تحدثت فى مقال الأمس عن الاستثمارات المصرية فى إفريقيا، وعن نماذج محددة تبدأ من الحلل وبقية الأدوات المنزلية نهاية بالبتروكيماويات، وذلك بمناسبة جولة وزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطى فى ست دول بغرب إفريقيا، حيث اصطحب معه نحو ٣٠ من رجال الأعمال يمثلون نوعيات مختلفة من الأعمال.
اليوم نسلط الضوء على قصص نجاح مصرية أخرى آملين أن تتعاظم فى المستقبل حتى تسهم فى إخراج الاقتصاد المصرى من مشاكله الكثيرة.
شركة «المقاولين العرب» صاحبة دور رائد فى إفريقيا فى الماضى والحاضر، ويندر أن تزور دولة إفريقية، ولا تجد هذه الشركة وموظفيها المتميزين. بل إن رئيس الشركة فى العديد من الدول الإفريقية يحظى باتصالات مباشرة من كبار المسئولين فى هذه الدول. ويكفى أنها ومعها شركة السويدى شاركت فى تنفيذ سد جوليوس نيريرى فى تنزانيا، بتكلفة ٣٫٦ مليار دولار، ويعتبره بدر عبدالعاطى أعظم مشروع تنفذه مصر خارج البلاد، وتم بخبرة وأدوات مصرية كاملة باستثناء التوربينات، وطبقًا للبيانات المتاحة فإن الشركة نفذت مشروعات بنية فى ١٨ دولة إفريقية بميزانيات تتراوح بين ١٠٠ و٣٢٠ مليون دولار، مثل الطرق وشبكات المياه.
ومن المقاولين إلى شركة «السويدى» التى صارت خير سفير لمصر فى الخارج خصوصًا إفريقيا، فقد توسعت فى إنتاج الكابلات والمحولات، وأطلقت مشروعات عديدة فى الجزائر وزامبيا وغيرها من الدول الإفريقية.
هناك أيضًا «مجموعة منصور» التى تتواجد فى ١٢٠ دولة، وتغطى قطاعات الطاقة والسيارات والتجزئة والتمويل. وهناك مجموعة فيسكى الناشئة وتعمل فى مجال التكنولوجيا وافتتحت أعمالًا فى عشر دول إفريقية، ولها شركات مهمة مع شركات عالمية كبرى، ووصلت إيراداتها لأكثر من مليار دولار، وتم اختيارها ضمن أفضل ٥٠ شركة فى الشرق الأوسط وإفريقيا لعامى ٢٤ - ٢٠٢٥.
وبالطبع فإن شركة عز للحديد لها وجود مهم فى العديد من الأسواق الإفريقية، وفى نيجيريا هناك شركة طنطا موتور التى تصدر الآلات الزراعية والجرارات.
وفى عام ٢٠٢١ سجلت مصر أعلى عدد من صفقات تمويل المخاطر فى إفريقيا بإجمالى ١٤٧ صفقة تمثل ٢٤٪ من صفقات الشرق الأوسط وحصلت على ١٨٪ من إجمالى رأس المال المستثمر على مستوى إفريقيا، وزادت تمويلاتها إلى ٤٩١ مليون دولار.
وفى العام الماضى جمعت الشركات الناشئة المصرية تمويلًا بلغ ٣١٢ مليون دولار، واستحوذت على ٤٨٪ من تمويل القطاع المالى فى إفريقيا.
وهناك دور مهم للبنوك المصرية الكبرى لتمويل مشروعات مصرية فى ٥٢ دولة إفريقية، وجرى تنفيذ عقود إنشائية بقيمة تزيد على ١٢ مليار دولار نصفها لصالح الشركات المصرية.
خلال الجولة مع وزير الخارجية مع البلدان الست، يتبين أن إفريقيا لديها موارد شديدة الأهمية، وبالتالى فإن المستثمرين المصريين لديهم فرص مهمة جدًا فى الزراعة والتعدين والبنية التحتية والتكنولوجيا والطاقة والأدوية والمعدات الطبية والبتروكيمات.
ومن خلال النقاشات فمن الواضح أن القطاع الخاص لديه فرص أفضل بكثير من القطاع العام فيما يتعلق بالاستثمار فى إفريقيا. الدولة يمكنها أن تدعم القطاع الخاص بالضمانات وفتح الأسواق وتترك له حرية المخاطرة.
عبدالعاطى قال إن لدينا شركات مصرية لديها خبرات تفوق نظيراتها العالمية، ومستقبلها فى إفريقيا والوطن العربى وليس أوروبا وأمريكا ويمكنها أن تتعامل فى إفريقيا بنظام السلعة مقابل السلعة.
بعض المصريين تحدث عن ضرورة الاستثمار المصرى فى التعليم بإقامة المجمع التعليمى من أول الحضانة حتى الجامعة، وكذلك إنشاء المستشفيات.
ورد عبدالعاطى بأن الوزارة يمكنها إرسال أكبر عدد من كبار الأطباء فى مراكز داخل مستشفيات مقامة حكومية إفريقية. أو نأخذ دورًا فى مستشفى ونطوره ونمده بالأطباء المصريين على غرار مركز مجدى يعقوب للقلب فى رواندا.
قبل أن نذهب إلى مصنع سيلتال كنا قد قابلنا العديد من شباب مصريين صغار السن يقيمون فى دول إفريقية ويصدرون إليها أدوات بلاستيكية خصوصًا «الحلل» معظمهم من وجه بحرى، وهم نماذج للكفاح والإصرار والعزيمة ويعملون فى أجواء شديدة الصعوبة.
أخيرًا: هل الأمور وردية أمام المستثمرين المصريين فى إفريقيا؟ الإجابة هى لا، والتحديات والمخاطر كثيرة، لكن لا مفر من المحاولة والعمل، فلا نجاح من دون مخاطرة.