القطار الصح فى المكان الخطأ - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:53 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

القطار الصح فى المكان الخطأ

نشر فى : الأربعاء 3 فبراير 2021 - 7:25 م | آخر تحديث : الأربعاء 3 فبراير 2021 - 7:25 م

أخشى أن يبدأ مشروع القطار فائق السرعة بالخط الممتد من العين السخنة إلى ميناء جرجوب على البحر المتوسط بطول 460 كيلومترا، وتكلفة تصل إلى 3 مليارات دولار، حلقة جديدة فى مسلسل المشروعات العملاقة التى لم تحقق العائد المرجو منها سواء بسبب خطأ التوقيت أو سوء الاختيار.
حدث هذا عندما تم ضخ مليارات الجنيهات لشق قناة السويس الجديدة ثم اتضح أن حركة التجارة العالمية وأوضاع الاقتصاد العالمى غير مناسبة لتحقيق الاستفادة التى جرى الحديث عنها من القناة الجديدة، ولم تزد إيرادات القناة بالنسبة المستهدفة. وحدث هذا مع محطات الكهرباء التى اندفعنا فى إقامتها لنكتشف فى نهاية المطاف أن لدينا فائضا كبيرا فى توليد الكهرباء لا نعرف كيف نصرفه، فى حين أن الدولة ما زالت ملتزمة بسداد أقساط قروض تمويل إقامة هذه المحطات.
أما بالنسبة لهذا القطار الذى يقال إنه سينقل الركاب والبضائع بين العين السخنة والساحل الشمالى، فهو يمر إما عبر مدن جديدة أو مناطق صحراوية لا توجد بها أى كثافة سكانية تضمن التشغيل الاقتصادى لهذا القطار.
الكلام نفسه ينطبق على القول باستخدامه فى نقل البضائع، خاصة أنه لم يخرج علينا أى مسئول لكى يقول لنا ما هو حجم البضائع المتداولة على مسار الخط، ومدى ما يمكن أن يوفره هذا القطار من أموال أو حتى وقت بالنسبة لحركة التجارة الداخلية.
قد يكون القطار فائق السرعة مفيدا، وربما مطلوبا، لكنه لن يكون كذلك عندما يمر عبر مدن جديدة ومساحات صحراوية خالية من الركاب والسكان، وكان من الأولى، إذا ما كان لدى الحكومة أموال فائضة تريد تشغيلها فى مشروعات عملاقة أن تبدأ بالخط الرابع للقطار المقرر أن يبدأ من مدينة السادس من أكتوبر وينتهى فى أسوان.
ففى حالة قطار الخط الرابع الذى يقال إنه يستطيع قطع المسافة من القاهرة إلى أسوان خلال 4.5 ساعة، يمكن نقل ملايين الركاب من المصريين والسائحين الأجانب الذين يريدون السفر بين القاهرة ومحافظات الصعيد وتوفير نحو 10 ساعات من زمن الرحلة مقارنة بالقطار الحالى. كما أن مرور الخط بكل محافظات الصعيد يعنى أنه سيجد الكثير من البضائع التى يتم نقلها بين هذه المحافظات بما يمثل قيمة مضافة للتجارة الداخلية فى البلاد.
أخشى ما أخشاه أن يقع اختيار الحكومة على البدء بخط العين السخنة ــ الساحل الشمالى، لسهولة التنفيذ وقصر المسافة نسبيا وعدم وجود عوائق طبيعية أو بشرية فى مساره مقارنة بخط الصعيد على سبيل المثال. وفى هذه الحالة ستكون الحكومة قد فعلت ما فعله جحا عندما كان يبحث عن شىء ضاع منه فى مكان مضىء، وعندما سأله الناس هل هذا الشىء وقع فى هذا المكان، قال لا إنه وقع فى مكان مظلم ولا جدوى من البحث عنه هناك والأفضل البحث عنه فى النور.
إذا لم تكن الحكومة قد حددت بالفعل الجدول الزمنى لتنفيذ خطوط القطار فائق السرعة حتى الآن، يجب عليها التفكير بشدة فى البدء بخط الصعيد باعتباره الأجدى اقتصاديا واجتماعيا من منظور المواطن البسيط على الأقل.

التعليقات