نحتاج إلى «مؤازرة» الناس - محمد موسى - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 8:25 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نحتاج إلى «مؤازرة» الناس

نشر فى : الأربعاء 3 يونيو 2015 - 9:55 ص | آخر تحديث : الأربعاء 3 يونيو 2015 - 10:40 ص

الوفد الفني الذي يرافق الرئيس السيسي ف رحلته إلى ألمانيا، هو الرد الذي اختاره "المحبون" على تصريحات رئيس البرلمان الألماني، بإدانة ما تشهده مصر من اضطهاد منظم للجماعات المعارضة، والاعتقالات الجماعية، وأحكام الإعدام. والرد "بلدي" يثير الشفقة أكثر مما يثير السخرية، التي ملأت مواقع التواصل.

الرد الحقيقي يجب ان يكون سياسيا، ومن أصل الاتهامات الموجهة إلى نظام يتجاهل تعاقده مع الناس في ٣ يوليو باستكمال خارطة المستقبل، وينتهك الدستور بقرارات رئاسية وحكومية كل يوم تقريبا.

لا يوجد سبب لاستمرار الحياة في غياب مجلس الشعب، إلا ما يبدو عشقا للغناء المنفرد، من جانب بعض أجنحة الحكم، بعد هدم المعبد على الإخوان وشباب يناير، أما المعارضون من خارج الفسطاطين، وهم كثر، فيسهل تصنيفهم إخوان أو أجندة وعملاء، أو بالتعبير الأكثر ابتذالا في التاريخ: أعداء النجاح.

كل يوم قانون أو قرار
في الشهور الثلاثة الأولى من العام الحالي، صدر ٤١ قانونا وقرارا من رئاسة الجمهورية، كما صدرت ١٠ قوانين من مجلس الوزراء، بالإضافة إلى ٢٣ قرارا من وزارة العدل، و٧ من الداخلية، أي بمعدل أكثر من قانون أو قرار يصدر كل يوم، لو احتسبنا العطلات وأيام الجمعة.
معظم هذه القوانين تثير الكثير من النقاش والجدل، وبعضها يخالف الدستور بصراحة مؤلمة، وكلها صدرت من دون الرجوع للشعب، ولا لمجلس الشعب، ولا للمناخ العام الذي يعيشه الشعب، وستكون النتيجة يدفع النظام ثمنها قبل الجميع.

المرصد المصري للحقوق و الحريات أصدر قبل أيام قائمة بما سماها "انتهاكات حقوق الانسان عن طريق القرارات و التشريعات التي يصدرها الحكم في ظل انتزاعه الحق في التشريع منذ أحداث 30 يونيو 2013، في ظل عدم وجود رقابة برلمانية". والعنوان وحده يكفي لإثارة الرعب.

من أهم ما صدر في الشهور الأخيرة، "استمرار العمل بقانون الطوارئ في شمال سيناء، وتعديل بعض احكام قانون تنظيم العمل في الجامعات، وإصدار قانون الخدمة المدنية المعني بالحياة الوظيفية من دون ان يكون هناك حوار مجتمعي بخصوصه"، كما قال التقرير، وهو يسوق مثالا ثالثا، بقرار منح الجيش الحق كاملا في إدارة ميناء الأدبية الجاف بعد إنشائه، ويخوله كافة اختصاصات الهيئة العامة للموانئ البرية و الجافة.

كل "التعديلات التي طرأت على المنظومة التشريعية المصرية منذ 30 يونيو 2013 و حتي الان تعبير عن الطبيعة الاستبدادية للحكم، فلا يوجد تمثيل للمواطنين في السلطة التنفيذية أو التشريعية او القضائية". هذا ما يقوله المرصد، وما يذهب إليه غالبية المراقبين في الداخل والخارج، لأن هناك إفراطا في استخدام التشريع، في غياب مجلس الشعب.

في انتظار مراجعات البرلمان
الأمثلة كثيرة، منذ قانون الا نتخابات الرئاسية، إلى استثناء موظفي الرئاسة والوزراء من قانون الخدمة المدنية، الذي يضرب فكرة العدالة الاجتماعية في مقتل.

قانون تنظيم الحق في التظاهر الذي أصدره عدلي منصور، وتم الطعن عليه أمام الدستورية، مازال دليلا على قمع المرحلة، وشعارا مثل أعلام القراصنة السوداء على تكميم الأفواه، ومصادرة الميادين.

قانون تحصين عقود الدولة مع المستثمرين.

القانون الذي يعتبر المنشآت العامة في حكم المنشآت العسكرية، ويحيل المعتدي عليها إلى المحاكمة العسكرية، بالمخالفة للمادة 204 من الدستور.

القرار الجمهورى بتعديلات قانون التعاون الزراعى بالمخالفة للمادة 42 من الدستور، التي تنظم مشاركة الفلاحين والحرفيين في مجالس إدارات التعاونيات والاتحادات.

قرار إنشاء عاصمة جديدة كان مخالفا للدستور الذي ينص على أن القاهرة عاصمة مصر.

المخالفة الأكبر من نصيب المادة 230 للدستور، والتي تنص على: "تبدأ الانتخابات التالية، أي البرلمانية، خلال مدة لا تجاوز ستة أشهر من تاريخ العمل بالدستور"، بما يعني أنه كان ينبغي إجراء الانتخابات البرلمانية في ١٥ يوليو ٢٠١٤، لأن بداية العمل بالدستور كانت في 15 يناير من ذلك العام البعيد.

والآن قانون الانتخابات الذي لا يكتمل، ولا يبدو أن له صبحا سيشرق علينا ذات يوم.

من حق الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يصدر أي قوانين بموجب السلطة التشريعية التي يمتلكها في ظل غياب البرلمان، كما يقول أستاذ القانون الدستوري د. رمضان بطيخ، وسيراجعها المجلس التشريعي لدى انعقاده، "ولا يجوز الحديث عن عدم دستورية أي قرار حاليًّا سوى للمحكمة الدستورية، في حالة اعتراض أحد المواطنين الذين لهم حق الطعن باستخدام ذلك الحق أمام المحكمة والنظر في الدعوى".

أين يوجد ذلك المواطن يا دكتور صاحب حق الاعتراض؟

ينصحنا الدكتور بطيخ بضرورة التريث قبل إصدار الأحكام على القرارات الرئاسية.

التريث يا دكتور؟

لن يسقط بالتقادم
على صفحته بموقع فيسبوك، علق الفقيه الدستوري نور فرحات عن القانون الذي يخول الرئيس سلطة وقف التحقيقات الجنائية مع الأجانب وترحيلهم خارج البلاد والعفو عنهم فى أي مرحلة كانت عليها الدعوى الجنائية، متسائلا: هل قرأ من اقترحوا هذا القانون المادة ١٨٤ من الدستور التى تتحدث عن استقلال السلطة القضائية وعن ان التدخل فى عملها جريمة لا تسقط بالتقادم ؟.

تحتاج مصر أكثر من أي وقت لتآلف القلوب في الداخل، وإلى تفهم الاأطراف الخارجية لما يجري على الأرض، لأن ما يتآكل هو شرعية الحكم، وليس جماهيرية زعيم، أو كفاءة مسئول تنفيذي.

تحاج مصر إلى تغيرات كبرى وسريعة، ليس من بينها إرسال وفد برئاسة يسرا إلى برلين، أما المؤازرة فمصدرها الوحيد والأكيد هو الشعب.

محمد موسى  صحفي مصري