أجواء مشحونة! - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 5:32 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أجواء مشحونة!

نشر فى : الأربعاء 2 نوفمبر 2011 - 8:40 ص | آخر تحديث : الأربعاء 2 نوفمبر 2011 - 8:40 ص

لم يحدث من قبل أن وجدت مصر نفسها على المحك أمام سلسلة من الأزمات والمنازعات الداخلية الحادة كما يحدث هذه الأيام.. إلى درجة أصبحت تثير شكوك المراقبين الأوروبيين فى قدرة الحكومة الانتقالية على مواجهتها والأخذ بزمام الأمور نحو أوضاع إصلاحية مستقرة، تشجع مناخ الاستثمار والمستثمرين.. وهو ما عبر عنه السفير الألمانى فى لقاء عقده مركز المعلومات بمجلس الوزراء بالتعاون مع مؤسسة كونراد اديناور. وقال فيه إن تصاعد مطالب الموظفين والعاملين بزيادة الأجور لن يؤدى إلى شىء الآن!

 

ولكن هذه المخاوف على خطورتها لا تعد شيئا إلى جانب ما نشهده يوميا من معارك محتدمة بين القضاة والمحامين. وقد بلغت الأزمة بين الطرفين حدا أدى إلى تعطيل المحاكم، وبات يهدد بتعطيل إجراء الانتخابات. واستخدمت فى المعارك الناشبة بين الطرفين كل أساليب البلطجة والبذاءات التى ما كان يتوقع أن يهبط فيها مستوى الحوار بين جناحى العدالة إلى مستوى تبادل الألفاظ النابية.. ويلجأ المحامون إلى فرض حصار على القضاة وتهديدهم، وإغلاق أبواب المحاكم عليهم من الخارج. وفى هذا السياق فقد الطرفان احترامهما فى نظر الشعب. ولم يعد أحد يريد أن يصدق أو يسمع كلمة واحدة عن جناحى العدالة التى انكسرت.. بعد أن عجز عقلاء القوم فى كلا الفريقين من تسوية النزاع وإعادة الاحترام إلى المؤسسة القضائية كلها.

 

للمحامين تحفظات على قانون استقلال السلطة القضائية، تتعلق بحق القاضى فى إيقاف المحامى أو اتخاذ إجراء ضده فى حالات انحراف محددة.. وهو ما أثار ثائرة المحامين. غير أن المقدمات التى أفضت إلى هذه النتائج، حين أمضى القضاة أسابيع وشهورا فى جدل محتدم بين الزند ومكى حول تفاصيل وجزئيات لا تستهدف المجموع الكلى للجسم القضائى. بقدر ما تستهدف تثبيت مميزات معينة لفئة من القضاة.. وهو ما أدى إلى ثورة نفر من المحامين، رأوا أن تمييز القضاة ليس مما يخدم العدالة. واشتد النزاع حول بعض مواد فى قانون السلطة القضائية.

 

من الواضح أن أحد الأطراف المعنية لا يريد حل المشكلة.. الحكومة لا تفكر فى طريقة لتسوية النزاع، ولكن كل ما يهمها أن تضمن مشاركة عدد كاف من القضاة فى الإشراف على الانتخابات. وهذا ما ركز عليه اجتماع عصام شرف والمجلس الأعلى للقضاء والمحامين. وذلك فيما يبدو على أمل إرجاء إصدار قانون السلطة القضائية إلى ما بعد تشكيل البرلمان الجديد.. فلا المجلس العسكرى يتعجل سرعة إصدار قانون السلطة القضائية، ولا المحامون، وربما القضاة أنفسهم!

 

فى نفس هذه اللحظة كان لابد أن يتمرد أمناء الشرطة على النحو الذى أوشك أن يؤدى إلى صدام يتم من خلاله حصار وزارة الداخلية، ليضيف إلى حالة التوتر وانفلات الأمن مزيدا من أسباب القلق الذى يُشَهِّر بعجز الحكومة عن إقرار النظام. ويبدو أنه لولا الاستجابة لبعض مطالبهم ونزول قوات الأمن المركزى، لكانت الأمور قد تطورت إلى مالا يحمد عقباه!

 

فى هذه الأجواء المشحونة التى يظهر فيها المشير بالزى المدنى فى شوارع القاهرة لغير علة ظاهرة، ثم تظهر بعدها صوره فى بعض الميادين كمرشح عسكرى محتمل للرياسة.. بينما تتعرض محاكمات رءوس النظام للرد والتأجيل وتعقيدات متوالية.. تزداد التكهنات والشائعات حول مصير الحكومة الانتقالية، وهل تشهد مصر فعلا مرحلة انتقالية يتم فيها انتقال السلطة من العسكريين إلى المدنيين؟ أم تظل البلاد تراوح مكانها، حتى يتسلمها العسكر كما طالب بعضهم أخيرا بذلك؟

 

فى معظم الأحيان، تبدو الأزمات والمنازعات التى تفاجئنا وكأنها ليست مفاجئة لأحد. وكأنه قد تم الترتيب والإعداد لها فى توقيتات دقيقة. وتبدو الدولة وكأنها غائبة عن الوجود.. بينما كل شىء على المحك وقد ينفجر سريعا!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات