هامش للديمقراطية ــ خطر طغيان المعيّن على المنتخب - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 7:55 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هامش للديمقراطية ــ خطر طغيان المعيّن على المنتخب

نشر فى : السبت 5 أكتوبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 5 أكتوبر 2013 - 8:00 ص

نعود إلى البدايات: إذا كان التنظيم الديمقراطى للدولة وللمجتمع يستهدف تمكين المواطن من المشاركة الدورية فى إدارة الشأن العام وتحديد الأولويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية عبر آلية صندوق الانتخاب وضمانات الحقوق والحريات، فإن التنظيم الديمقراطى ليس له أن يتطور ويستقر دون تعظيم دور السلطات المنتخبة فى مقابل المؤسسات المعينة.

ينتخب المواطن البرلمان للتشريع وإقرار موازنة الدولة وأعمال الرقابة، وينتخب رأس السلطة التنفيذية (النظم الجمهورية) أو الحكومة (النظم البرلمانية) لتخطيط وتطبيق السياسة العامة فى إطار الالتزام بسيادة القانون. ينتخب المواطن السلطتين التشريعية والتنفيذية، إذن، لإدارة الشأن العام وتحديد الأولويات ولكى يضعهما فى موقع الإشراف والرقابة على المؤسسات المعينة العسكرية والأمنية والإدارية والبيروقراطية والمسئولية السياسية عن أفعالها وممارساتها.

أما حين تغيب الديمقراطية أو يتعثر التحول الديمقراطى، ومصر غابت عنها الديمقراطية منذ خمسينيات القرن الماضى وتتراجع اليوم فرص تحولها الديمقراطى، فإن المؤسسات المعينة تتغول على السلطات المنتخبة إن وجدت وتزج بها إلى دائرة الوجود الشكلى والدور الهامشى وتحتكر قيادات المؤسسات العسكرية والأمنية والإدارية والبيروقراطية بصيغ مختلفة السلطة والقرار العام ويباعد بين المواطن وبين المشاركة فى الشأن العام ويصبح مفعولا به أو يجمع مع أقرانه فى كتلة صماء واجبها الأوحد هو القبول والرضا والتأييد وخطيئتها الكبرى تتمثل فى الرفض أو الاعتراض أو طلب الشفافية أو حرية تداول المعلومات.

حين تغيب الديمقراطية أو يتعثر التحول الديمقراطى، وهذه هى وضعية مصر اليوم، تكتب الدساتير وتسن القوانين وتطبق السياسات لإقرار تغول المؤسسات المعينة وهامشية السلطات المنتخبة. هنا برلمان تفرض عليه الخطوط الحمراء حين يقترب من التشريع للمؤسسات المعينة أو يناقش موازناتها، وهنا سلطة تنفيذية منتخبة لا تملك تسمية مسئولى المؤسسات المعينة الهامة (كوزير الدفاع مثلا) دون الرجوع إلى المؤسسات هذه وقبول تفضيلاتها كاختيارات ملزمة، وهنا مؤسسات معينة ترى فى احتكار السلطة والقرار العام حقا ثابتا وترفض بطبيعة الحال إشراف أو رقابة السلطات المنتخبة، وهنا قادة عسكريون وأمنيون ووكلاء وزارات ومديرو عموم أهم بكثير من الأغلبيات البرلمانية والرؤساء المنتخبين ورؤساء الوزراء المؤيدين برلمانيا.

لا تطور واستقرار للتنظيم الديمقراطى للدولة وللمجتمع دون مواجهة خطر طغيان المعين على المنتخب، ولا تحول ديمقراطى دون إخراج للسلطات المنتخبة من دائرة الوجود الشكلى وتمكينها من اكتساب ثقة المواطنات والمواطنين وتقويتها للإشراف وللرقابة على المؤسسات المعينة.

غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات