#كيف_أضحت؟ (17).. بومبي.. مدينة رومانية أغرقها بركانا ثائرا وحول شعبها إلى حجارة - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:56 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

#كيف_أضحت؟ (17).. بومبي.. مدينة رومانية أغرقها بركانا ثائرا وحول شعبها إلى حجارة

منال الوراقي:
نشر في: الخميس 29 أبريل 2021 - 11:54 ص | آخر تحديث: الخميس 29 أبريل 2021 - 11:56 ص

بين الكتب والروايات إلى الأفلام، ترددت مدن وأماكن تاريخية عديدة على مسامعنا وأعيننا، حتى علقت بأذهاننا ونُسجت بخيالنا، بعدما جسدها الكتاب والمؤلفون في أعمالهم، لكننا أصبحنا لا نعلم عنها شيئا، في الوقت الحالي، حتى كثرت التساؤلات عن أحوال هذه المدن التاريخية الشهيرة، كيف أضحت وأين باتت تقع؟

بعض هذه المدن تبدلت أحوالها وأضحت أخرى مختلفة، بزمانها ومكانها وساكنيها، فمنها التي تحولت لمدينة جديدة بمواصفات وملامح غير التي رُسمت في أذهاننا، لتجعل البعض منا يتفاجئ بهيئتها وشكلها الحالي، ومنها التي أصبح لا أثر ولا وجود لها على الخريطة، ما قد يدفع البعض للاعتقاد بأنها كانت مجرد أماكن أسطورية أو نسج خيال.

لكن، ما اتفقت عليه تلك المدن البارزة أن لكل منها قصة وراءها، ترصدها لكم "الشروق" في شهر رمضان الكريم وعلى مدار أيامه، من خلال الحلقات اليومية لسلسلة "كيف أضحت؟"، لتأخذكم معها في رحلة إلى المكان والزمان والعصور المختلفة، وتسرد لكم القصص التاريخية الشيقة وراء المدن والأماكن الشهيرة التي علقت بأذهاننا وتخبركم كيف أضحت تلك المدن حاليا.
….

لعشرات القرون، ظلت مدينة "بومبي" الإيطالية مفقودة، بل ومغمورة تحت 20 قدما من الرماد البركاني، حتى عثر عليها صدفة، أحد المهندسين، خلال عمله في حفر قناة بالمنطقة، في منتصف القرن الثامن عشر.

صاحب اكتشاف المدينة الرومانية، بعد ألف وسبعمائة عام كانت مفقودة خلالهم، مفاجأة أدهشت العالم، حيث وجدت المدينة متحجرة بكل تفاصيلها منذ يوم دفنها تحت البركان، الذي ثار بشهر أغسطس عام 79 ميلادية.

• مدينة بومبي والبركان الذي فحم شعبها

تعتبر مدينة "بومبي" الإيطالية واحدة من أغرب المدن التي اكتُشفت، فقد كانت مدينة رومانية تقع على سفح جبل البركان الخامد، الذي عُرف باسم "فيزوف"، في إيطاليا، وقديما كانت المدينة تعد من أغنى مدن إيطاليا وأكثرها تحضراً وتميزاً، فقد عمل سكانها بالزراعة والتجارة وتميزت بنظام حكم ديمقراطي.

ولكن، ووفقا للكتب العديدة التي كُتبت عن المدينة منذ اكتشافها، فقد عُرف عن شعب بومبي حبه للمجون وكثرة الاحتفالات وإقامة مسابقات مصارعة ومسرحيات، لكن هذا لم يدم طويلا، ففي عام 79 ميلادية، ثار بركان "فيزوف" ثورانا هائلا وأنتج حمما بركانية طمرت المدينة بالرماد والصخور وحولتها إلى مدينة متحجرة.

ورغم أن كتب التاريخ أثبتت أنه سبق النشاط البركاني ظهور العديد من الإشارات على حدوثه، لكن يبدو أن الأهالي تجاهلوها، حتى أنهم رفضوا نداء الإمبراطور الروماني "نيرون" لهم، بترك المدينة والرحيل بعيدا، ومع بدء ثوران البركان الخامد منذ سنوات طويلة لم يتمكن أحد من الفرار.

• ليلة فوران البركان.. وتحنيط الشعب

ونقل قصة المدينة الرومانية الشاهد والناجي الوحيد من دمارها، "بليني الصغير"، المحام والمؤلف والقاض الروماني، الذي وصف في رسائله، التي اكتشفت في القرن السادس عشر، مشهد ثوران البركان، الذي شاهده من خليج "نابولي" في ميناء "ميسنوم" العسكري الروماني.

فقد بدأ البركان بالثوران محدثا سحبا متصاعدة من الدخان غطت الشمس وحولت النهار إلى ظلام دامس، وهبط الرماد فوق الأرض وغمر المدينة بأكملها فتحجرت بكل ما فيها، ومن وقتها ظلت أراضي المدينة مفقودة، حتى اكتُشفت عام 1748، واكتُشف معها طابع المدينة وحياة الغنى والترف ومظاهر حضارة الإمبراطورية الرومانية المختلفة من عمارة وحياة اجتماعية.

• الحمم البركانية التي خلدت ملامح المدينة

مع انفجار الحمم البركانية، حاول سكان المدينة الفرار بعضهم عن طريق البحر ولجأ بعضهم إلى بيوتهم طلباً للحماية، إلا أن الحفريات البشرية أظهرت أنهم ماتوا على أوضاعهم التي كانوا عليها، وقد ساهمت الحمم البركانية التي حولتهم لحجارة مغطاة بأكملها، إلى تحنيط جثثهم على هيئتها، عندما توفوا جراء فوران البركان.

وأظهرت الحفريات الأثرية الكثير من معالم المدينة، كما كشفت عن نمط الحياة الاجتماعية التي عاشتها هذه المدينة الرومانية، حيث أظهرت اهتمام أهلها بالنواحي المعمارية والفنية، وظهر أثر ذلك في الديكورات الداخلية للمنازل التي تم اكتشافها.

• الفحشاء والرذيلة سبب دمار المدينة

ووفقا لبعض الكتب التي حللت نمط الحياة في المدينة الرومانية، يُقال إن ما حدث لسكان بومبي كان جراء لعنة أصابتهم بسبب إسرافهم وعبادتهم النار، واضطهاد المسيحيين وتعذيبهم وقتلهم، وممارسة الفحشاء والرذيلة.

فقد كان عدد سكان المدينة، التي عاشت لسبعمائة عام، والواقعة بالقرب من خليج نابولي، يبلغ نحو 20 ألف نسمة، ذاقوا ميتة من أبشع ما يكون، عندما دُفنوا وحيواناته وممتلكاته، تحت طبقة بلغت 6 أمتار من لهيب البركان، وفي يوم واحد، مُحيت من فوق سطح الأرض مدينتهم امتدت حضارتها مئات السنين.

• قصة اكتشاف المدينة المفقودة

كانت مدينة بومبي محض ذكرى تحملها الكتب، ومدينة تحدث عنها المؤرخون دون أن يدري أو يتذكر أحد أين كانت، لكن في العام 1709، أثناء حفر بعض العمال لقناة في أرض مهجورة، كشفت الأعماق عما بدا كبقايا بيت قديم، وبتوالي أعمال الحفر، ظهرت بيوت وشوارع وجثث متفحمة. حينها، عرف المهندسون أنهم يقفون في تلك اللحظة فوق حطام مدينة بومبي التي أحرقها البركان وظلّت ضائعة لعشرات القرون.

منذ ذلك الوقت، بدأ علماء الآثار عملهم في المدينة، وما اكتشفوه مدفونا كان مدهشا بكل المقاييس، فقد بدا وكأن المدينة الرومانية توارت عن أعين الزمن، وظل كل شيء فيها ثابتا على الحالة التي انتهى إليها في ذلك اليوم، قبل ألفي عام.

• مدينة الفسق التي يزورها الملايين

واليوم لم يبق من المدينة إلا آثارها القديمة، فأصبحت موقعا أثريا ضخما تحميه اليونسكو، وقد أطلق عليها لقب "مدينة الفحشاء"، فبعد اكتشافها واعتبارها مزارا سياحيا، حاليا، يحظر دخول من هم أقل من 18 عاما إليها، من شدة الإباحية في الرسومات والزخارف الموجودة داخلها، وبخاصة على بعض المباني والحمامات التي كانت تعرض المتعة لزبائنها.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك