ترشيد «رسائل القوة»! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:00 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ترشيد «رسائل القوة»!

نشر فى : السبت 5 يناير 2019 - 12:20 ص | آخر تحديث : السبت 5 يناير 2019 - 12:20 ص

كثيرا ما يلفت الانتباه فى أعقاب كل حادث إرهابى، يستهدف دور العبادة المسيحية، أو السياح الأجانب كما حدث أخيرا فى «المريوطية»، مسارعة الأجهزة المعنية، إلى اصدار فيديوهات مصورة توضح حجم الانتشار الكبير للقوات الأمنية فى محيط تلك الأماكن.
الرسائل المباشرة من وراء هذه الاصدارات المصورة، هى بث حالة من الطمأنينة فى قلوب من يعتريهم الخوف والقلق جراء الهجمات الإرهابية الغادرة، والتأكيد على ان جميع الأماكن فى مصر سواء كانت دينية أو سياحية أو حتى الأماكن العامة، تحت السيطرة الكاملة لقوات الأمن.
ربما تكون «رسائل القوة» هذه مفيدة مرحليا، خصوصا على المستوى الداخلى، وتعطى تأثيرا ايجابيا على الفئة المستهدف طمأنتها، لكنها تحتاج إلى ترشيد كبير فى الاستخدام والترويج على المستوى الخارجى، لأنها تعطى اشارات سلبية نحن فى غنى عنها، اهمها ان الأماكن السياحية فى مصر تحولت إلى ثكنات أمنية، وهو ما لا يحقق الهدف المطلوب والمتمثل فى جلب السائحين الأجانب لزيارتها.
عبارة «بلد الأمن والأمان» التى نرددها دائما، ونسعى إلى توصيلها للخارج، لا تعنى بأى حال من الأحوال ان نسير رتلا من السيارات المدرعة بجوار الأماكن الأثرية، أو ان يظهر جنودنا بكامل عتادهم وأسلحتهم فى حالة تأهب قصوى على بعد خطوات قليلة من المزارات السياحية المختلفة.
فالسائحون الأجانب عندما يرون مثل هذا الانتشار الكبير للعناصر والعربات الأمنية فى تلك المزارات والمناطق الأثرية، سيتكون لديهم انطباع سلبى عن الأوضاع فى البلاد، وسيفكرون ألف مرة قبل الاقدام على زيارة مثل هذه الأماكن المحاطة بكل هذه التدابير الأمنية.
نعلم اننا منذ حادث سقوط الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء فى أكتوبر عام 2015، تضاعفت لدينا الهواجس والمخاوف، وتم تشديد اجراءات الأمن فى جميع المناطق السياحية والمطارات، خصوصا بعد منع موسكو سائحيها من زيارة مصر، خصوصا شرم الشيخ وهو ما كبد الدولة خسائر بمليارات الدولارات.
الحكومة المصرية بذلت بالتأكيد على مدى الشهور الماضية، جهودا كبيرة ومضنية لمعالجة تداعيات هذه الأزمة التى تعد الضربة الأقوى التى توجه لصناعة السياحية فى مصر، منذ حادث الأقصر فى 17 نوفمبر عام 1997، وبدأت السياحة فى التعافى تدريجيا خلال الفترة الأخيرة، وزادت معدلات تدفق السائحين الأجانب على مصر.
لكن المغالاة فى تصدير صور الانتشار الأمنى فى المناطق السياحية أو حتى فى الأماكن والمنشآت العامة لن يكون مفيدا على الإطلاق، ويجب العمل على ترشيده حتى لا يرسخ الفكرة الخاطئة لدى البعض عن وجود مخاطر أمنية حقيقية تواجه البلاد فى الوقت الراهن، وتجعل مجرد التفكير فى زيارتها مخاطرة كبيرة.
ينبغى علينا إدراك انه لا يوجد بلد واحد فى العالم مؤمن تماما ضد العمليات الإرهابية، وكل يوم نسمع ونشاهد مثل هذه الحوادث فى الدول الأوروبية والولايات المتحدة وكذلك فى الدول الآسيوية.. فمهما كانت قوة وكفاءة الأجهزة الأمنية، الا انها لا تستطيع منع وقوع تلك الجرائم الإرهابية بنسبة مائة فى المائة.
اذن المطلوب هنا هو التعامل بكثير من اليقظة الأمنية ومعالجة جميع الثغرات التى قد تسمح بتسلل إرهابيين لمثل هذه المناطق المهمة، لكن فى الوقت ذاته من دون ان يشعر السائح الأجنبى بأن هناك خطرا داهما يتهدده وبالتالى نجعله فى حالة قلق دائم من الأوضاع الأمنية فى مصر.

التعليقات