أغنياء دافوس خائفون من عالم هم صانعوه - صحافة عالمية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 8:06 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أغنياء دافوس خائفون من عالم هم صانعوه

نشر فى : الإثنين 2 فبراير 2015 - 8:40 ص | آخر تحديث : الإثنين 2 فبراير 2015 - 8:40 ص

نشرت صحيفة الجارديان البريطانية مقالا لسيوماس ميلن يوضح فيه أسباب شعور كبار رجال النظام الرأسمالى بالخطر نتيجة سياساتهم الرأسمالية حيث يشعر المليارديرات وأفراد حكم القلة الذين اجتمعوا فى دافوس بالقلق بشأن التفاوت فى الدخول، حيث يرى الكاتب أنه قد يكون من الصعب تقبل أن يشعر أصحاب النفوذ فى نظام أحدث أوسع فجوة اقتصادية عالمية فى التاريخ البشرى بالقلق من شأن نتائج أفعالهم. لكن حتى مهندسى النظام الاقتصادى الدولى الزاخر بالأزمات بدأوا يرون الأخطار. فلا يقتصر الأمر على مدير صناديق التغطية المتمرد جورج سوروس الذى يحب وصف نفسه بخائن الطبقة. فبول بولمان، المدير التنفيذى لشركة يونليفير غاضب من «التهديد الرأسمالى للرأسمالية». وتخشى كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولى من أن الرأسمالية تحمل بالفعل «بذور دمارها» التى تحدث عنها ماركس وتنبه إلى ضرورة عمل شيء ما.

ويشير ميلن إلى حجم الأزمة الذى حددته مؤسسة أوكسفام الخيرية. فهناك 80 فردا الآن لديهم الثروة الصافية نفسها التى لدى 3،5 مليار شخصـ وهم نصف سكان العالم. وفى العام الماضى كان الـ 1٪ الأغنى يمتلكون 48٪ من ثروة العالم، مقابل 44٪ قبل خمس سنوات. وفى الاتجاهات الحالية، سوف يكون لدى الـ1٪ الأغنى أكثر مما لدى الـ99٪ الآخرين مجتمعين. ويتحسن الـ1٪، حيث تضاعفت حصتهم من الدخل الأمريكى أربع مرات منذ الثمانينيات.

ويعد ميلن هذا اختطاف للثروة على نطاق هائل. فلمدة 30 عاما، وبالإشارة إلى ما يسميه مارك كارنى محافظ بنك إنجلترا «أصولية السوق» تضخم التفاوت فى الدخل والثروة، داخل أغلبية كبيرة من البلدان وفيما بينها. وفى أفريقيا، تضاعف العدد المطلق الذى يعيش على أقل من دولارين فى اليوم منذ عام 1981 بينما تضخمت قائمة المليارديرات.

•••

ويوضح ميلن أنه فى معظم أنحاء العالم، تهبط حصة العمال من الدخل القومى باستمرار وأصاب الركود الأجور فى ظل هذا النظام من الخصخصة وتخفيف القيود والضرائب المنخفضة على الأغنياء. وفى الوقت نفسه امتص التمويل الثروة من المجال العام إلى أيدى الأقلية الصغيرة، حتى عندما دمرت بقية الاقتصاد. والآن تراكمت الأدلة على أن هذا الاستيلاء على الثروة ليس إساءة أخلاقية واجتماعية فحسب، بل إنه يغذى الصراع الاجتماعى والمناخى، والحروب، والهجرة الجماعية والفساد السياسى، والثروة المذهلة وفرص الحياة، والفقر المتزايد، والفروق النوعية والعرقية الآخذة فى الاتساع.

كان التفاوت المتصاعد فى الدخل كذلك عاملا مهما فى الأزمة الاقتصادية خلال السنوات السبع الماضية، الأمر الذى قلص الطلب وغذّى انتعاش الائتمان. وذلك لا يظهر فقط فى أبحاث الاقتصادى الفرنسى توماس بيكيتى أو المؤلفين البريطانيين للدراسة الاجتماعية «مستوى الروح». فبعد سنوات من تشجيع تشدد واشنطن، حتى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية وصندوق النقد الدولى اللذين يهيمن عليهما الغرب يقولان إن فجوة الدخل والثروة الآخذة فى الاتساع كان لها دور مهم فى النمو البطيء فى عقدى الليبرالية الجديدة الماضيين. وكان الاقتصاد البريطانى سيصبح أكبر بنسبة 10٪ لو لم يزد التفاوت بشكل كبير. والآن يستخدم الأكثر غنى التقشف لمساعدة أنفسهم للحصول على نصيب أكبر من الكعكة.

ويبرز ميلن أن التوقع الكبير بالنسبة لمد التفاوت فى الدخول فى السنوات الأخيرة كان أمريكا اللاتينية. فالحكومات التقدمية فى أنحاء المنطقة تجاهلت النموذج الاقتصادى «المفجع»، واستعادت الموارد من سيطرة الشركات وقلصت التفاوت. وهبطت أعداد من يعيشون على أقل من دولارين فى اليوم من 108 ملايين إلى 53 مليونا خلال ما يزيد قليلا على عشر سنوات. والصين، التى رفضت كذلك جزءا كبيرا من التعليم الليبرالى الجديد، تشهد تفاوتا يزداد بحدة فى الداخل لكنها كذلك انتشلت من الفقر أعدادا أكبر من بقية العالم مجتمعا، حيث عوضت فجوة الدخل العالمية المتزايدة.

تؤكد هاتان الحالتان المشار إليهما أن التفاوت فى الدخل والفقر المتزايدين بعيدان جدا عن أن يكونا حتميين. فهما نتيجة لقرارات سياسية واقتصادية. وتدرك حكومة القلة فى دافوس أن السماح للأمور بالاستمرار كما هى شىء خطير. ولذلك يريد البعض المزيد من «الرأسمالية الشاملة» بما فى ذلك المزيد من الضرائب التصاعية لإنقاذ النظام من نفسه.

ويؤكد ميلن ساخرا بأن ذلك لم يتحقق نتيجة لتأملات الجبال السويسرية أو حفلات غداء جيلدهول القلقة. ومهما كانت مشاعر بعض بارونات الشركات، فقد أظهرت المصالح المكتسبة للشركات والنخب بما فى ذلك المنظمات التى يديرونها والبُنى السياسية التى استعمروها ــ أنهم سوف يحاربون بشراسة حتى الإصلاحات المتواضعة. ولكى تدرك الفكرة يتعين عليك الاستماع إلى صرخات الاحتجاج، بما فى ذلك تلك الآتية من البعض فى جماعته، من خطط ميليباند لفرض ضرائب على المنازل التى تزيد قيمتها على مليارى جنيه استرلينى لتمويل الخدمة الصحية، أو مطالبة الجمعية الفابية التى كانت إصلاحية ذات يوم بأن يكون زعيم العمال أكثر تأييد للأعمال (أى الشركات)، أو حائط مقاومة الكونجرس لمقترحات الضرائب التى تتسم بقدر معتدل من إعانة التوزيع الخاصة بباراك أوباما.

•••

وفى ختام المقال يرجح ميلن أنه قد يكون قسم من النخبة القلقة مستعدا لدفع ضرائب أكثر قليلا. وما لن يقبلوه هو أى تغيير فى ميزان القوى الاجتماعى. وهو السبب، فى البلد بعد الآخر، فى أنهم يقاومون أية محاولة لتقوية النقابات، على الرغم من أن النقابات الضعيفة كان عاملا مهما فى ظهور التفاوت فى العالم الصناعى.

من خلال تحدى المصالح المتحصنة التى استفادت من النظام الاقتصادى المختل وظيفيا الذى سوف يلغيه مد التفاوت، يحاول حزب سيريزا المناهض للتقشف، والفائز فى الانتخابات اليونانية الأخيرة، أن يفعل ذلك فحسب. كما نجح يسار أمريكا اللاتينية فى عمله على مر العقد والنصف المنصرم. وحتى بلوغ هذه النقطة يتطلب حركات اجتماعية وسياسية أقوى للقضاء على الانسداد الذى فى التيار العام أو الالتفاف حوله. ودموع التماسيح بشأن التفاوت أحد أعراض النخبة الخائفة. لكن التغير سوف يحدث فقط نتيجة للضغط الاجتماعى العنيد والتحدى السياسى.

التعليقات