انتخابات هنا .. - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 11:51 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

انتخابات هنا ..

نشر فى : الأربعاء 2 مايو 2012 - 8:10 ص | آخر تحديث : الأربعاء 2 مايو 2012 - 8:10 ص

يبدو أن كل انتخابات رياسية لابد أن تشهد قدرا من التلاسن بين المرشحين. وكلما زاد عددهم، كما هو الحال فى مصر، حيث بلغ عددهم 13 مرشحا حتى الآن، تعددت الضربات التنافسية تحت الحزام. وجرى فتح الملفات القديمة وتبادل الاتهامات حول الذين خدموا النظام السابق من الفلول وأشباه الفلول.. وأطلق المرشحون وعودًا مستحيلة تعد بمحو الأمية فى سنة، والقضاء على البطالة فى شهور، أو تحقيق العدالة الاجتماعية بين يوم وليلة!!

 

ونحن فى مصر ما زال أمامنا بعض الوقت قبل أن تتبلور الانتخابات الرياسية فى وضع كاشف تتضح فيه معالم الصورة.. وربما يمكن قراءة معالمها فعلا حين تبدأ المناظرات التليفزيونية خلال الأيام القليلة المقبلة، ويكشف كل مرشح عن نفسه وعن أفكاره وخططه.. وهو ما عجزت الحملات الانتخابية حتى الآن عن تحقيقه.

 

ولأنها المرة الأولى التى تجرى فيها انتخابات رياسية فى مصر، يعتقد أنها ستكون نزيهة، فلا يمكن مع ذلك مقارنتها بالانتخابات الرياسية الفرنسية التى أزاحت الستار فى جولتها الأولى عن مدى شعبية كل مرشح ومدى قوته الانتخابية. وظهر منها أن ساركوزى الرئيس الحالى تخلف فى الجولة الأولى عن تحقيق الفور المتوقع ولم يحصل إلا على نسبة 27.68 بالمائة مقابل 28.6 بالمائة لمنافسه الاشتراكى هولاند. ونحو 18 بالمائة لمنافسته مارين لوبان مرشحة الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف). والفارق بين ساركوزى وهولاند كما نرى ليس كبيرا، ولكنه يمثل الأصوات المرجحة فى أى نظام ديمقراطى. ويتحتم عليه أن يحافظ على هذه النسبة فى انتخابات الإعادة يوم 6 مايو المقبل.

 

بين المرشحين المصريين لا يوجد من يملك رصيدا فى الحكم يمكن الاحتكام إليه، كما حدث بالنسبة لساركوزى الذى فقد كثيرا من شعبيته لدى الناخب الفرنسى. فعلى الرغم مما حققه ساركوزى خلال ولايته حين صارح الفرنسيين بأنهم لابد أن يتغيروا ويغيروا أسلوب حياتهم لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية التى ضربت أوروبا، إلا أن سياساته الداخلية أثبتت أنها تعتمد على عنصر المفاجأة. وقد تبنى ساركوزى معظم سياسات اليمين المتطرف إزاء الأجانب. وأبدى قدرا كبيرا من الشوفينية. وأفضت معاداته للأجانب والمهاجرين المسلمين بالذات إلى فقدان نسبة كبيرة من الأصوات.

 

لا وجه للمقارنة بين انتخابات الرياسة فى فرنسا وبين مثيلتها فى مصر.. ولكننا ننظر إلى الحملات الانتخابية الأوروبية كما فى فرنسا، ونرى أن تزاحم أنصار المرشح حوله لا تجعل منه قديسا. وتعددت المناسبات التى يشرح فيها سياساته ويدافع عن طريقة إدارته للسلطة، ويوجه النقد الشديد لخصومه فى الأحزاب الأخرى دون مهاترات يفقد فيها الجميع كرامتهم. وحتى فى حالة الاتهام الذى وجه لساركوزى بأنه تلقى تمويلا من القذافى 50 مليون دولار لحملاته الانتخابية، فإن ذلك الاتهام لم يقلل من قدره وإن كان قد ألقى الضوء على عيوب سياساته الخارجية!

 

ويقودنا هذا إلى الحديث عن العلاقات المصرية الفرنسية خلال المرحلة المنصرمة، فى عهد كل من الرئيس السابق مبارك، وحكومة ساركوزى. فقد سارت فى نفس الطريق الذى سارت فيه العلاقات مع أمريكا وإسرائيل.. أى بما يخدم مصالح الغرب ويجعل التعاون مع إسرائيل ركنا أساسيا فى الإستراتيجية العربية للشرق الأوسط، سواء فيما يخص العلاقات مع إيران وسوريا أو حزب الله أو غزة.

 

وقد سعى ساركوزى منذ البداية وعن طريق تشكيل اتحاد أوروبى لدول البحر المتوسط، يضم الدول الأوروبية المتشاطئة والدول العربية المطلة على البحر المتوسط، تكون فرنسا فيها واسطة العقد.. إلى تشكيل تجمع أوروبى عربى، يحل محل اتفاقية برشلونة للدفاع عن المصالح الأوروبية فى الشرق الأوسط، ويسمح بوجود إسرائيل فى قلب المنظومة العربية ما دامت الجامعة العربية ترفض انضمامها إليها.. كانت هذه الأفكار والمخططات هى الشغل الشاغل لساركوزى فى سياساته تجاه الدول العربية المتوسطية.. حتى يمكن لفرنسا السيطرة على حركة الهجرة من أفريقيا والحد من عناصر النزوح الإسلامى القادم من المغرب العربى، على أساس تعهدات بزيادة الاستثمارات والمشروعات الفرنسية المشتركة.

 

وقد وجد ساكوزى فى الرئيس المصرى شريكا مخلصا لتحقيق أهدافه. وشهدت باريس عشرات الاجتماعات واللقاءات لتنفيذ هذه الخطة، التى واجهت مقاومة شديدة من بعض دول عربية. وأثبتت الأيام بعد ذلك أن عداء ساركوزى للمسلمين والمهاجرين العرب أعمق من أى ادعاءات ومزاعم حضارية.

 

ومجمل القول إن مصر والعالم العربى لن تخسر كثيرا لو خسر ساركوزى سباق الرياسة. والأمر فى النهاية يتوقف على مدى صلابة وتماسك النظام الجديد فى مصر بعد الثورة.

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات