في هذه الأيام تحل الذكرى الخامسة لثورة 30 يونيو الشعبية، التي أدت إلى سقوط نظام الإخوان وعلى رأسهم الرئيس المعزول محمد مرسي، في 2013، بعد بقاءه عامًا في الحكم أثبت فيه هو وجماعته بعدهم عن عقيدة الدولة المصرية، وفشلهم في تلبية مطالب الشعب المصري والمحافظة عليه، بل تعمدوا افتعال الازمات ومعاداة الجماهير، ولم تكن ثورة 30 يونيو ثورة شعب فقط، وإنما كانت ثورة مؤسسات تنتفض وتقاوم أخوانتها.
وبمجرد مراجعتك أرشيف هذا العام في حكم مصر، ستتذكر تجاوزات وجرائم واعتداءات صارخة صدرت من هذا النظام، ورصدت "الشروق" أبرز الأسباب التي أدت إلى غضب المصريين وثورتهم على نظام الإخوان....
انعقاد مجلس الشعب المنحل
بدأ الرئيس المعزول محمد مرسي حكمه بمخالفة صريحة للأحكام القضائية، بعدما أصدر قرارًا بعودة مجلس الشعب الذي قضت المحكمة الدستورية العليا بحله، ودعى مرسي المجلس المنحل للانعقاد لحين إجراء انتخابات برلمانية جديدة، ولكن المحكمة الدستورية تصدت له وألغت القرار.
الإعلان الدستورى
الإعلان الدستورى الذي أصدره مرسي فى نوفمبر 2012 كان من أهم المثيرات التي أغضبت القوى الوطنية والشعبية من نظام الإخوان، بعدما أعطى مرسى لنفسه صلاحيات مطلقة بموجب هذا الإعلان، ووصفها بـ"القرارات الثورية" أبرزها جعل القرارات الرئاسية نهائية غير قابلة للطعن من أي جهة أخرى، ما يعني حظر رقابة القضاء على قرارات رئيس الجمهورية، ليطلق مرسي لنفسه العنان فى إصدار أية قرارات دون اعتراض أحد عليها.
كما أصدر قرارًا مخالفًا للدستور بعزل النائب العام المستشار عبد المجيد محمود من منصبه، وعرض عليه وظيفة سفير في الفاتيكان، وهو ما أثار حالة غضب وثورة داخل الأوساط القضائية، بالإضافة إلى تحصين مجلس الشورى واللجنة التأسيسية لإعداد الدستور بحيث لا يحل أيا منهما كما حدث في مجلس الشعب.
أحداث الاتحادية
هذه الواقعة التي حدثت في بدايات ديسمبر 2012 سرعت في إسقاط مرسي وجماعته، بعدما خرجت تظاهرات كبيرة لتندد بالإعلان الدستوري، فدعت المعارضة جماهير الشعب إلى النزول للشارع والاعتصام، وتحرك الآلاف تجاه قصر الاتحادية الرئاسي وتظاهروا في محيطه ورددوا هتافات طالت الرئيس ومشروع الدستور الجديد، وتوجه أنصار ومؤيدي الرئيس من البلطجية بحجة الدفاع عن القصر، وفضوا الاعتصام، ووقعت انتهاكات وعمليات تعذيب ممنهجة ضد الثوار السلميين، وكان من أبرز ضحايا هذا الحادث الصحفي الحسيني أبو ضيف.
وبعد أيام من وقوع أحداث "قصر الإتحادية" بدأت نيابة مصر الجديدة، تحقيقات موسعة حول الهجوم على المتظاهرين المعتصمين، ولكن مرسي حاول أن يتدخل في سير التحقيقات لحسم النتيجة لصالح الإخوان على حساب المعتصمين.
استمرار الصدام مع السلطات القضائية
استمر نظام الإخوان في محاولاته لترويض القضاء، وكان مشروع قانون تعديل قانون السلطة القضائية المفترض مناقشته داخل مجلس الشورى، ينص على خفض سن تقاعد القضاة من 70 سنة إلى 60، ما يؤدي إلى عزل نحو 3500 قاض من وظيفتهم القضائية، ورد القضاة على ذلك بعقد جمعيات عمومية متتالية لرفض هذا المشروع.
حصار المحكمة الدستورية العليا
في ديسمبر 2012 لم يتمكن مستشاري المحكمة الدستورية العليا من الحضور إلى مقر المحكمة، بعدما احتشد ما يقرب من خمسة آلاف من الموالين للجماعات الإسلامية أمام مقر المحكمة الدستورية، وأغلقوا كورنيش المعادي ورددوا هتافات مناوئة للمحكمة، ووضعوا مكبرات الصوت، ومن بين الهتافات التي رددوها "الشعب يريد حل المحكمة الدستورية"، و"يا قضاة الدستورية اتقوا شر المليونية."، "يا مرسى إدينا إشارة..وإحنا نجيبهم لك فى شيكارة"، كما اعتدى المتظاهرون على ممثلي الوسائل الإعلامية.
حصار مدينة الإنتاج الإعلامي
مشهد حصار مدينة الإنتاج الإعلامي كان أحد المشاهد المتكررة والأكثر وحشية وهمجية من قبل مئات المدافعين عن نظام مرسي عندما دعا أنصار حازم أبوإسماعيل إلى التظاهر أمام بوابات مدينة الإنتاج في مارس 2013، وبدأ "الحازمون" الحصار بإغلاق أبواب المدينة بالحواجز الحديدية والحجارة، ومنعوا دخول العاملين وضيوف البرامج الحوارية، ما هدد بإلغاء البث المباشر للقنوات، ودفع الإعلاميين والعاملين بالمدينة إلى وسائل عدة لمحاولة دخول المدينة وأداء عملهم.
وكانت من المناظر السيئة وغير الحضارية عندما قام المعتصمون بشراء عجل وذبحه أمام مدخل المدينة، بهدف "تطهير الإعلام" من الفلول، على حد قولهم، وبناء الحمامات في الشوارع.
الاعتداء على الكاتدرائية
لم يسلم الأقباط طوال فترة حكم الإخوان من الإقصاء والاعتداءات، وتجلت الدوافع الدينية المتطرفة في حادث الذي وقع في أبريل 2013، بالاعتداء على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، والذي يعد أول اعتداء في العصر الحديث على المقر البابوي لأقدم كنيسة في الشرق.
وكانت الكنيسة يعمها الحزن بعد تشيع آلاف الأقباط لضحايا الاشتباكات الطائفية التي شهدتها مدينة الخصوص بمحافظة القليوبية، وعقب انتهاء مراسم التشييع وخروج الجثامين في طريقها إلى مثواها الأخير، حاول مئات الأقباط تنظيم وقفة احتجاجية أمام الكاتدرائية تعقبها مسيرة إلى وزارة الدفاع لتقديم مذكرة إلى الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي تطلب من الجيش حماية الكنائس، فأطلق مجهولون عليهم وابلا من الحجارة وزجاجات المولوتوف وطلقات الخرطوش.
غياب الأمن وأخونة الدولة
استمرار غياب الأمن والانفلات الأمنى فى الشارع، كان من ضمن العوامل التي أدت إلى فشل نظام مرسي، بعد العديد من حالات الخطف والسطو وسقوط الجنود في سيناء، وركزت الجماعة فقط على خطف الدستور، والانفراد بالسلطة ووضع نصوص وقواعد تمنع تداولها، ماتسبب فى إحداث انقسام خطير داخل المجتمع، وتهديد كل من يعارض مرسى.
وترك مرسى الفرصة كاملة لمكتب الإرشاد للتحكم فى زمام أمور الدولة، واتضح أن مشروع النهضة هو مشروع وهمى لا وجود له على أرض الواقع، وأطلق عليه البعض اسم "الفنكوش"، واستمرت خطة "أخونة الدولة" حتى وصل التعديل الوزاري الأخير في حكومة هشام قنديل إلى 17 وزيرًا، و15 محافظًا محسوبين على التيارات الإسلامية.
أزمة محافظ الأقصر
قبل 30 يونيو بأيام قليلة عين مرسي عادل الخياط محافظا للأقصر، والذي كان عضوا في "الجماعة الإسلامية" المنسوب إليها تنفيذ "مذبحة الأقصر" عام 1997، والتي أدت لمقتل 58 سائحا، وعدد من المواطنين.
كما أنه كان من ضمن المتهمين بقتل الرئيس الأسبق أنور السادات عام 1981، ما كان يعد مؤشرًا إلى أن مرسي يسعى علنا لبناء تحالف سياسي مع الجماعة الأكثر تشددا قبل موجة كبيرة من الاحتجاجات التي تقودها المعارضة في هذا التوقيت.
وقوبل قرار تعيين الخياط بموجة غضب وانتقادات شعبية شديدة، خاصة في أوساط العاملين بالسياحة، واستقال هشام زعزوع وزير السياحة، ومُنع المحافظ من دخول مبنى المحافظة، وهدد المعتصمون بإعلان استقلال المحافظة عن جمهورية مصر العربية، ما لم يتم إقصاء المحافظ.
ونظم آلاف من المحتجين من الجماعة الإسلامية والإخوان المسلمين وجماعات إسلامية أخرى مظاهرات حاشدة وحذروا المعارضين، الذين وصفوهم بالكفار وعملاء الغرب وأعداء الإسلام، بأنهم سيسحقونهم.
خطاب الشرعية
هو الخطاب الأخير الذي ألقاه مرسي في 2 يوليو عندما استشاط غضباً من التظاهرات والتحركات الشعبية المعارضة له، فطلب على الفور تسجيل خطاب مرتجل للشعب يذيعه التليفزيون المصري، وهو الخطاب الذي بدأ التلفزيون إذاعته في الحادية عشرة و35 دقيقة مساء، واستمر45 دقيقة.
وردد مرسي كلمة "شرعية" 59 مرة في هذا الخطاب، وأصبح مضمون الخطاب مادة للسخرية، وظل حديث الشارع وسببا في غضبه، ودفع المتظاهرين إلى التمسك برحيل مرسي.