في 23 أغسطس عام 1944 ولد الكاتب المصري محسن زايد، الذي كتب للسينما والتليفزيون، وحول أعمال أدبية لنجيب محفوظ إلى قصص على الشاشة.
ومن الأعمال التي كتبها للتليفزيون عن روايات لمحفوظ "السيرة العاشورية" بأجزاءها، والتي كانت من بطولة نور الشريف، و"الحرافيش"، وثلاثية محفوظ "بين القصرين"، و"قصر الشوق"، و"السكرية"، ومن أفلامه السنيمائية "قلب الليل" و"المواطن مصري" و"أيوب" و"فرحان ملازم آدم".
يظل العمل الأكثر جدلاً ومتابعة هو "حديث الصباح والمساء"، والذي لا يزال نجومه يحتفلون به حتى الآن في حلقات تليفزيونية ترتبط بأحاديث كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي عن تفاصيل العمل وأبطاله، وهو مأخوذ عن رواية نجيب محفوظ، وكتب المعالجة التليفزيونية لها الراحل محسن زايد، وإخراج أحمد صقر.
كيف حول زايد الحروف إلى مشاهد؟
حديث الصباح والمساء هي رواية صدرت في عام 1987 لنجيب محفوظ عام، وعُرض المسلسل عام 2001 من بطولة مجموعة كبيرة من الفنانين من بينهم ليلى علوي، وأحمد خليل، وأحمد ماهر، وسوسن بدر، وتوفيق عبدالحميد، ودلال عبدالعزيز، وخالد النبوي، وإبراهيم يسري، وعبلة كامل وسلوى خطاب.
تقوم رواية محفوظ على سرد كل الشخصيات وحكى عن صفاتها الجسمانية والأخلاقية وموقف كل شخصية تجاه الحياة والتفاعلات الدائرة، وبدأ الرواية بالأحفاد آخر الجيل الذي يحكي عنه مثل أمير سرور عزيز، وحامد عمرو عزيز، وحسن محمود المراكيبي، وحليم عبدالعظيم داوود، وجميعهم أحفاد للشخصيات الرئيسية للعمل وهم عطا المراكيبي، وداوود وعزيز المصري، أبناء يزيد المصري، وسار في الرواية بطريقة سردية وفق ترتيب الحروف، فكل شخصية اسمها وفق أول حرف فيها ثم صفاتها وتفاعلاتها مع الآخرين وهكذا.
أما محسن زايد بدأ العمل بترتيبه الزمني المنطقي من البداية بيزيد وعطا المراكيبي الصديقين المتجاورين في نفس المنزل، وجرت الأحداث في تسلسل تاريخي واحد من القديم إلى الحديث.
لم يتناول زايد في المسلسل شخصيات الأحفاد المذكورة في الرواية بل اكتفى بالجيل الأول، كيزيد وعطا، والجيل الثاني مثل عزيز وداوود، والثالث أبناءهم، وفي الرواية شخصية أساسية ضمن شخصيات الأحفاد وهو قاسم الابن المفضل لجليلة أحد بطلات الرواية، ولكن المدة الزمنية للمسلسل لم تسمح بعرض كل الشخصيات.
لم يغير زايد كثيراً في رسم الشخصيات على الشاشة فكانت جميعها مطابقة للرواية، على سبيل المثال كان عطا المراكيبي، الرجل الفقير، الذي تزوج امرأة غنية أحبته مطابق للرواية بشكل كبير، فمواقفه السياسية تجاه الإنجليز وثورة عرابي، والخديو لم تتغير عن الرواية فهو نفسه الشخص المادي الذي يبحث عن مصالحه بغض النظر عن الوطن الذي يعيش فيه.
شهور من التفكير للوصول لكتابة العمل، وكيفية تحوليه من أسماء متسلسلة وفق أبجديتها كل منها يحمل قصته ووجهة نظره إلى قصة تعرض على الشاشة، كذلك صرح محسن زايد في حوار صحفي بنفس العام الذي عرض فيه المسلسل.
ووجد محسن زايد ضالته في مجموعة قصصية له، وهي "عندما اجتازت صفية الباب" ومن هذه القصة استوحى شخصية النقشبندي التي بدأت بها أولى حلقات المسلسل، وقد أضافت هذه الشخصية نوع من الفانتازيا والخيال إلى العمل.
ويروي زايد: "بطل القصة عندما اجتازت صفية الباب تائه بعد غياب طويل ورغم الظلام رأى بيت عتيق متمدد كما هو في ساحة الحارة التي ازدادت ضيقاً.. رفع يده إلى مقبض الباب وظل يطرق الباب وفي لحظة اليأس ينفتح ليرى وجه جده مشرقاً بحاجبيه ولحيته البيضاء وبيده مصباح والآخرى كتاب ومن هنا رسمت شخصية النقشبندي".
لماذا هاجم محسن زايد المسلسل بعد عرضه؟
في ديسمبر من عام 2001 أي بعد شهور من عرض مسلسل خرج محسن زايد عن صمته يتحدث في حوار لصحيفة الأسبوع بعنوان "لا تسألوني عن أخطاء حديث الصباح والسماء".
بعد أن تحدث زايد عن كيفية وضع معالجة للمسلسل والسيناريو، وجه حديثه إلى مخرج المسلسل أحمد صقر، وقال: "أريد أن أوضح شيء بسيط وهو أن هناك مشاهد كثيرة لم يتم تصوريها، وأريد سؤال المخرج عن أسباب ذلك...".
ومن المشاهد التي تم حذفها، وفقا لحديث زايد، ما يتعلق بتولي محمد علي حكم مصر وعزل خورشيد باشا، وقال: "اسقاط جزء من الأحداث بعدم تصويره من الأساس لابد أن يحدث ربكة، فهل أنا المطالب بالإجابة عن بعض الأخطاء أم من..."، وطالب محرر الحوار بألا يوجه له أي أسئلة تتعلق بالتنفيذ وأن يلتزم بالحديث عن النص.

وعبر زايد حينها أيضاً عن اعتراضه على ما ظهر على الشاشة في علاقة عطا المراكيبي وهدى هانم، وقال: "أوضحت في الورق أنها بالاحتكاك معه ترى أن تقتنيه لأن يده خشنة ولا توجد في طبقتها يد كهذه، لأنها أٌعجبت بقيمة العمل، هذا ما قصدته أما ما رأيته على الشاشة من تفسير جنسي فلا علاقة لي به... لم أرد أن أكلم الناس في القضية التي تعبت فيها عن فستان واحدة أو شعرها أو قوة شخص استعرضها في حمل الأثقال.. إنني حزين مما حدث لمسلسل تعبت في كل حرف فيه".
وعلق أثناء حديثه "إنهم لم يقرأو الرواية"، معبراً عن انزعاجه من ذلك ونسب أشياء غير حقيقية لها مثل أن بها أشياء خارجة، وانزعج أكثر من إلصاق كتابة المسلسل لمدحت العدل وعدم ذكر اسمه على لسان أحد أبطال المسلسل.