من صفر إلى ما لا نهاية: كيف أحدثت الهند ثورة في الرياضيات قبل الغرب بقرون؟ - بوابة الشروق
الثلاثاء 30 أبريل 2024 7:40 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من صفر إلى ما لا نهاية: كيف أحدثت الهند ثورة في الرياضيات قبل الغرب بقرون؟


نشر في: السبت 23 فبراير 2019 - 3:26 ص | آخر تحديث: السبت 23 فبراير 2019 - 3:26 ص

كما هو الحال مع الصين، اكتشفت الهند مزايا النظام العشري منذ أزمان طويلة، فقد بدأوا باستخدمامه منذ القرن الثالث.

إنه النظام الذي نستخدمه حاليا، والذي تحدد فيه مواقع الأعداد قيمتها، سواء كانت من العشرات أو المئات أو الآلاف، وهكذا.

لا نعرف كيف اكتشفوا النظام العشري، ولكنهم بالتأكيد طوروه وأتقنوه، ووضعوا أساس الأرقام من واحد إلى تسعة التي تستخدم في شتى أرجاء العالم. كما أنهم اخترعوا الرقم صفر.

إمبراطور الصين جامع 121 امرأة في 15 ليلة وفق حسابات رياضية
جائزة فيلدز العالمية في الرياضيات تُسرق من لاجئ كردي
هل تعاني من رهاب الرياضيات؟
ليس مجرد مكان خال
يعود أول استخدام مدون للرقم صفر إلى القرن التاسع، ولكن من المرجح أنه كان مستخدما قبل ذلك بمئات أعوام.

وجد الرقم الغريب مدونا على جدار معبد صغير داخل قلعة غوايلور وسط الهند.

وأصبح المعبد مكانا مقدسا في مجال الرياضيات، لأنه يضم الرقم صفر.

وقبل أن تخترع الهند هذا الرقم، لم يكن موجودا.

وفي مصر القديمة وبلاد ما بين النهرين والصين، كان الصفر معروفا ولكنه كان مجرد مكانا خاليا.

وكان الهنود هم من حولوه إلى رقم.

وأحدثت هذه القفزة في المفاهيم الرياضية ثورة في الرياضيات

ومنذ ذلك الحين أصبح من الممكن تكوين أرقام ذات حجم ضخم بكفاءة تامة.

كيف اخترعوا الرقم صفر؟
لن نعرف ذلك قط على وجه اليقين، ولكن من المحتمل أن الفكرة والرمز المستخدمين للإشارة للصفر كان مصدرهما العمليات الحسابية التي كانت تجرى على الأرض باستخدام الأحجار.

عند إبعاد الأحجار المستخدمة في العمليات الحسابية، كانت تخلف فجوة دائرية، تمثل الانتقال من شيء إلى لا شيء.

ولكن يوجد أيضا سببا "حضاريا وثقافيا" وراء اختراع هذا الرقم.

تمثل مفاهيم اللاشيء والأبدية جزءا من نظام المعتقدات في الهند.

ويمثل مفهوم اللاشيء جزءا من تعاليم الديانات البوذية والهندوسية.

ولا غرابة إذن أن تهتم حضارة تحتضن مفهوم اللاشيئ ضمن تعاليمها بالصفر.

واستخدم الهنود كلمة "شونيا"، التي تمثل المفهوم الفلسفي للفراغ، للتعبير عن المصطلح الرياضي الجديد.

من صفر إلى ما لانهاية
وأوضح عالم الرياضيات الهندي الشهير براماغوبتا السمات الرئيسية للصفر في القرن السابع.
وما زالت حساباته الأساسية الخاصة بالصفر تستخدم في المدارس في شتى بقاع العالم.

1 + 0 = 1

1 - 0 = 1

1 x 0 = 0

ولكن براماغوبتا واجه تحديا كبيرا عندما حاول قسمة واحد على صفر.

ما هو الرقم الذي ضرب في صفر يساوي واحد؟

تطلب الأمر مفهوما رياضيا جديدا: ما لانهاية.

ما لا نهاية هو المفهوم الوحيد الذي قد يقدم معنى للقسمة على صفر.

واكتشف مفهوم ما لا نهاية عالم الرياضيات الهندي باسكارا، الذي استحدثه في القرن الثاني عشر.

وكيف تم ذلك؟
إذا أخذت ثمرة فاكهة وقسمتها نصفين، تحصل على قطعتين.

وإذا قسمتها على ثلاثة، تحصل على ثلاثة أجزاء.

وستؤدي المزيد من عمليات القسمة إلى أجزاء أصغر والمزيد من القطع.

وفي نهاية الأمر سنحصل على عدد لا نهائي من الأرقام.

وخلص باسكارا إلى أن القسمة على صفر تساوي ما لا نهاية.

ولكن الحسابات باستخدام الصفر نتائجها أبعد من ذلك.

بينما كان من المقبول أن 3 - 3 = صفر، فماذا سيكون ناتج 3 - 4؟

ما يبدو أن الناتج لا شيء، ولكن الهنود أدركوا إنه نوع جديد من اللاشيء: الأرقام السالبة

تمكن الهنود من الوصول إلى الأرقام السالبة والصفر، لأنهم تصولوا لرؤيتها كمفاهيم مجردة.

الأرقام لم تكن مجرد شيء للعد أو القياس، فلها حياة مستقلة منفصلة عن الواقع.

هذا الأسلوب في التفكير أدى إلى توسع كبير في الأفكار الرياضية.

س وص
كشف المنظور التجريدي الهندي للرياضيات طرقا جديدة لحل المعادلات التربيعية، التي تضم الأعداد المربعة.

وقد سمح فهم براهماغوبتا للأرقام السالبة بإدراك أن المعادلات التربيعية سيكون لها دائما حلين، وسيكون أحدهما سالبا.

كما أنه أيضا حل معادلات بمتغيرين س وص.

ولم يحدث هذا التقدم في الغرب إلا عام 1657، عندما قدم عالم الرياضيات الفرنسي بيير دو فيرما حله، دون أن يكن على دراية بأن زملاءه الهنود توصلوا لما خلص إليه قبل ذلك بألف عام.

طور براهماغوبتا أيضا لغة جديدة للتعبير عن الحلول لهذه المعادلات. بينما كان يجرب سبلا لتقديم حساباته، استخدم الحرفين الأولين من اسمي لونين للتعبير عن المتغيرين.

أدى ذلك إلى استخدام الرمزين، س وص، المستخدمين إلى وقتنا هذا.

ولم ينته الأمر عند ذلك
كان علماء الرياضيات الهند مسؤولين عن عدد من الاكتشافات في حساب المثلثات.

كان الإغريق أول من طوروا ما يمكن تسميته قاموسا يترجم حساب المثلثات إلى أرقام والعكس.

ولكنن الهنود طوروا الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك.

استخدموا حساب المثلثات لدراسة العالم حولهم، ويشمل ذلك الإبحار وحساب المسافات في الفضاء.

وقام علماء الرياضيات الهنود، على سبيل المثال، بحساب المسافة بين الأرض والقمر وبين الأرض والشمس.

كما توصل علماء الرياضيات الهنود إلى حل لغز واحد من أهم الأرقام في الرياضيات: النسبة الثابتة (Pi)

والنسبة الثابتة هي القيمة الرقمية للنسبة بين محيط الدائرة وقطرها.

إنه رقم يستخدم في أنواع كثيرة من الحسابات ولكن له أهمية خاصة للمهندسين والمعماريين، لأن كل قياساتهم تستخدم انحناءات تتطلب النسبة الثابتة.

وعلى مدى قرون، حاول العلماء التوصل إلى القيمة المحددة للقيمة الثابتة.

ولكن في القرن السادس توصل عالم الرياضيات الهندي أرياباتا إلى رقم محدد: 31416.

كما استخدمه أيضا لقياس محيط اأرض، وتوصل إلى أنه 39968 كيلومترا، وهو رقم قريب للغاية من الرقم الذي نعرفه حاليا 40074 كيلومترا.

وأدرك مادافا أنه بإضافة وطرح كسور مختلفة يمكن التوصل إلى الصيغة المحددة للقيمة الثابتة.

وما زالت هذه الصيغة تدرس في العديد من الجامعات في العالم كما لو كان مكتشفها هو عالم الرياضيات الألماني غوتفريد غوتفريد لايبنيز في القرن السابع عشر.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك