هالة القوصى: لنحب القاهرة كما هى بدلًا من أن نلعنها - بوابة الشروق
الإثنين 6 مايو 2024 7:18 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هالة القوصى: لنحب القاهرة كما هى بدلًا من أن نلعنها

هالة القوصي
هالة القوصي
كتبت ــ دينا عزت:
نشر في: الجمعة 27 نوفمبر 2015 - 9:50 ص | آخر تحديث: الجمعة 27 نوفمبر 2015 - 10:49 ص

• «زهرة الصبار» قصة التعايش مع المدينة العتيقة كما تراها عيون تعشق «الأبيض والأسود»

• بتحبى القاهرة؟
ــ جدا.

• غمضى عينيكى واوصفيها.
ــ يعنى أنا مش عارفة أقول عليها إيه بس أنا فى رأيى انها أجمل بلد فى العالم وأنا باحبها جدا ونفسى ما اسافرش منها ولا أبعد عنها.. كلها جميلة.. وناسها طيبين أوى أوى.

بهذه الكلمات تختم الكاتبة ــ المخرجة هالة القوصى كتابها «دائرة سين» الصادر عن دار الشرقيات قبل عامين.
قبل عامين تحديدا فكرت القوصى الدارسة للفنون البصرية والعاشقة للعاصمة وخصوصا فى جزئها الخديوى من خلال كاميرتها التى أخذتها إلى ثنايا المدينة فى نص سينمائى توشك الآن على تصوير نصفه ليكون أول أفلامها الروائية والذى يدور بالتحديد فى قلب القاهرة ويحمل عنوان «زهرة الصبار».

«يهملها كزهرة فى أصيص
تشرف على الذبول
لا تتبرم
لوكانت زهرة لذبلت من زمن
لكنها صبارة عنيدة
تمتص الرطوبة من هوائها لكى تعيش»

هكذا نقلت القوصى فى «دائرة سين» عن «الأمير الصغير»، وهكذا تقول فى حديثها لـ«الشروق» عن رؤيتها للمدينة التى ولدت فيها عام ١٩٧٤ وعاشت فيها جل حياتها ــ عدا سنوات للدراسة والتعلم فى الخارج ــ والتى تسعى إلى أن تقدم رؤية سينمائية عن واقعها ــ «أو ربما المتخيل عن واقعها فالخيال عن الأماكن يتلبسها بصورة ما»، بحسب ما تظن.

«زهرة الصبار» الذى يقع تحت العنوان العريض لأفلام السينما المستقلة والذى تثق القوصى ــ زنه سيكون له مكان على قائمة المشاهدة السينمائية بالمعنى العميق أكثر ربما من المعنى الترفيهى ولكن بما يكفى لأن يكون عدد المشاهدين دافعا لها لاستمرار نشاطها السينمائى.

القاهرة عند القوصى هى تلك الصبارة التى تعيش فى كل زمان وتتعايش مع كل الظروف بما فى ذلك جوار الموت والموتى كما فى القبور المتاخمة لحدود المدينة والتى كانت يوما فى قلب العاصمة المعشوقة

الصبارة ليست تلك الزهرة المورقة الملونة الجاذبة للنظر ــ فالقاهرة لم تعد كذلك بأى حال كما تعترف القوصى نفسها ــ ولكنها الباقية فى الظلال كما فى الضوء

إنها المدينة التى تسكن فى نفوس ساكنيها، كما تراها القوصى التى تروى فى فيلمها الطويل الأول قصة ٣ شخصيات رئيسية: سيدة ثلاثينية وسيدة ستينية وشاب فى مقتبل الحياة.. يتجاورون فى السكن ويتقاطعون فى الآمال والتعاسات وأيضا فى النجاح والإخفاق.

«أنا لا أبحث عن صياغة واقع غير موجود أو الإغراق فى نوستالجيا (الحنين إلى الماضى) لا تعيد مساحات لم يعد لها سياقات تنتمى اليها، أنا أنظر للمدينة التى أعيشها واحكى عن تجارب العيش فى المدينة ومعها بالمحبة لما كانت عليه وبالحب لما آلت إليه» حسب ما تقول القوصى.

وتضيف: «أما فى الواقع فأنا أعيش فعليا فى وسط المدينة ولا يمكن لى أن أنتمى لتلك المدن المسورة، فهى ليست المدينة، بل كيانات ترفض المدينة وتجافيها ولا تحبها».

القوصى تعيش فى وسط القاهرة الخديوية التى ذهب عنها رونق بهائها القديم ولكنها احتفظت بما يشى بجمال طاغى الرونق من حيث الشكل وأيضا جمال عميق المعنى من حيث العلاقات البشرية التى تسعى المخرجة ــ الكاتبة لتقديمها فى زهرة الصبار.

تحكى القوصى فيما تكتب وفيما تقوم حاليا بتصوير تجاربها فى السير عبر شوارع القاهرة أمام جروبى صالة الشاى العريقة ببنائها الذى يعود لثلاثينيات القرن الماضى والذى فزعت يوما عندما رأت «معاول الهدم المزعومة للترميم» تنال من روح وجسد المكان ليستحيل مقهى على الطراز الامريكى دهسا لطبقات لا نهائية من الجمال والذكريات لقلب القاهرة، بالضبط كما هو الحال مع محل بيع الورود فى الطابق الأرضى من البناية التى تقطنها والذى سقط امام التحول الذى لم يعد يترك فى قلب المدينة مساحة كبيرة للورود ليستحيل كما العديد غيره مما كان يوما صالة للشاى أو محلا للورود لمتجر إضافى تكتظ واجهته بما لديه من بضائع مستوردة من الملبوسات والأحذية

تستلفتها واجهة باهتة فى بناء على طراز «الأرت ــ ديكو» فى قلب شارع محمد فريد لستديو للتصوير تعلم بعد البحث أنه تأسس فى الثلاثينيات من القرن الماضى من قبل هاجوب كيروبيان الذى هرب من العنت العثمانى فى بدايات الحرب العالمية الأولى واصلا للإسكندرية ثم القاهرة التى عمل فيها مساعدا لمصور نمساوى شهير مع آخرين من جنسيات أوروبية مختلفة قبل ان يؤسس ذلك الاستديو الذى عمل فيه مع ابنيه شاكى التى ذهبت عن الحياة فى ٢٠٠٨ ونوبار الباقى على العمل فى نفس المكان الذى مازال يخبر عملائه أن «مواعيد العمل من ١٠ ــ ١ ما عدا السبت والأحد»

تقول القوصى إنها تحب ما تراه مما كان ولكنها تعيش مع الواقع لأنها ترى فيه ايضا جمالا مختلفا. «فأنا أحب ما أراه عندما أذهب للقهوة التى اعتدت أن ارتادها واحب تلك الألفة التى أراها على وجوه من يقدمون لى ما أشرب وأحب أيضا تلك المقاعد القديمة المتهالكة قليلا. وأحب ذلك الشعور بأننى إذا ما احتجت لشراء بعض الأطعمة يمكننى أن أمشى بضع خطوات لمحل البقالة الصغير المجاور لأشترى ما أحتاج إليه بعيدا عن كل مغريات التسوق فى المحال الكبيرة أو أن أتصل به إذا ما ضاق بى الوقت بعد اصطحابى لابنى من المدرسة الكائنة فى نفس الحى فيعرف صوتى ويعرف ايضا ربما ما أريد» تقول القوصى.

وتضيف أن تلك القدرة على الاستمتاع بالمدينة تأتى من أنها تعيش فيها وتعرفها بما يكفى لأن تتعايش معها، «فلو كنت أعيش بعيدا جدا عن كل شىء يهمنى أو أحتاج إليه ولو كنت اضطر للانتقال عبر ساعات طويلة لربما كنت فقدت القدرة على رؤية ما يبهجنى حولى ولربما أصبحت واحدة ممن يلعنون المدينة عوضا عن أن يحبوها ويستمتعوا بما لديها قبل أن تفقده».

وتصر القوصى فيما تقول وفيما تكتب أنها تسعى لأن تصنع فيلما يروى فى جزء ما من حياة الأشخاص فى قلب العاصمة قصة تلك المدينة «التى تمثل بالتاكيد تجربة غامرة» بكل ما فيها من ناس يسيرون فى شوارعها ويرتادون محلاتها وينظرون إلى اللافتات التى تحملها الطرقات»

القوصى التى صدر لها أيضا قبل نحو عام الجزء الأول من مجموعة «فوتو مصر» للكتب المصورة، تروى ضمن ما تروى فى «زهرة الصبار» أشياء عن تاريخ مجتمع القاهرة الذى تستدل عليه من تلك الصور الأبيض والأسود التى تجمعها وتقسمها لفئات كانت الأولى منها عن صور الزفاف التى تشى لقطاتها كما ملابس من يقفون فيها بحياه تتبدل وتتغير ولكنها تستمر «فهذه هى قصة المدن الكبرى وهذه فى كل الأحوال قصة القاهرة».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك