هل فى مصر شبيحة؟ - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 8:02 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل فى مصر شبيحة؟

نشر فى : الإثنين 4 يوليه 2011 - 8:51 ص | آخر تحديث : الإثنين 4 يوليه 2011 - 8:51 ص
لم يعد من المقبول أن تبحث الحكومة فى كل مرة عن أعذار تعفيها من المسئولية كلما حدثت مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن، وأن تلقى المسئولية على «البلطجية» أو عناصر مناهضة للثورة تعمل بطريقة منظمة لإشاعة الفوضى، فقد كان يكفى فى مرات سابقة ان تتبع مصادر التحريض والتمويل التى تدبر هذه الجرائم وتصطنع المصادمات وتشعل الحرائق.. وهى تختار الوقت والساعة والظرف الملائم لتوجيه ضرباتها الى الثورة ومصداقيتها، وإلى قدرة المجلس العسكرى على حماية الثورة والدفاع عنها، وتضع مصر بذلك فى صورة الدولة المهزوزة غير المستقرة، وبعبارة أخرى فالوصول الى جذور «البلطجية» وبؤر تشكيلها، ليس بالأمر المستحيل، وهناك من الأدلة ما يقطع بوجودهم اثناء الأحداث، يستطيع المرء أن يراهم ويميزهم عن أقارب الشهداء وأصحاب المطالب المشروعة، وإلا فإننا نقترب من وضع مثل الوضع فى سوريا التى استخدمت الشبيحة فى ضرب المتظاهرين والمعارضين للنظام!

ربما كان من حق البعض أن يدين عنف الشرطة فى مواجهة المتظاهرين لدى خروجهم من مسرح البالون بعد احتفال فاشل بالشهداء.. ولكن الشرطة التى تلقت اللوم لتخاذلها فى مرات سابقة استخدمت هذه المرة ما بدا لها مبررا لمقاومة عمليات التخريب، ولو قارنا ما تفعله الشرطة اليونانية ضد المتظاهرين فى اثينا من اطلاق الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه على المتظاهرين، لما كان هناك مبرر لتحلق المتظاهرين فى مصر، خصوصا ونحن نطالب الشرطة بالحزم ونكتشف ان اعداد البلطجية والمندسين تفوق اعداد أقارب الشهداء وشباب الثورة، وكانت النتيجة لذلك سقوط أعداد أكبر بين الشرطة وبين المتظاهرين.

لا يكفى أن نلقى اللوم على البلطجية والعناصر المدفوعة المنظمة، ولا على تجاوزات الشرطة وافراطها احيانا فى استخدام القوة، ولكن معظم المؤشرات تدل على أن تزايد وتيرة التوقعات بعد الثورة احترقت سقف الممكن من المتغيرات التى وعدت بها الحكومة والمجلس العسكرى، وزادت لذلك احتمالات وقوع ردود فعل عكسية، نتيجة استمرار حالة الفوضى وبطء العدالة والركود الاقتصادى وعدم عودة السياحة الى معدلاتها.. الأمر الذى انعكس فى وجود اعداد كبيرة من العاطلين والعائدين من ليبيا من الجالسين على المقاهى فى الشوارع والعشوائيات، فى انتظار حدوث ما لا يحدث.. والذين سرعان ما ينضمون إلى المتظاهرات والتجمعات التى يحركها الغضب والاحتجاج حول قضية ما. ويصبح الأحباط الخاص بمجموعة من الناس لهم مشكلة حالة احباط عام يضم طوائف مختلفة، فالاقباط الذين وعدوا بإعادة فتح الكنائس المغلقة، والنازحون من العشوائيات الذين وعدوا بشقق سكنية لم يحصلوا عليها وغيرهم من أصحاب القضايا الفئوية المعتصمين فى ماسبيرو يشكلون رصيدا ملتهبا قابلا للانفجار بتحريض أو بغير تحريض من البلطجية!

ولهذا لم يكن غريبا أن يحذر مهاتير محمد الزعيم الماليزى الذى اعاد بناء بلاده من خلال تجربة رائدة فى العالم الثالث من استمرار التظاهرات فى مصر، لأنه بدون استقرار سياسى لن يمكن تحقيق نمو اقتصادى، استمرار التظاهر طول الوقت من شأنه أن يصد المستثمرين ويضاعف البطالة.

ويلمح مهاتير محمد إلى حقيقة طالما نبه إليها الكثيرون وهى أن عدم تبلور ملامح قيادة للثورة توحد فصائلها قد يؤدى لاحقا الى ظهور مشكلات بسبب احتمال تصادم ارادات مختلفة، وهذا ما نلاحظه فى التطورات الراهنة. وما قد ينعكس بدرجة أو بأخرى على ممارسة الديمقراطية التى يرى مهاتير أن المشكلة التى قد تواجهها مصر هى اعتراف الخاسر بخسارته فى الانتخابات. وتلك الظاهرة قد تأخذ وقتا طويلا قبل أن تستقر الممارسة الديمقراطية على اسس ثابتة.

لقد طالب كثيرون بكشف الحقائق عما جرى فى ميدان التحرير قبل عدة أيام، وحذر البرادعى من تآكل مصداقية الدولة.. مما يدل على زمن معظم الأحداث التى تقع فى ميدان التحرير ليست تلقائية ولا طبيعية، وان انتشار حالة الإحباط العام كفيل باشعال ثورة مضادة من حيث لا يدرى أحد!

 

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات