المائة عام الأخيرة: صعود وسقوط وعودة العرب - مواقع عربية - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 9:58 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المائة عام الأخيرة: صعود وسقوط وعودة العرب

نشر فى : السبت 2 يونيو 2018 - 9:40 م | آخر تحديث : السبت 2 يونيو 2018 - 9:40 م

نشر موقع «أخبار البلد» ــ المهتم بالشئون الفلسطينية ــ مقالا للكاتب لبيب قمحاوى عن التطورات الخطيرة التى طرأت على الدول العربية من تفشى الفساد والاستبداد والقمع فى الآونة الأخيرة. ويركز الكاتب على القضية الفلسطينية فيرى أن هناك محاولة أمريكية إسرائيلية لاستغلال حالة الضعف العربى لحل هذه القضية من خلال إغلاق هذا الملف عن طريق ما يسمى «بصفقة القرن».
يبدأ الكاتب حديثه قائلا إن التطورات الأخيرة فى العالم العربى تؤشر على بداية التغيير الإيجابى. فَمـِنْ وَسَط أكوام العَفـَن السياسى والأخلاقى ورواسب الفساد ودموية الاستبداد وإذلال الشعوب بدأنا نشاهد الآن بوادر التغيير الإيجابى تطل بوجهها المبتسم الخجول ولكن الصارم وإن كان لأسباب مختلفة وبصور متباينة فى كل مِن العراق ولبنان وفلسطين وتونس والأردن والكويت مُبشِرَة بإبتداء حقبة جديدة وقرب الانتهاء من مسيرة الفساد المالى والانحلال السياسى العربى والاستبداد والظلم حيث وصل الجميع إلى مرحلة الحسـم، مما يُحَتـِم على الأنظمة العربية الآن الكشف عن حقيقتها وأين تقف بالتالى من قضايا أمتها وشعوبها خصوصا أن الخيارات الآن تحدد مستقبل الأوطان. فالعديد من الدول العربية أصبح وجودها واستمرارها فى مهب الريح وعليها التشبث بهويتها الوطنية ومسارها الدستورى الديموقراطى وانتمائها القومى حتى تحمى وجودها.
الأنظمة العربية ومنها السلطة الفلسطينية، أمام استحقاقات خطيرة تتطلب منها الإعلان وبوضوح كامل عن موقفها من قضايا شعوبها وأهمها الحرية والديموقراطية والشفافية ومحاربة الفساد، وعن موقفها من عدو العرب الأكبر والأهم وهو إسرائيل. من يرغب من الأنظمة العربية فى الاستمرار فى قمع شعبه وفى الالتصاق بمسار الاستبداد والفساد عليه أن يكون مستعدا لدفع الثمن. ومن يرغب منهم فى اعتبار إسرائيل صديقا أو حليفا عليه أن يمتلك الشجاعة لأن يعلن ذلك على الملأ دون الحاجة إلى تبرير تلك الخيانة من خلال شتم الفلسطينيين أو المساعدة فى البدء بإغلاق المؤسسات الدولية التى تـُكـَرِّس وتعترف بوضع اللجوء الفلسطينى مثل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) من خلال حجب المساعدات عنها، ناهيك عن التعامل الفوقى واللامبالى مع حقوق الفلسطينيين ومع عمليات القتل التى يتعرضون لها باستمرار.
***
يضيف الكاتب إن التمهيد للتصالح والتحالف مع إسرائيل ولقبول ما يُدعى «بصفقة القرن» الهادفة إلى إغلاق الملف الفلسطينى وليس حل القضية الفلسطينية، هو محور السياسة العربية الحالية المعلنة وغير المعلنة. إن إعلان الرئيس الأمريكى ترامب عن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ذلك الاعتراف الذى لم يكن ممكنا لولا الموافقة الخفية اللئيمة لبعض الأنظمة العربية، فإن مثل ذلك الاعتراف والذى قوبل برفض بطولى فلسطينى قد تم استعماله كمدخل لطرح أفكار «صفقة القرن» الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية. وما تَسَرَّبَ حتى الآن عن «صفقة القرن» يؤكد أن الأفكار الأمريكية مرنة وما زالت قيد التشكيل وأن مدى سوء هذه الصفقة يرتبط مباشرة بموقف القيادة الفلسطينية والأنظمة العربية ومدى استعدادهم للقبول بالتنازلات كون «صفقة القرن» تتعلق بحجم الخسائر الفلسطينية ولا مكاسب من ورائها فى كل الأحوال.
هنالك محاولة أمريكية وإسرائيلية واضحة لاستغلال حالة الضعف الفلسطينى والتشتت والفرقة العربية، وتولى الحكم فى بعض الدول العربية من قبل جيل جديد من الحكام اللذين لا يؤمنون، على ما يبدو، بأية روابط عربية سوى مصلحتهم الآنية الخاصة، مما وضع المقدرات العربية فى أيدى ما لا يؤمن بالعروبة ولا يقبل بالالتزامات المترتبة على تلك الرابطة. والأخطر من ذلك هو استبدال تلك الرابطة القومية الحقيقية والتاريخية بعلاقات آثمة متغيرة مع إسرائيل أو مع دول غربية لها مطامع واضحة تتعارض ومصالح الشعوب العربية وتهدد مستقبلهم.

***
يوضح الكاتب إن تلاعب تلك الأنظمة العربية ومجموعة الحكام العرب الجدد بالمصلحة العربية القومية وتصنيفها بأنها رابطة تخلو من أى معنى ولا أهمية لها، قد خلق وضعا ساهم بالمزيد من الضعف العربى وزاد من سطوة الأعداء إلى الحد الذى لم يُبْقِيِ لتلك الأنظمة من حليف إقليمى مُحْتـَمل سوى إسرائيل. فمعاداة إيران وتركيا والإلتصاق بأمريكا يشير إلى أن خيارات تلك الأنظمة افتقدت إلى الحصافة والرؤيا السليمة لأن منطق الأمور يفترض بأن عدو عدوى هو صديقى. وإذا كان عداء إيران وتركيا لإسرائيل وأمريكا لا يتناسب ورؤيا تلك الأنظمة، فهذا يَعْكـِسْ بؤس خياراتهم. وإذا كان هنالك من خلاف مع تركيا وإيران فهذا يجب ألا يأتى فى أهميته وأولويته على العداء لإسرائيل وخطرها الداهم على دول الإقليم العربية.
يختتم الكاتب حديثه قائلا إن مقاليد الأمور ابتدأت تتركز تدريجيا بيد الشارع الفلسطينى الذى ابتدأ يعيد بناء دوره السياسى الفاعل كما هو متمثل فى الرفض الجماهيرى الفلسطينى لمحاولة إسرائيل حصار المسجد الأقصى ومن ثم الرفض الجماهيرى للاعتراف الأمريكى بالقدس عاصمة لإسرائيل. إن استمرار مسيرات العودة الأسبوعية وانطلاقها من قطاع غزة هى مؤشر آخر على انتقال الزمام من القيادة الفاشلة للسلطة الفلسطينية إلى الشارع الفلسطينى. وهكذا يصبح إعادة انبعاث النضال الجماهيرى الفلسطينى تحت الاحتلال وبالرغم عن السياسات القمعية الابتزازية للسلطة الفلسطينية مؤشر آخر على عودة النبض إلى الجماهير العربية وعلى أن الأمة لم تمت كما تريد أمريكا وإسرائيل وحلفاءهما من الأنظمة العربية وغير العربية، بل إن بوادر النهوض الحقيقى المنبعث من إرادة الجماهير الحرة وليس إرادة الحاكم الفرد المستبد، قد ابتدأت تطفو إلى السطح وتؤشر على بداية التغيير الحقيقى. وهذه عملية طويلة ومستمرة تتطلب المثابرة والنفس الطويل والايمان بحتمية انتصار الشعوب وقضاياها.

النص الأصلى:  هــــنــــا

التعليقات