هزيمة أوباما وفوز نتنياهو - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 6:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هزيمة أوباما وفوز نتنياهو

نشر فى : السبت 6 نوفمبر 2010 - 9:51 ص | آخر تحديث : السبت 6 نوفمبر 2010 - 9:51 ص

 لم تفلح الحملات الانتخابية التى تشغل الرأى العام فى مصر فى التغطية على الاهتمام بانتخابات حقيقية من نوع آخر تجرى فى الولايات المتحدة الأمريكية. الأولى قد لا تغير شيئا مما هو قائم ولا يتغير فى مصر. والثانية سوف تحدث من التغيير فى أكبر دولة فى العالم مما يترك أثره على كثير من الأوضاع العالمية فى الاقتصاد والسياسة والمشاكل الخارجية.

وفى قدرة أمريكا على الاحتفاظ بمقعدها فى قيادة العالم. وربما تأثرنا نحن هنا فى مصر والمنطقة العربية والشرق الأوسط بما يطرأ على موازين القوى الداخلية فى أمريكا، بأكثر مما تؤثر به نتائج الانتخابات البرلمانية المصرية.

تمثل الانتخابات النصفية التى يتم فيها تجديد عضوية مجلس النواب بأكمله، ونحو نصف أعضاء مجلس الشيوخ وعدد كبير من حكام الولايات امتحانا عسيرا لإدارة أوباما الذى انتخبه الشعب الأمريكى قبل عامين، على وعد بالتغيير. تغيير كل ما خلفته إدارة بوش من سلبيات أطاحت بالاقتصاد وتسببت فى أزمة مالية عالمية. زادت من عدد العاطلين ومن التضخم وانسداد قنوات النمو والعجز عن انهاء الحروب التى أشعلتها سياسات بوش الحمقاء بدعوى مكافحة الإرهاب!

اختار الشعب الأمريكى رئيسا أسود لأول مرة فى تاريخه. جاء حاملا معه كل تراث الحرية وحقوق الإنسان والمبادئ التى قامت عليها أمريكا. وكان هذا دافعا لقطاعات واسعة من الشعب الأمريكى لتأييده. ولكن التجربة أثبتت أن هذا التراث لم يكن وحده كافيا للقضاء على المشاكل العويصة التى تركتها الإدارة السابقة. بل واجه أوباما وحزبه الديمقراطى معارضة يمينية عنيفة من خصومه الجمهوريين، كشفت عن عمق مشاعر التعصب والعنصرية. وبالرغم من الأغلبية الديمقراطية فى الكونجرس لم تستطع تمرير التشريعات الإصلاحية التى كان يطمح إليها.

وفى نظام سياسى مثل النظام الأمريكى لا يستطيع الرئيس وحده مهما بلغت قوته وشعبيته أن يحقق أهدافه وينفذ برامجه. وقد عجز أوباما فيما يبدو عن تحقيق معظم ما وعد به، ولم يأبه كثيرا لحالة خيبة الأمل والغضب التى أخذت تزحف على الطبقة الوسطى التى أيدته. فقد ظل الاقتصاد الأمريكى يترنح، ولم يكن نجاحه فى إنجاز تشريع التأمين الصحى كافيا لصرف الأنظار عن معدلات البطالة، فى الوقت الذى يتضخم فيه الإنفاق الحكومى، وبدا أوباما وكأنه فقد الاتجاه ولم يبذل جهدا فى إيجاد أرضية مشتركة مع خصومه الجمهوريين فى الكونجرس.

الأمر المؤكد والذى لا يحب الأمريكيون الحديث عنه هو الإنفاق الضخم الذى تتكبده الميزانية فى الحرب فى أفغانستان. وقد أخذت دول التحالف تتململ من استمرار العمليات القتالية فى أفغانستان دون نتيجة غير مزيد من الخسائر فى الأرواح واتساع نطاق مقاومة طالبان. بعد أن عجز أوباما عن إقناع جنرالاته بانتهاج خطط عسكرية تضع حدا لحرب لا تبدو لها نهاية.

ومن هنا لم يكن غريبا فى أجواء الفشل الذى أحاط بأوباما أن يلجأ إلى إثارة الفزع فى أمريكا والعالم من اتساع نشاط القاعدة الإرهابى. وأن يعلن بنفسه عن الطرود المفخخة التى تم شحنها من اليمن. واعتبرها الخبراء مجرد فرقعة عالمية.. وذلك خلافا للطرود الملغومة التى تلقاها الزعماء الأوروبيون وبعض السفارات الأوروبية واتضح أنها أرسلت من جماعة متطرفة من اليونان.

نحن نعرف أن القضايا الخارجية وعلى رأسها المشكلة الفلسطينية، ليست من المشاكل التى تهم الشعب الأمريكى أو تدعوه إلى تغيير تصويته من الحزب الديمقراطى إلى الجمهورى. ولكنها تظل فى كل الأحوال نذيرا بمزيد من الشلل والتراجع فى الشرق الأوسط، ومزيدا من الإذعان للنفوذ الصهيونى وأنصار إسرائيل فى الكونجرس. ولذلك لم يكن غريبا ما رددته الأنباء مؤخرا عن أن البيت الأبيض أعاد فتح ملف الانتخابات المصرية وهى فى ذروتها.

ومع ذلك يتنبأ خبراء فى السياسة الأمريكية بأن هزيمة أوباما فى انتخابات التجديد النصفى، لن تمنع فوزه فى الانتخابات المقبلة إذا نجح فى إيجاد أرضية مشتركة مع الجمهوريين، وحالفه الحظ فى إعادة الروح إلى الاقتصاد الأمريكى. وهو نفس ما حدث مع الرئيس الأسبق بيل كلينتون وفاز فى الولاية الثانية. وإلا فقد تنتهى ولايته كما انتهت ولاية كارتر بعد فترة واحدة.

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات