الكبرياء الصينى أولى رواياته.. وهناك 3 روايات قادمة.. خيري بشارة: أنا طموح وأعشق التجريب.. وجزء من علاقتى بالسينما هو عشقي للأدب - بوابة الشروق
الأربعاء 22 مايو 2024 12:25 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الكبرياء الصينى أولى رواياته.. وهناك 3 روايات قادمة.. خيري بشارة: أنا طموح وأعشق التجريب.. وجزء من علاقتى بالسينما هو عشقي للأدب

تصوير - داليا مصطفى
تصوير - داليا مصطفى
حوار ــ سامح سامى
نشر في: الجمعة 27 يناير 2023 - 8:00 ص | آخر تحديث: الخميس 16 فبراير 2023 - 5:26 م

ــ الأدب العظيم انعكاس لصورة الذات فى قوتها وضعفها.. وبكل ما تحمله من ذاكرة وهموم... روايتي هي تطهري وخلاصي

ــ لا أبحث عن أى مجد من أى نوع وأحببت الرواية وأعتبرها أجمل امرأة

ــ لم أزر الصين مطلقا... ولكن بحثت بدأب وتعمقت... وحين صارت رأسي صينية بدأت أكتب روايتي

ــ أعشق نجيب محفوظ ويوسف إدريس وماركيز وقرأت تشيخوف منذ الصغر

ــ وجدت حريتي المطلقة واستمتعت بها في كتابة الرواية لأنها عمل فردي محض بينما السينما عمل جماعى

خيرى بشارة..

لا يكتفى برحلته الطويلة فى صناعة السينما وجنون التجريب والتمرد الذي لازمه طوال الرحلة... فقرب عامه السادس والسبعين يكتب رواية بديعة بعنوان «الكبرياء الصينى» فيها الكثير من روحه القلقة وتعكس صورة الذات بمفهوم الكاتب الإنجليزي كولن ويلسون صاحب الكتاب الشهير « اللامنتمي»، الذي ألح في كتابه فن الرواية، علي أن الروايات المهمة في تاريخ الأدب هي التي عكست صورة الذات، بما تختزنه من ألم وفرح وقلق وغيرها من المشاعر التي شكلت الوجدان والعقل عبر تجارب الحياة الثرية، واعتبر كولن ويلسون أن رواية «الحرب والسلام»، للكاتب الروسى تولستوى، هي أفضل عمل أدبى لأنه عكس صورة الذات بإمتياز.

تلمع عيناه عند كل إجابة، يتحرك يمينا وشمالا لكى يرى الكون من حوله ليقول: اسمعونى ماذا أقول.. فكل ما أفعله فى الحياة ينبع من حب الشخص الهاوى وليس المحترف.

من بعيد يعرف أى شخص روح خيرى بشارة الطائر كريشة خفيفة فى الحياة، لكن من يستمع إليه مباشرة ويجلس معه يتأكد من تلك الروح المحبة للحياة... صدر  يحيى الطاهر عبدالله روايته « الطوق والأسورة» بتلك الكلمات: للشجر المورق العالي.. وللريح المغنية وللانسان- علي الأرض ذات الخير- في قوته وضعفه، وفوق التصدير خط بيده الإهداء: لخيري بشارة: صديقي واخي.. محب الحياة... كاره الموت.. وعاشق مصر.. وعبر الشاعر عبد الرحمن الأبنودي بسخريته المعهودة بصورة مختلفة وهو يهدي إليه بخط يده نسخة من كتابه " الموت علي الأسفلت": إلى المخرج العبقرى خيرى بشارة لعنة الله عليه.

بشارة صاحب بصمات مهمة فى عالم السينما إلا أنه اليوم كاتب رواية عن أجواء مصرية وصينية شديدة الغرابة وبالغة العذوبة فى عمل تجاوز الــ 500 صفحة، وتحت عنوان له فلسفة خاصة لديه وهو «الكبرياء الصينى»، صادرة حديثا عن دار الشروق.

يرى بشارة أن العمل فى السينما عمل جماعى يحتاج تضافر الكثير من الجهود، إلا أنه اكتشف أن الكتابة فى الأدب تتمتع بالحرية أكثر كونه عملا فرديا لا يتطلب الكثير من الأدوار، وقال فى حواره مع جريدة الشروق: إنه تعمق بالبحث والقراءة لسنوات فى الفنون والثقافة الصينية، قبل أن يقرر أن يكتب أولى رواياته المنشورة عن الصين وفوجئت بأنه لم يزرها من قبل. فى تلك الرواية يعود بشارة مرة أخرى لممارسة حبه الأول وهو الكتابة التى بدأها منذ الصغر إلا أنه لم ينشر أعماله من قبل، واعدا بنشر أعماله الأدبية التى يكتبها الآن، وهى 3 روايات وديوان شعر. ولما لا طالما نحن نعيش لنجرب ولنحيا فى مغامرة كبرى...

> من هو «هانى يان» الصديق الذى كتبت الإهداء له «الذى كانت حكاياته عن أبيه مصدرا أساسيا لإطالق عنان الخيال؛ كى أنسج حكايتى»؟

- أريد أن أشير فى البداية إلى قصة طريفة، فى بولندا عام ١٩٦٩، تناولت للمرة الأولى الطعام الصينى بدعوة من صديقتي البولندية التي وقعت في غرامها وتزوجتها في نهاية ذلك العام، وحين عدنا إلي مصر صرحت زوجتي البولندية ذات يوم فجأة عن اشتياقها إلي تناول الطعام الصيني، وكانت مهمة مقدسة أن أجد لها مطعما صينيا، وحين بحثت جيدا عن الأماكن التى تقدم الطعام الصينى فى مصر؛ لم يكن هناك غير مطعمين أقدمهما مطعم «فوشينج» في عمارة أبو رجيلة بجوار سينما أوديون الذي فتح أبوابه عام ١٩٦٢ وثانيهما مطعم «بكين» الذي افتتح بعدها بعام واحد فقط، فرحت زوجتي كثيرا حين أخذتها إلي ذلك المطعم الذي صرنا نتردد عليه كثيرا ومع منتصف ثمانينيات القرن الماضي تعرفت علي ابن أحد المالكين الرئيسيين للمطعم، ولم يكن سوي هانى يان، الذي درس في معهد السينما وزامل المخرج شريف عرفة، وأخرج فيلما واحد هو «وعد ومكتوب» عام ١٩٨٢، وقد سمح لي بتصوير المشهد الذي يسأل فيه حسين الإمام ماذا سيفعل أحمد زكي حين يجد مالاً في قبضته، وهوأول مشهد في فيلم مصري يصور في مطعم صيني، من بعدها صار هانى يان صديقا، وباتت تجمعنا علاقة قوية، وفي عز هذا الغلاء الذي نعيشه يعطيني هاني تخفيضا هائلا 50% علي الديلفري، لأنه يعلم مدي حب زوجتي للطعام الصيني. 

بسبب قربي منه؛ هناك قصة آلمتنى ولم تمح من الذاكرة حتى كتابة الرواية، وهي قصة اختفاء والده الذي كان قد تحقق وأصبح واحدا من أكبر تجار الأنتيكات  ثم تم العثور عليه بعد عدة أيام من البحث المضني؛ وهو يفترش أحد الأرصفة في شارع شبرا.

لم يبارح رأسي رغم مضي السنوات هذا الحادث المؤلم القاسي، وتخيلت في الرواية أن الإختفاء كان لرغبته في العثورعلي البيت الكبير فى الصين داخل مصر، أثر فىَّ هذا الموقف وظل يطاردني لسنوات طويلة، وجعلنى أشعر بضرورة الكتابة عنه، أو القيام بتصوير فيلم يجسد رحلته من الصين إلي مصرحتي أصل إلي تلك اللحظات القاسية في حياته.

طوال الوقت كانت لدى محاولات فى الكتابة سواء رواية أو شعر حر أو حتي تسجيل أحلامي وكوابيسي، ولكنها كانت محاولات غير مكتملة وسرية للغاية، وكنت أميل لكتابة السيرة الذاتية فى فترة ما ثم توقفت، وفي عام ١٩٧٤ قمت بإخراج فيلمى التسجيلي الأول، وفي عام ١٩٧٦ قمت بإخراج فيلمي الروائي الطويل الأول؛ ولكنه تعثر بعد تصويره، ولم استطع تشطيبه إلا بعد ٤ سنوات؛ لأنه كان انتاجا مشتركا مع الجزائر وهناك تعقيدات مع التجربة، في فترة التوقف هذه خفت معها أن أنسى تجربتى التسجيلية، لذا بدأت بالفعل في الكتابة عن أفلامي التسجيلية الثلاثة الأولي في كتاب «السينما والواقع» الذي صدر عن مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة الدورة ٢٣ لعام ٢٠٢٢.

> متى شعرت بأن التأثر بالقصة سالفة الذكر سيدفعك للكتابة؟

ــ فى منتصف التسعينيات، قبل موت الأب بحوالى ثلاثة أعوام.

> لماذا اللجوء إلى الأدب وهو وسيلة تعبير مختلفة وربما أقل تأثيرا فى الجماهير؟ هنا لا نتحدث عن علاقتك بالأدب والسينما مثل فيلم الطوق والأسورة ليحيى الطاهر عبدالله أو فيلم آيس كريم فى جليم عن قصة لمحمد المنسى قنديل؟ لماذا أقدمت على كتابة «رواية» وليس إخراج فيلم؟

أعتقد أنني قارئ جيد وقد تأثرت بالأدب بصورة عميقة، وأشعر وأنا أصنع أفلامي كما لوكنت أكتب روايات، الخيال الأدبي يقود خيالي السينمائي، لأن الأدب هو من ساعدني علي فهم الحياة والبشر بصورة أفضل وأكثر عمقا وفي مساحات مفتوحة تتجاوز حتي الكون المنظور.

أول كتاب قرأته فى حياتى، كان ترجمة مجموعة من القصص والروايات القصيرة  للكاتب الروسى أنطون تشيخوف وترجمة الدكتور محمد القصاص، كنت أبلغ حينها 14 عاما، وكانت أول قصة في الكتاب علي ما أتذكر هى «موت موظف»، وقد أصبحت بعدها مدمنا لقراءة الأدب الروسي الذي كانت له ترجمات ممتازة في الستينيات، وعلي فترات متباعدة أجد نفسي منجذبا نحو تشيخوف فأعيد قراءته واكتشافه.

تأثير تشيخوف على السينما لدى كبير للغاية، لأنه وطد علاقتي بالتفاصيل، دوما ما كان يقول لى من يشاهد أفلامى الروائية أن بها روح تسجيلية، وهذا ببساطة لأنني خرجت من معطف تشيخوف، وهناك أسماء أخرى تستهويني فى الأدب، من أمثال بلزاك وزولا وجوركي وهيمنجواى وفولكنر وماركيز وكونديرا وفرانتي.

كنت وأنا أكتب رواية الكبرياء الصيني غارقاً في عالمها ومنفصلا تماما عن عالمي الأرضي، وحينما قرأ هانى يان مخطوطة الرواية استغرب كثيرا، بسبب صدق ما أحكيه بحيث يكاد خيالي يلامس الواقع الذي لم يبح به هاني يان ، ولا يوجد تبريرا لذلك سوي أن الصدق الفنى جعل االخيال الأدبي أقرب للواقع من الواقع نفسه.

 

> هل تفسر لي كيف تكتب رواية تدور بعض فصولها في الصين دون أن تكون قد زرتها من قبل؟

ــ حينما قمت بالمراجعة الأولي للرواية، شعرت بدهشة كبيرة للغاية،  فكيف لى كتابة كل تلك التفاصيل وخلق كل هذه الشخصيات والأجواء، وأنا لم أزر الصين مطلقا... وكشخص يعشق التسجيل والتوثيق ويحب البحث والمعرفة بذلت جهدا كبيرا جبارا وأخذت أبحث بدأب في كل شيء يتعلق بتاريخ الصين ومصر والعالم لأضع الخيال في سياقه التاريخي الذي يتغذي كل منهما من الآخر... فذهبت لمصادر متعددة سواء بالعربية أو الإنجليزية وقمت بإنشاء ملفات  عن القرى والمدن التى أتحدث عنها بالتفصيل الممل، وبذلت جهدا كبيرا جدا فى استيعاب تاريخ الصين وثقافتها وعقائدها، وعدت للغة الصينية نفسها، للتعرف علي النطق الصحيح لأسماء الأماكن والأشخاص، شنغهاي أكبر مدن الصين من حيث السكان علي سبيل المثال، كانت تختلف تقريبا من عقد لآخر عبر الزمن، لذلك درست بدقة شديدة أى تغيير طرأ على الأماكن فيها عام ١٩٣٧، اجهدت وأنا أتحري وأتأكد من أسماء شوارعها وطرقها وأحياءها في ذلك الزمن الذي يعنيني بالتحديد، قرأت كثيرا في الأدب الصينى، وشاهدت أفلاما صينية كثيرة واستمعت دون ملل لموسيقاهم وأغانيهم، ولم تغفل ذاكرتى حينما كنا فى سن الدراسة بالثانوي العام، كانت هناك رواية «الأرض الطيبة» المقررة علينا والتي تدور أحداثها في الصين وهي من تأليف الأديبة الأمريكية بيرل باك، التي أخذها والديها إلى الصين قبل أن تبلغ من العمر خمسة أشهر حيث كانا يعملان في التبشير هناك ، وقد حضرت بعض أيام من تصويرها حين تحولت إلى مسلسل بالإنجليزية إخراج كامل يوسف (خالى) وبطولة سمير صبرى.

وحين تجمعت المعلومات الوفيرة وتم تنظيمها أخذت أدقق وأقارن حتي تعمقت وسبحت في الأزمنة والأمكنة وتلبسني هذا العالم بأكمله، وحين صارت رأسي صينية بدأت أكتب روايتي.


> لماذا يختفى البطل أو يتحول إلى متشرد.. وأليس هذا تناقضا بين فكرة الرواية كبرياء الصين ومن ثم يختفى البطل ويذوب فى هذا العالم؟

- هناك تداخل بين البحث والكتابة عبر عامين، وشكَّل العام 2020 مرحلة فاصلة فى حياتى، حيث توقفت لإسباب لا أحب ذكرها الآن، وتلبستني حالة عداء للرواية واتهامات جائرة نحوها ثم أفقت من ظلمي لها  وعدت لاستكمال كتابتها بعد أن هيأت نفسي لذلك وكأني أبدأ من جديد، تعلمت من نجيب محفوظ «الروتين» فى الكتابة، حيث الإلتزام بالكتابة اليومية، حتى لو سأكتب فقرة واحدة، نتيجة هذا الإصرار الصارم دخلت عالم الرواية.

عشقت الأدب بعد أن كتبت روايتي الأولي، لأني أعشق الحرية، كتابة الرواية ليست كصناعة الأفلام، لا يلزمها كتيبة من العاملين حولك بكل ما يوفرونه لك من ازعاجات وتدخلات وحرق أعصاب ولا تحتاج إلي الملايين لتصرف علي كتابتها بما تحمله من مطالبات وضغوطات، أنت وحدك في غرفتك أو في الهواء الطلق تنعم فقط بصوتك الداخلي ويديك التي تسطر خيالك الحر.

هناك من قرأ الرواية ودمعت عينياه وهو يقرأ عن جيل السبعينات، لأنه استرجع بقوة عصرا عاشه وهزه تحية أيقوناتها الثلاثة: أحمد عبد الله رزة وسهام صبري وأروى صالح.

عالم الرواية متشابك ومتداخل بصورة عضوية رغم تعدد الأماكن والأزمنة، وأذكر أننى حينما انتهيت من كتابة الرواية، اندهشت من نفسى لأنني شعرت بأن الرواية صارت كائنا عضويا مستقلا عنى تماما، وأتعجب كما لو أننى لست من صنع هذا الكائن العضوي، يتكرر ذلك الأمر مع أفلامى كذلك حينما أشاهدها، إذ أشعر بها بنفس الطريقة وكأنني أصبحت على مسافة منها، وهذا لا يضايقني؛ علي العكس أشعر حين أتحرر من أعمالي كل مرة بأنني أصبح حرا ولا أعاني ثقلها ومطاردتها لي في يقظتي وفي منامي.

ومن المهم التأكيد أننى لا أبحث من خلال كتابة الروايات عن أى مجد أو تقييم استثنائي من أى نوع، ولكننى أبحث عن حريتي وأعشق الرواية كما أعشق امرأة.


> تعاملك مع الأشياء والأحداث يسيطر عليه اندهاش ملحوظ ما السبب؟

ـ أحب روح الهاوى، وأحب حينما أقوم بعمل شىء ما، أن يكون به دافع غير الإحترافية، لا أستطيع مثلا الكتابة لمجرد الكتابة، كتبت مؤخرا مجموعة من الأشعار بعد أن مررت بتجربة خاصة لغاية، أحب تعرية النفس ، وأنشد أن أجد تطهري وخلاصي عبر الكتابة الأدبية وصنع الأفلام.
    

> لماذا «الكبرياء الصينى» وما المقصود من العنوان؟

عاشت الصين قرنا كاملا من الإذلال والمهانة، وكانت المستوطنات التي أقامها الإنجليز والفرنسيون والأمريكيون والألمان حوالي منتصف القرن الثامن عشر لا تخضع لسلطة الصين،  ثم جاء الاجتياح الياباني الوقح والشرس والمدمر منذ عام ١٩٣٧، ومع نهاية سبعينيات القرن الماضي خرجت الصين من عزلتها وتجاوزت بسرعة تدعو للدهشة ضعفها واقتصادها المتواضع وتحقق قفزة عملاقة مبهرة عززت كرامتها وكبرياءها  بعد قرن من المهانة والإذلال.

> فى الصفحات الأولى نجد أسئلة من قبيل: «وسأل: هل كانت رياح التغيير المسمومة التى بدأت تهب على جسد وعقل مصر خلال النصف الثانى من سبعينيات القرن العشرين ونخرت فيهما، هى المسئولة فى الأساس عن مخاوفه الغامضة ورغبته فى الهروب، أم أنها الأشواق إلى حياة الزهد والتقشف التى حين قرر أن يكون راهبا تعلمها من دروس المسيحية؟.. موضوعات كثيرة تتطرق إليها الرواية مثل الرهبنة والصوفية لماذا؟

- أنا مفتون بالصحراء الشرقية؛ فعلي أرضها الساحرة توجد الصوفية الإسلامية وبجوارها الصوفية المسيحية، والرواية تمنحني الفرصة لإختبار أفكارنا وما يؤرقنا: الإيمان والحب والجنس والحرية... كما لو كانت نقدا للعقل المحض بمفهوم كنط ولكن عبر الذاتية... هى ليست رواية عن سيرتى الذاتية ولكنها صورة عن الذات.

أنا لست متدينا، لا أطرح نفسى بديانتى، لو أحدهم قدم نفسه لي علي أنه مسيحى، أستبعده فورا من عملى، أى شخص يطرح نفسه بناءً على هويته الدينية أستبعده عن طريقي، أكره أشد الكراهية أن يتم معاملتي كمواطن مسيحي وليس كمواطن مصري، أنا ضد التعصب عموما وضد الهوس الدينى، وأفخر أنني قمت بتربية أبنائى على تلك المبادئ.

ليس هناك دين فى الصين، الصينون خليط ما بين الكونفوشيوسية والبوذية والطاوية، وكونفوشيوس هو «المصلح الأعظم»، وليس نبيا وهو غير مرسل، وبطلي يتخلي عن هويته الدينية مجازا من أجل الزواج ولكنه يعود كما كان قبل الموت، تماما مثل فرانز كافكا الذي كان ملحدا ولكنه قبل موته تذكر الأرض المقدسة «أورشليم»، ورغم إلحاده تستيقظ يهوديته  ويستعيد الإيمان الذي فقده فى اللحظات الأخيرة من عمره.

وقد حاولت أن أعكس صورة ذاتي فى هذه الرواية، ولدى 3 روايات أخرى أريد أن أكتبها، الأولى الأميرة ديانا تتحدث من العالم الآخر، الثانية عن شخص أمريكى جاء لمصر بسبب هوس والدته بتناسخ الأرواح واعتقادها أنها كانت تعيش فى مصر يوما ما فى زمن يرجع لقرون خلت، الرواية الثالثة عن الفيلسوفة هيباتيا التي نجد إشارة إليها في رواية الكبرياء الصيني.

من المهم للغاية أن يحافظ  الكاتب علي مساحات مفتوحة لقراءة المعاني خلف الكلمات والأحداث واستكشاف ما يرقد خلف الظاهر وفك شفرات الرواية.

> من هم الأقرب لك فى الأدب المصرى أو العربى؟

ــ أعشق أدب يوسف إدريس بشكل غير طبيعى، أذكر أنه تحدث إلىَّ قبل حوالي أسبوعين من وفاته، حيث قال لى: لماذا لم تولد فى عصرى، وكان يقصد بذلك أنه ربما أراد لى أن أصنع له من إبداعاته أفلاما، وكنت معجبا به أيضا ككاتب سياسي.
وعدا نجيب محفوظ الذي يتربع بلا منازع علي عرش الرواية، تطول قائمة الأدباء الموهوبين للغاية، وعلي كثرتهم وعلو مكانتهم في عالم الرواية لا أحب أن أغفل أو أنسي  سهوا أسماء بعضهم أو أحدهم.
> من أكثر الأشخاص الذين تريدهم أن يقرأوا هذا العمل؟

- زوجتى بطبيعة الحال، لأنني مدين لها بأشياء كثيرة، وسأكون سعيدا حين تجد صورة لذاتها فى الرواية.

كتابة الرواية لكى تنجح تحتاج أمرين أساسيين، أولا شجاعة الحكي وأن تعكس ما بداخل شخصياتك من ضعف وقوة وتجعل أفعالها تنبع منها بسلاسة وعضوية دون حزق، ثانيهما روتين الكتابة اليومية الصارم بلا حجج التخاذل أو الهروب.

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك