ديناميكية مجتمع الصحابة - نادر بكار - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 8:52 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ديناميكية مجتمع الصحابة

نشر فى : الإثنين 4 يناير 2016 - 10:15 م | آخر تحديث : الإثنين 4 يناير 2016 - 10:15 م
اختلف اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الرأى مرارا وبعضهم كان أعلى فى المكانة والفضل من مخالفيه بكثير فلم يحملهم ذلك على اتهام بعضهم بعضا بالتهم التى يتساهل فيها الناس اليوم تساهلا عجيبا وما يدرون أنها تحلق الدين حلقا.

اختلف الصحابة فى تفسير أمره صلى الله عليه وسلم (لا يصلين أحدكم العصر إلا فى بنى قريظة) فكان منهم من صلى فى بنى قريظة حتى بعد فوات الوقت وكان منهم من صلى العصر فى وقته وفهم ان المراد من الأمر هو حثهم على الإسراع فقط، فلم يثرب فريقٌ منهم على من خالفه اجتهاده أو حاول حمله قسرا على ما فهم واستوعب.
ويوم حادثة الإفك تأخر الوحى عن رسول الله امتحانا من ربه وتمحيصا لصفوف المؤمنين فاستشار اثنين من خاصة أصحابه فى شأن فراقه لعائشة رضى الله عنها، فأما أسامة بن زيدٍ، فقال: يا رسول الله، هم أهلك ولا نعلم إلا خيرا، وأما على بن أبى طالب، فقال: لم يضيق الله عز وجل عليك، والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك، وعلى بقوله هذا لم يشر عليه بترك عائشة لعيب فيها وإنما كما يوضح ابن حجر: ((وهذا الكلام الذى قاله على حمله عليه ترجيح جانب النبى صلى الله عليه وسلم لما رأى عنده من القلق والغم بسبب القول الذى قيل، وكان صلى الله عليه وسلم شديد الغيرة فرأى على أنه إذا فارقها سكن ما عنده من القلق بسببها إلى أن يتحقق براءتها فيمكن رجعتها )).
وخليفة المسلمين ابو بكر فى أول أيام حكمه قد احاط به قطاعٌ عريضٌ من الصحابة يحاولون إثناءه عن المضى قدما فى قراره بإرسال أحد عشر جيشا دفعة واحدة لكسر محاولات تقويض الدولة الوليدة فما زادوه غير إصرار…. وكان موطن معارضتهم الرئيسية فى قضيتين، قضية إنفاذ بعث أسامة التى كانت مركبة فى حقيقة الأمر من مادتين أولاهما الاعتراض على مقارعة الروم فى توقيت حرجٍ كانت الروم فيه فى أوج قوتها وثانيها سن أسامة نفسه الذى اعترض عليه كثيرون، والقضية الثانية فى قتال مانعى الزكاة على ماهو معروفٌ مشتهر.
حتى الرأى فى الرجال وتقييمهم، قد اختلفت فيه تقديراتهم وكلهم مجتهدٌ مأجور، فقد اختلف مثلا رأى عمر وابو بكر ٍ فى شأن خالد، ولهذا كان أبو بكر الصديق ــ رضى الله عنه ــ يؤثر استنابة خالد، وكان عمر بن الخطاب ــ رضى الله عنه ــ يؤثر عزل خالد، واستنابة أبى عبيدة بن الجراح ــ رضى الله عنه ــ لأن خالدا كان شديد، كعمر بن الخطاب، وأبا عبيدة كان لينا كأبى بكر، وكان الأصلح لكل منهما أن يولى من ولاه، ليكون أمره معتدلا والكلام هنا لابن تيمية فى السياسة الشرعية.
وعزل عمر (سعد بن أبى وقاص ) على إثر اعتراض أهل الكوفة على شخصه، فما عزله إلا درءا للفتنة؛ قائلا فى شأن ذلك: « فإنى لم أعزله عن عجز ولا خيانة»....و هو مع ذلك قد جعله ضمن مجلس الستة الذى ائتمنه على خليفة المسلمين من بعده.
واختلف المهاجرون والأنصار على فريقين يوم علم عمر أن الطاعون قد ضرب دمشق وهو إذ ذاك فى طريقه إلى الشام، فدعاهم ليستشيرهم؛ فاختلفوا فقال بعضهم‏:‏ قد خرجت لأمر ولا نرى أن ترجع عنه‏؛ وقال بعضهم‏:‏ معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء؛ فكان آخر أمره آن عزم على الرجوع فلم يدخل دمشق...... وقتها عارضه أبو عبيدة بقوله: أفرارا من قدر الله؟ ورغم ما فيها من اتهام ٍ صريح ٍ إلا أن أحدا لم يراجع أبا عبيدة فى ما قاله، وتقبلها منه عمر بقبولٍ حسن ٍ؛ قائلا: نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله.
ومن ذلك رفض أمير المؤمنين عثمان بن عفان ــ رضى الله عنه ــ قتال محاصريه، رغم أن كثيرا من الصحابة كانوا على خلاف رأيه فى وجوب الدفاع عنه حتى الموت؛ مما اضطره أن يقول: أعزم على كل من رأى أن لى عليه سمعا وطاعة، إلا كف يده وسلاحه، فإن أفضلكم عندى عناء من كف يده وسلاحه» وقد كانت داره يومئذٍ غاصة بسبعمائة، لو يدعهم لضربوا محاصريه حتى يخرجوهم من أقطارها؛ منهم: ابن عمر والحسن بن على وعبدالله بن الزبير كما يحكى ابن سيرين.