فتاوى شلتوت فاسألوا أهل الذكر (22): الابتداع المذموم في الإسلام - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 11:22 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فتاوى شلتوت فاسألوا أهل الذكر (22): الابتداع المذموم في الإسلام

محمد بلال
نشر في: الإثنين 27 مايو 2019 - 10:16 ص | آخر تحديث: الإثنين 27 مايو 2019 - 10:16 ص


كلف الله عباده عقائد تتصل به سبحانه وبرسالته وكتبه، وتتصل باليوم الآخر الذى أعده لدار الجزاء، وكلفهم عبادات هى غذاء للإيمان وعلامة الصدق فيه، وحرم عليهم أشياء صونا لحياتهم وحفظا لعقولهم وأعراضهم وأخلاقهم، وقد فصل لهم فى كتبه ورسالاته ما كلفهم إياه وما حرم عليهم، وكان هذا هو الدين الذى أمرهم الله به ولا يقبل منهم سواه، وكان القيام به على الوجه المبين فى الكتب الإلهية وعلى سنة الرسل هو التدين الصادق الذى يبين لصاحبه الحلال والحرام عند حد ما شرع الله، وكان التصريف فى شىء منه هو الانحراف عن دين الله، وهو الابتداع فيه.
ويظهر هنا أن الابتداع فى الدين إنما يكون فيما تعبدنا الله به من عقيدة أو عبادة أو حل أو حرمة.
أما ما لم يتعبدنا الله بشىء منه، وإنما فوض لنا الأمر فيه باختيار ما نراه موافقا لمصلحتنا ومحققا لخيرنا بحسب العصور والبيئات، فإن التصرف فيه بالتنظيم أو التغيير لا يكون من الابتداع الذى يؤثر على تدين الإنسان وعلاقته بربه، بل إن الابتداع فيه من مقتضيات التطور الزمنى الذى لا يسمح بالوقوف عند حد الموروث من وسائل الحياة عن الآباء والأجداد.
ولو كان من سنة الله لعباده أن يتقيدوا فى هذا الجانب بمنهج خاص لحدد لهم أرض الزراعة وأنواعها وطرقها، وحدد لهم نوعا أو نوعين من مظاهر الحضارة المختلفة التى يعلم أنها ستكثر وتنتشر، ولكنه سبحانه وتعالى لم يحدد لعباده شيئا من ذلك، بل أطلق للعقل الإنسانى حريته فى هذا الجانب كله، ولم يأمر إلا بالبحث والنظر والعمل والكد بقصد الإصلاح والتعمير.
لم ينكر الله على أحد من خلقه ابتداع شىء من متع الحياة الطيبة وإنما أنكر ابتداع الناس فيما تعبدبه عباده فى العقيدة والعمل والحل والحرمة.
أنكر على من تخيلوا أن فى بعض المخلوقات روحا من ألوهية الله بها كان فى نظرهم إلها أو بعض إله، وبها يستحق أن يعبد، أن يشفع عند الله، وأن يقربه إليه زلفى.
الإبتداع فى الدين هو الذى يخرج بالمؤمن عن دائرة الرسالة الإلهية، هو الابتداع الذى يغتصب به المبتدع حق الله فى التشريع، وهو الابتداع الذى يضع المبتدع نفسه موضع من يرى أن العبادات أو العقائد ناقصة أو فاسدة فأكملها وأصلحها بابتداعه.
وهذا الابتداع هو السبب فى نسيان الأمم السابقة شرائع الله وأحكامه، وهو السبب فى نسيان العقائد والعبادات، وانتزاع التدين من القلوب، وبذلك انقطعت صلتهم بالخالق.
والابتداع ليس ذا مصدر واحد وإنما تتعدد مصادره بمصادر المبتدعين، وكل مبتدع يتبع هواه والهوى متشعب النواحى مختلف الأهداف، ومن هنا نجد أن الشخصية الدينية التى انتابها الابتداع لا تقف فى العقيدة الواحدة أو العبادة الواحدة عند وضع واحد بل تتعدد فى أوضاعها وصورها بتعدد الأهواء التى أدخلت عليها. ومن هنا تفقد الأمة وحدتها الدينية وتتحكم فيها الابتداع وتنتشر العداوة والبغضاء، وكثيرا ما يشتد التنافس والخصام وتشتعل نارها فيقع التكفير واستحلال الدماء وتنقلب الأمة يضرب بعضها رقاب بعض. فقال تعالى (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم فى شىء ۚ إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون) الأنعام 159.
ويرى الشيخ محمود شلتوت أن البشرية فى كل زمان ومكان لا تخلو من منحرف أو متعصب يعدو على شرع الله بغير علم ولا هدى، وأن أشد ما يخشاه الشيخ على شخصيتنا الدينية أن تسلك أمتنا بالأهواء أو التعصب مسلك السابقين فتطغى البدع على ديننا والانحراف على استقامتنا، ويجب على علمائنا الفاقهين أن يمنون بوحدة أمتهم فى عقيدتها وعبادتها وأصول تفكيرها ويؤمنون بثمرة هذه الوحدة الطيبة فى الدنيا والأخرة، والرجوع بالمسلمين إلى المحجة البيضاء التى تركها الرسول ﷺ.

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك