نبيل نعوم يكتب: من كتاب الموتى إلى ديفيد هوكني - بوابة الشروق
الإثنين 4 أغسطس 2025 1:06 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

نبيل نعوم يكتب: من كتاب الموتى إلى ديفيد هوكني


نشر في: الجمعة 29 أكتوبر 2021 - 7:43 م | آخر تحديث: الجمعة 29 أكتوبر 2021 - 7:43 م

ربما يعتبر ديفيد هوكنى «David Hockney» الذى يبلغ من العمر 84 عاما، هو أهم فنان تشكيلى بريطانى معاصر، ويقيم حاليا فى نورماندى منذ عام 2019، بعد أكثر من 55 عاما قضاها فى لوس أنجلوس فى كاليفورنيا فى الولايات المتحدة. وقد بيعت لوحته «صورة فنان، أو حمام السباحة» بمبلغ 93 مليون دولار وبذلك تعتبر أغلى عمل فنى لفنان معاصر. وخلال أول إغلاق لفيروس كورونا عام 2020 والعزلة والتقوقع القصرى، عاش الفنان فى منزله وسط الريف الفرنسى الشمالى فى عزلة شبه تامة، ولكنه لم يضع الوقت، بل انتهز الفرصة حسب قوله، وقام برسم فريسك يبلغ طوله 80 مترا، ولكن ليس على الحوائط وإنما على الورق، وليس بالفرشاة، ولكن عن طريق استخدام الإيباد «iPad». ويمثل هذا الفريسك، تتابع الفصول التى مرت بالفنان أثناء إقامته فى نورماندى، بداية من الربيع حتى العودة إلى الربيع مرة أخرى، وهو معروض حاليا وإلى شهر فبراير، بمتحف «الأورانجيرى L’Orangerie» فى باريس. وحسب معظم أعماله السابقة، هو عمل سهل التلقى، بمساحات لونية محددة يغلبها الأزرق والأخضر والأصفر، فى رسوم تبدو للوهلة الأولى قربها من رسوم الأطفال، ولكنها فى الواقع نتيجة بحث وتجارب عدة. وبيكاسو نفسه بدت لوحاته الأخيرة وكأنها من رسوم الأطفال. ومما يذكر أن ديفيد هوكنى أكد أنه تأثر كثيرا فى عمل ذلك الفريسك بعد رؤيته للسجادة المشهورة بسجادة بايو «Bayeux Tapestry»، أو نسيج بايو؛ العمل الذى يعتبر أحد أشهر أعمال السجاد أو بالأصح التطريز فى العالم، وقد صُنع من الكتان بطول نحو 69 مترا، وبعرض 50 سنتيمترا، وقد تحول لونه للبنى الفاتح مع الزمن، وتم تطريزه بالإبرة بخيوط صوفية من ثمانية ألوان، وبه مشاهد تمثل غزو إنجلترا من قبل النورمان. وهناك اثنان وسبعون من هذه المشاهد، وعلى طول القمة والقاع تظهر أشكال زخرفية تمثل الحيوانات، ومشاهد من طرق الفلاحة، ومن حين وآخر قصة الغزو نفسها والمعارك والمطاردة. ويُظن أن العمل يرجع إلى القرن الحادى عشر، ويمثل انتصار النورمان على الإنجليز فى معركة هاستينجز، ويقال إن العمل قد تم تحت إشراف الملكة ماتيلدا زوجة الملك وليام الفاتح، ولذا فى فرنسا يسمى هذا العمل النادر بسجادة الملكة ماتيلدا.

وفيما يتعلق بأعمال التطريز اليدوى الفنى، فعلينا الالتفات إلى النشاط الرائع الذى تقوم به جمعية الصعيد للصناعات اليدوية فى أخميم فى محافظة سوهاج. حيث تقوم الجمعية باستقبال الفتيات والنساء وتبدأ فى اكتشاف ميولهن وتقوم بتوفير الأقمشة والخيط لهن، وبعدها يبدأن التطريز والإبداع فى مناظر مختلفة تمثل الحياة اليومية أو الطبيعة أو الخيال الذى يرجع بتاريخ أخميم إلى عهود مصر العتيقة، حيث إن الصناعات اليدوية فى هذا البلد كانت لها شهرة عالمية، ونظرا لهجرة الأيدى العاملة إلى أعمال أخرى أو هجرتهم، أصبحت هذه الحرف مهددة بالاندثار، بالرغم من أهميتها البالغة فى النهوض بالمستوى الاقتصادى الذى بدوره يرفع من المستوى الاجتماعى لصعيد مصر، بل لمصر كلها.
وبالعودة إلى المعرض الحالى لديفيد هوكنى فى متحف الأورانجيرى الذى يقع فى قلب باريس فى حديقة التويلرى المشهورة. فالمتحف يضم معارض دائمة من الأعمال الانطباعية وما بعد الانطباعية من القرن التاسع عشر والعشرين، وقد تم فتح المتحف فى عام 1927. وكان من المفروض أن يقوم المتحف بعرض الأعمال الفنية للفنانين الأحياء، لذلك كلفت الدولة الفنان كلود مونيه فى عام 1922 بعمل هذه اللوحات الخالدة «زنابق الماء The Water Lilies». وقد وجه مونيه نفسه المهندس كميل لوفيفر المهندس الرئيسى للمتحف وقتها، بترتيب صالات العرض حسب توجيهاته، ولكنه لسوء الحظ مات قبل حفل افتتاح معرضه بعدة أشهر. وحاليا متحف الأورانجيرى هو الموطن الدائم للثمانى لوحات التى رسمها كلود مونيه ما بين عام 1918 وعام 1926. ونجد فى القاعة الأولى: «صباحا»، زيت على لوحين من القماش، 200 × 425 سم، و«غيوم» زيت على ثلاث لوحات قماشية، 200 × 1275 سم، و«الضوء الأخضر» زيت على لوحين من القماش 200 × 850 سم، و«غروب» زيت على قماش، 200 × 600 سم. وفى القاعة الثانية: «انعكاس الأشجار» زيت على لوحين من القماش، 200 × 850 سم، و«ضوء الصباح بين شجر الصفصاف» زيت على ثلاث لوحات قماشية، 200 × 1275 سم، و«ضوء الصباح الصافى بين شجر الصفصاف»، زيت على ثلاث لوحات قماشية، 200 × 1275 سم، و«شجرتا الصفصاف»، زيت على أربع لوحات قماشية، 200 × 1700 سم.

وعلى الرغم من أن هذه السلسلة من اللوحات الرائعة هى عامل الجذب الرئيسى لهذا المتحف، إلا أن هناك أيضا أعمال الفنانين بابلو بيكاسو، رينوار، ماتيس سيزان، موديجليانى وغيرهم.
وبذكر هذه الأعمال الفنية بالغة الطول على الورق أو القماش، وجب العودة إلى العمل السابق لهم بآلاف السنين، والبالغ فى الأهمية ليس فقط من الناحية التاريخية أو التأريخية، ولكن أيضا بثرائه من الناحية التشكيلية، وهو كتاب الموتى «الخروج فى ضوء النهار»، والمكتوب ومحلى بالرسوم على ورق البردى، والذى كان قدماء المصريين يضعونه فى المقابر مع المتوفى، وكان الغرض منه إرشاد روح المتوفى فى رحلته فى العالم الآخر. ويختلف كتاب الموتى فى المقياس فقد يتراوح بين المتر والأربعين مترا فى الطول، وبين 15 و45 سم فى العرض.

ومن نصوص الكتاب، الدعاء الذى يدافع به الميت عن نفسه: «جئتك يا إلهى متحليا بالحق، فلم أظلم أحدا، وما قتلت وما غدرت، ولم أتسبب فى جوع أحد ولم أجعل أحدا يبكى...».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك