رسالة مطمئنة أكد أن دولة الجنوب لن تقف فى أى مؤامرة ضد مصر للحد من حصتها فى مياه النيل.. وإلى نص الحوار:
• كانت هناك خطط بديلة لمد انابيب للنفط ليس بالضروره الاعتماد على الأنابيب التى تمر من شمال السودان ولا الاعتماد على المرافق التى يوفرها شمال السودان هذه الخطة البديلة كيف سيتم تمويلها؟
ــ اتصلنا بدول كثيرة، اتصلنا بالصين وشركات بالأمم المتحدة وبدول عديدة على أساس أنها تمول خطوط الأنابيب التى ستمتد من جنوب السودان إلى مومباسا لامو فى كينيا وإلى جيبوتى فى نفس الوقت.
• كيف يمكن لعلاقاتكم مع الصين أن تؤثر على علاقاتكم مع الولايات المتحدة الامريكية وذلك بالنظر لما حدث مع دولة السودان فى مجال الاستثمار وهل يكلفكما ذلك الكثير على المستوى السياسى؟
ــ الولايات المتحدة علاقاتنا معها متطورة وممتازة وكذلك الصين كل يوم هناك تطور رغم انها علاقات حديثة ونتطلع إلى أن تستمر هذه العلاقات بإذن الله ولا يمكن أن تؤثر هذه على تلك.
• هل ما زلتم متمسكين بإقليمى «هجليج وأبيى» لأن الجنوب أصبح يمتلك 73% من موارد جمهورية السودان؟
ــ نحن بين نارين.. إما أن نتخلى عن أراضينا فى سبيل كسب ود الخرطوم والبترول ولكن اخترنا ان يكون لدينا كرامة وأن نستعيد جميع أراضينا ورفضنا كل شىء، وهذا هو الهم الأول. وموضوع إقليم «أبيى» موضوع كرامة ولن نفرط فيها أبدا لأنها أرض أجدادنا.. هذه أرضنا وهى فوق موضوع البترول وفوق كل شىء ونحن سنسعى بكل ما نملك من إمكانات لاسترداده.
• أتقصد أنه ما زال هناك استعداد لديكم للمراهنة على الحروب بدلا من الحل السياسى بعد مقتل أكثر من مليونين من الدولتين؟
ــ من يقتل الناس هم حكومة الخرطوم ونظام الخرطوم لانه شرد الاهل.. ويموتون من جراء الأمراض.. هو من يقتلهم، وفى نفس الوقت سنستخدم كل الطرق والمساعى الدولية والمفاوضات.
• هل هناك أى دول مانحة تدعم هذا التسليح لخوض المعارك؟
ــ فى الوقت الحالى لا يوجد اقتتال ولكن هناك مفاوضات ونعمل على أن تتوصل هذه المفاوضات إلى حلول لحل القضايا العالقة بين الدولتين.
• نظام البشير يتهمكم دائما بأنكم من تحرضون الشعب فى شمال السودان للتظاهر ضده وأنكم تشعلون الاحتجاجات.. ما تعليقك؟
- لسنا طرفا فيما يحدث داخل السودان.. هذا أمر وشأن داخلى اما اتهامات السودان فهذا غرض فى نفس يعقوب، الخرطوم تريد دائما أن تسىء إلى سمعة الجنوب امام الجانب العربى والاسلامى وتقدمها باعتبار أن الجنوب تدعم الحركات فى جمهورية السودان.
• ما استراتيجية تعامل جمهورية جنوب السودان مع العالم الخارجى ودول العالم بشكل عام والمنطقة بشكل خاص؟
ــ لدينا علاقات ممتازة مع الدول العربية منها الإمارات ومصر وقطر ولدينا مصالح لدى هذه الدول ولديها مصالح هى أيضا لدى الجنوب ولدينا علاقات متميزة مع دول العالم ولدينا انفتاح كبير.. والمشكلة الوحيدة ان الاعلام ونظام الخرطوم دائما ما يصور الجنوب على أنه عدو للعالم الإسلامى والعربى وهو موالٍ لإسرائيل وهذا ليس صحيحا.
• وهل تنفى أى علاقة لكم بإسرائيل؟
ــ نحن لدينا علاقات مع اسرائيل، وهذه العلاقة لا تستهدف أى دولة.. نحن نستغرب من ان الدول العربية لديها علاقات مع اسرائيل وفى نفس الوقت توجه أصابع الاتهام لنا نحن دولة مستقلة ونبنى علاقاتنا على المصالح المتبادلة مع أى دولة.
• ولكن إذا كان هناك بعض الشروط التى وضعت على جنوب السودان بشأن العلاقة مع إسرائيل.. فما هو الخيار فى هذه الحالة؟
ــ نحن دولة فى محيط افريقى ونتعامل مع جميع الدول.. ونحن دولة مستقلة لنا أن نتعامل من منطلق مصالحنا وموضوع إسرائيل والعرب هذا موضوع أزلى وصراع من فترة طويلة من ايام سيدنا سليمان وليس لنا علاقة به، لماذا يريدون إقحام دولة الجنوب فى ذلك؟ نحن دولة صغيرة وعلى العرب الا يقحموا الجنوب فى ذلك، هذا هو الموضوع بكل بساطة.
• ماذا عن العلاقة مع الجنوب الأفريقى كما فى الموقف من اتفاقية عنتيبى والاتفاقية الإطارية؟
ــ أولا بالنسبة لعنتيبى نحن فى دولة الجنوب نقول إن النيل ملك لكل الدول المطلة عليه وأى قرار بخصوص النيل يجب أن يكون جماعيا من كل دول الحوض، ونحن ملتزمون بان مصر لديها حقوق فى مياه النيل شأنها شأن البلدان الأخرى، ونحن فى الجنوب لدينا علاقات ممتازة مع القاهرة ولم ولن نكون طرفا فى أى معادلة أو أى مؤامرة أو أى عمل ينتقص من حقوق مصر من المياه وهذه هى استراتيجيتنا.. مصر لدينا معها علاقات ممتدة ولن نفرط فى هذه العلاقات أبدا.
• كانت هناك مساهمات لوجيستية من مصر عند إعلان استقلالكم فهل هناك أى دور متوقع فى عملية تنمية دولة الجنوب فى المرحلة المقبلة؟
ــ مصر موجودة فى جنوب السودان منذ زمن بعيد وقدمت الكثير ومازالت موجودة فى كل المجالات فى التعليم والصحة مستشفيات ومولدات محطات كهرباء وهى موجودة فى كل شىء ونحن نمتن لها كثيرا على ذلك.
• وعلى مستوى الدول العربية؟
ــ كان هناك لقاء الثلاثاء الماضى مع أمين عام جامعة الدول العربية، فى زيارة كانت ودية وتباحثنا فى عدة مشروعات كانت تطالب بها الجامعة العربية لإعادة تنمية جنوب السودان وتباحثنا فى العلاقة بيننا وبين جمهورية السودان وشرحنا وجهة نظرنا فى هذه العلاقة وطرحنا رؤيتنا فى حل الأزمة.
• هل عرضت عليكم عضوية الجامعة؟
ــ العرض موجود منذ استقلال جنوب السودان العام الماضى.. لكننا ما زلنا ندرس هذا الطرح وسوف نبلغهم بالرد لكن حتى الآن لم تكتمل أركان الدولة مما يجعنا متأخرين.
• علاقاتكم مع مصر إلى أين وصلت وشكل هذه العلاقة مستقبلا؟
ــ أنا بصفتى سفيرا أحمل دعوة من قبل الرئيس سلفاكير لرجال الأعمال والمستثمرين المصريين للعمل بدولة جنوب السودان، فبيننا علاقات تاريخية تربط بين بلادنا ومصر، وستشهد ازدهارا وتقدما فى مختلف المجالات فى المرحلة القادمة، وأنا أعرب عن تقدير حكومة جنوب السودان لدور مصر الرائد الذى لعبته فى مساندة حركات التحرر الافريقية والدعم الكامل لثورة الجزائر والثورات الأفريقية الأخرى.
• ما أهم المجالات الاستثمارية فى جنوب السودان؟
ــ هناك مجالات متعددة للاسثمار تحتاجها جنوب السودان وخاصة فى مجال الصناعة والبنوك وتقوية البنية التحتية فى مجال العقارات والطرق والكبارى والإسكان والاستفادة من إمكانيات مصر والمنطقة العربية فى مجال التدريب والتعليم، وأريد أن أوضح ان الاستثمار فى الجنوب سهل لاى مواطن ويدون اى عوائق فى مختلف المجالات مثل الزراعة والتجارة لما تملكة دولة الجنوب من مساحات كبيرة ومياه متوافرة وتحتاج إلى الاستثمارات لتحقيق الأمن الغذائى للمنطقة العربية والأفريقية.
• كيف ترون الفترة الانتقالية التى تمر بها مصر؟
ــ أنا حضرت هنا منذ شهر تقريبا ومن الصعوبة بمكان الحديث عن الأوضاع لأننى ما زلت أدرس الأوضاع داخل مصر لكن يمكننى القول أننا نتمنى ونأمل ان يكون هناك استقرار ووحدة وطنية فى مصر لأن ذلك من مصلحتنا لأن استقرار مصر هو استقرار للمنطقة بصفة عامة ونحن فى جنوب السودان بصفة خاصة.
• لماذا تعتقد ذلك؟
ــ لأن العلاقات مع مصر قديمة ومتطورة ولا تتأثر بالحكومات والأشخاص وهى موجودة ومتطورة.. وهناك عدد متزايد من المصريين فى الجنوب ويعملون فى مجالات متعددة، ومصر قدمت خدمات كثيرة كما أن هناك رحلة طيران يومية بين مصر والجنوب.