التزامات مرحلة جديدة - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 3:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التزامات مرحلة جديدة

نشر فى : السبت 5 مارس 2011 - 9:27 ص | آخر تحديث : السبت 5 مارس 2011 - 9:27 ص

 فى اللقاء الذى جمع بين المجلس العسكرى وعدد من الشخصيات العامة قبل أيام، ظهر بوضوح أن المجلس يريد أن يستجيب للمطالب الشعبية التى عبر عنها الشباب فى وقفاتهم الاحتجاجية بميدان التحرير أكثر من مرة، وأن يترك للسلطة المدنية المنتخبة زمام المسئولية بأسرع ما يمكن. واستمع المجلس من البرادعى بإفاضة عن ضرورة تغيير حكومة شفيق واختيار فريق كامل من الوزراء لا ينتمى بعضهم أو كلهم إلى النظام الذى أزاحته الثورة. لكى تسير خطوات الإصلاح بعدها دون عوائق!

وبدون تحديد أسماء فهم الحاضرون جميعا أن الوزيرين المعنيين المنتميين إلى العهد السابق هما أبوالغيط ومرعى. وكان آخر حوار تليفزيونى أجراه شفيق كرئيس للوزراء على قناة أو تى فى مساء الأربعاء قبل أن ينشر قرار إقالته على الفيس بوك صباح الخميس، بمثابة إسدال للستار على المرحلة الأولى من حكومة تصريف الأعمال التى تحمل شفيق مسئوليتها بناء على تكليف الرئيس المخلوع، ثم بتكليف من المجلس العسكرى بعد تنحية مبارك.

فى حوار شفيق التليفزيونى الذى لم يشفق عليه أحد من محاوريه، حاول الرجل أن يدفع عن نفسه الاتهامات التى وجهت إليه بأنه جزء من النظام المنبوذ الذى رفضه الشعب. وبدا وكأن الموالاة لحاكم أو رئيس أو نظام يجعل من الشخص جزءا من منظومة الفساد الكبرى حتى ولو لم يكن مسئولا عنها ولم يشارك فيها. وقد أنكر أن تكون صداقته لمبارك سببا فى توليه مناصبه. وقال ان عدم التعامل مع كل من كان مسئولا فى النظام السابق فكرة خاطئة. وهى ــ فى رأيى ــ تكون غير أخلاقية إذا تحولت إلى لعنة تطارد صاحبها. والمشكلة التى ظهرت حينئذ واضحة للعيان أن الاهتمام بتحديات المرحلة الانتقالية وما تتطلبه من جهود لبناء النظام الديمقراطى يمكن ببساطة أن تضيع فى مناقشات وجدل عقيم حول تغيير وزارة أو مسئول كبير من المحسوبين على العهد البائد!

على أن المجلس العسكرى للقوات المسلحة فضل فيما يبدو أن يبدأ صفحة جديدة، تبدد مخاوف الشباب والقوى السياسية المستنفرة للدفاع عن أهداف الثورة. وبعد أن تم تطهير الحكومة من الشخصيات التى تنتمى إلى العهد البائد، وجرى اختيار رئيس للوزراء من التكنوقراط لم تلوثه انتماءات حزبية، تولى وزارة النقل بعد حادث قطار الصعيد ثم خرج من الوزارة حين اختلف مع أحمد نظيف حول سياسات النقل. وأقام علاقات قوية بمجتمع العلماء والبارزين فى الحياة العلمية فى مصر. ولم يكن اسم عصام شرف بعيدا عن ذاكرة الشباب الذين قدموا فى اجتماعاتهم مع المجلس العسكرى أسماء عدد من المرشحين خلفا لشفيق. واستجاب المجلس لرغبات الشباب، تأكيدا للمسئولية التاريخية الملقاة على عاتقه، استجابة لإرادة الشعب فى التغيير والديمقراطية.

بهذا التغيير الذى أعلنه المجلس العسكرى للتشكيل الوزارى الجديد، تكون مطالب المتظاهرين المليونية التى تكررت على مر الأسابيع الماضية قد تم تلبيتها. حتى فيما يتعلق بجهاز أمن الدولة الذى طالب الشباب بإلغائه أو تفكيكه، والذى كان مسئولا عن أبشع حملات التعذيب والاختطاف القسرى والاعتقال الجماعى وكافة انتهاكات حقوق الإنسان. ولم تكن مهمته بحسب اسمه الدفاع عن أمن الدولة بل كانت مهمته الدفاع عن أمن النظام وشخوصه.. يجرى الآن إعادة النظر فى مسئولياته وضرورة إخضاعه للقانون.

هناك خطوات وإجراءات أخرى مثل إلغاء حالة الطوارئ وإطلاق حرية تكوين الأحزاب قد تستغرق بعض الوقت وتنتظر دورها إلى ما بعد إجراء الاستفتاء على التعديلات الدستورية. أما إعلان نتائج التحقيق فى الانفلات الأمنى ومحاكمة المسئولين عن الجرائم التى راح ضحيتها عدد من الشهداء.. فهناك حاجة ماسة إلى سرعة إنجازها. أولا لتصفية العلاقات المحتقنة بين الشرطة والشعب. وثانيا لإعادة الطمأنينة والعزاء إلى أهالى الشهداء.

خلال ساعات سوف يكون قد اكتمل تشكيل الوزارة الجديدة، التى ينتظر أن تتولى الإشراف على إجراء الاستفتاء على التعديلات الدستورية والمضى قدما إلى انتخابات رياسية وبرلمانية، وهو ما يضع المعتصمين والمتظاهرين أمام مسئوليتهم فى توفير الهدوء والعودة إلى الأوضاع الطبيعية التى تساعد على عودة النشاط الاقتصادى إلى الدوران والإنتاج.

فالبلاد فى حاجة إلى تعويض ما فات من وقت للحاق بقطار العمل. وسوف يؤدى تراكم المشاكل إلى مزيد من العجز وتشتيت القوى فى مواجهة أخطار وتهديدات خارجية تتزايد يوما بعد يوم، وتضيع فى غمرتها حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل كما حدث أخيرا.. ويكفى أن ندرك هول المشاكل الناجمة عن هروب مليون ونصف مليون مصرى من ليبيا. والحاجة إلى نقلهم وتوفير الطعام وأماكن العمل لهم!

تلك مسئولية كبرى لن يغفرها العالم لنا إذا أهملناها بحجة أننا مشغولون بالاعتصامات والمظاهرات، حتى بعد أن تحققت معظم المطالب وتم التخلص من نظام فاسد فقد الشعب ثقته فيه!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات