أيام القاهرة (5).. كيف أصبحت المدينة قطعة من أوروبا في عهد الأسرة العلوية؟ - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 12:46 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أيام القاهرة (5).. كيف أصبحت المدينة قطعة من أوروبا في عهد الأسرة العلوية؟

محمد حسين
نشر في: السبت 30 مارس 2024 - 4:53 م | آخر تحديث: السبت 30 مارس 2024 - 4:53 م

يحتفظ شهر رمضان في مصر، بخصوصية وتفرد عن غيره من أيام السنة، حيث تزخر به الطقوس والعادات المميزة التي تضفي أجواء فريدة من البهجة والسعادة.

ووسط تلك الأجواء يأتي حضور القاهرة وشوارعها التي تشهد على سهرات وتجمعات العائلات والأصدقاء فيما يشبه المهرجانات المتصلة بلا انقطاع.

ونشارك ونطل مع قراء "الشروق" على لقطات ساحرة من تاريخ القاهرة، الذي يعود لأكثر من ألف عام، وصور إلهامها للمبدعين، وذلك في حلقات مسلسلة بعنوان "أيام القاهرة" على مدار النصف الثاني الثاني من شهر رمضان المبارك.

- الحلقة الخامسة
تحدثنا في الحلقة السابقة عن مشاهد تاريخ القاهرة في العهد العثماني؛إذ اختلفت طبيعتها العمرانية، فلم تعد الرعاية السلطوية للمباني قائمة كما كان في عصر المماليك، حيث الاهتمام بالمنشآت الجنائزية التي سيطرت على الشوارع الرئيسية في القاهرة التاريخية على مدار ثلاثة قرون تقريبا لم يعد لها صدى الآن، وأصبح الاهتمام أكثر بالمنشآت الاقتصادية التي تدر نفعًا للتجار والعمال المختلفين وبالتالي المنشآت السكنية التي توفر لتلك الفئة مسكنا آمنا".

ونواصل مع امتداد العهد العثماني مع حكم أسرة محمد علي.

* الحملة الفرنسية وآثار التخريب
كان لحالة التخريب وتهديم المباني التي شهدتها القاهرة في السنوات العشر الأولى من القرن التاسع عشر - سواء أثناء وجود الحملة الفرنسية أو أثناء خروجها من مصر، أو من جانب فتن الجنود بعد عودة مصر إلى حظيرة الدولة العثمانية - أكبر الأثر في بذل جهود محمد على وأسرته ورجال دولته لتعمير مباني القاهرة وإصلاحها، وإصلاح ما حولها من مبان كالمساجد على وجه الخصوص.

كما كانت فكرة تأسيس دولة لأسرة محمد على وما تبع ذلك من تخصيص مبانٍ لكل فرد من أسرته نفس الأثر في إعداد بيوت الأمراء السابقين لهم. قام أبناء محمد على ورجال دولته أثر ذلك بتعمير عدة مناطق بمدينة القاهرة، فأخذ إبراهيم باشا وإسماعيل باشا أبناء محمد علي تعمير مناطق غرب القاهرة وجنوبها ومنطقة بولاق والزمالك، وأخذ سليمان أغا السلحدار وحسين بيك الشماشرجي من رجال محمد علي مناطق الجمالية والدرب الأحمر،وفقًا لدراسة للدكتور محمد حسام الدين إسماعيل.

* تل العقارب
وتطرق إسماعيل إلى الوجه العمراني في عهد إبراهيم باشا نجل محمد علي، وتشير مصادر ومراجع هذه الفترة إلى المباني والمزارع التي أنشأها إبراهيم باشا على الرغم من عدم وجوده في مصر أثناء هذه الفترة. فذكرتأمر إبراهيم باشا أثناء وجوده باليونان - سنة 40 - 1244هـ / 24 - 1828م - على أفندي كاتب الخزينة بإزالة الكيمان الموجودة بين القصر العالي منطقة جاردن سيتي) والقاهرة المعروفة بتل العقارب ومساحتها حوالي ثلاثة أفدنة، فأزيلت في 393 يوما، كما أزيلت التلال الواقعة فيما بين الناصرية والقصر العالي ومساحتها 38 فدانا وغرس بها أشجار الزيتون، وانتهى العمل في شعبان 1245هـ / يناير 1830.

كما بنى ولي أفندي قصرًا على شاطئ النيل أمام السواقي السبع سنة 1231هـ / 1816م وألحق به بستانا، واستخدم في بنائه أنقاض المباني التي هدمها في مصر القديمة - ربما كان ينقل أنقاض قصر محمد بك الألفي الذي كان بشاطئ النيل أمام المقياس، ومات قبل إتمامه سنة 1232هـ / 1817م، وأتمه شريف بك - شريف باشا الكبير زوج ابنته - الذي تولى مناصبه، ثم أعد هذا القصر لينزل به إبراهيم باشا ابن محمد على عند وصوله من الحجاز بعد انتصاره على الوهابيين سنة 1235هـ/ 1819م، وبني كوبري يصل بين مصر القديمة والروضة لسهولة المرور إلى القصر،وكان موقعه فيما بين كوبري الملك الصالح وشارع المنيل من الجهة الشمالية ممتدا إلى الكوبري الذي أمام مجرى عيون فم الخليج.

وبنى إبراهيم باشا كذلك إلى الشمال من العباسية في طريق الخانقاه، بجوار قبة الأمير يشبك من مهدي الدوادار ما يعرف بقصر القبة وغرس إلى الشمال منه بستانا، ثم آل من بعده إلى ابنه مصطفى باشا.

* الخديو إسماعيل..القاهرة قطعة من أوروبا
وزار الخديوي إسماعيل باريس في سنة 1284هـ / 1867م وشاهد التخطيط الجديد لباريس الذي وضعه المهندس "أوسمان"، الذي ذاع صيته في أنحاء أوروبا في ذلك الوقت، وقام بمقابلة هذا المهندس وطلب منه وضع تخطيط جديد لمدينة القاهرة، كما قابل بيير جران - الذي أصبح من كبار مهندسي القاهرة فيما بعد - مهندس الطرق والكباري والمهندس باريلي ديشان الذي أنشأ غابة بولونيا في باريس، واتفق معه على وضع تخطيط جديد لحديقة الأزبكية، ثم بدأ إسماعيل في تنفيذ خططه لإعادة تخطيط مدينة القاهرة في سنة 1286هـ / 1869م، حيث أصدر أمرًا في 24 محرم / 6 مايو لنظارة الأشغال الإعداد المقاسات اللازمة لفتح بعض الشوارع وإنارتها ومد المناطق المحيطة بها بالمياه.

ونظم الخديو إسماعيل منطقة غرب القاهرة الممتدةمن الخليج المصري شارع بورسعيد الحالي) إلى شاطئ النيل في بداية حكمه وسماها "الإسماعيلية"، وكان يود تنظيم ما بقي من القاهرة بنفس الأسلوب لتكون شوارع المدينة صالحة لمجابهة التوسع التجاري والاقتصادي وكثرة عربات الركوب وعربات نقل البضائع وصدرت أوامره لديوان الأشغال بذلك، وصممت المشروعات حسب أوامره، ويصف على باشا مبارك هذه المرحلة بقوله: "وأن يعمل له قانون يأتي على المرام، وكان قبل ذلك رسم القاهرة محولا على فرقة من المهندسين تحت رياسة المرحوم محمود باشا الفلكي، فرسموها على ما كانت عليه، وبناء على هذا الرسم كتبت الإشارات فوقه بعمل هذه التنظيمات الموجودة بالمدينة المشاهدة الآن مثل شارع محمد على وميدانه وشوارع الأزبكية وميدانها وما بعابدين من الشوارع ونحوها وباب اللوق وغير ذلك مما هو بداخل المدينة وخارجها، وجرى العمل على ذلك، فظهرت كل هذه المباني الحسنة والشوارع المستقيمة المحفوفة بالأشجار الخضرة النضرة المستوجبة للقادمين على المدينة انشراح الصدور والفرح والسرور، وأزيل ما كان بجهتها البحرية من التلال.

أصدر إسماعيل عدة أوامر لتنظيم العمل في تطوير مدينة القاهرة وباقي المدن المصرية فأصدر في 5 شعبان 1284هـ / 2 ديسمبر 1869م أمرًا بتشكيل مجلس بلدي، حدد فيه إيرادات مدينة القاهرة ومصروفاتها من نظارة المالية. كما أسند إدارة المدينة إلى هذا المجلس ليعمل على تنظيمها ويكون له الحق في تنظيم ميزانيتها وصرف ما يراه مناسبًا للأعمال النافعة بها، شأنه في ذلك شأن المجالس البلدية في البلاد الأخرى، أصدر كذلك أمرًا في 14 محرم سنة 1286هـ / 27 أبريل 1869م لرئيس القومسيون الخصوصي باختصاصات هذا المجلس. ومنها فرض ضرائب حسب الحاجة لتوفير ما يلزم من متطلبات المجلس.

اقرأ أيضا: أيام القاهرة (4).. إطلالة على تاريخ المدينة في العهد العثماني



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك