تطور استراتيجية أمريكا فى التعامل مع الصين - قضايا إستراتيجية - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 9:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تطور استراتيجية أمريكا فى التعامل مع الصين

نشر فى : الأحد 6 نوفمبر 2022 - 8:05 م | آخر تحديث : الأحد 6 نوفمبر 2022 - 8:05 م
نشر موقع Project Syndicate مقالا للكاتب جوزيف ناى، تحدث فيه عن استراتيجية الرئيسين الأمريكيين السابقين بيل كلينتون، وجورج دبليو بوش تجاه الصين، بعد تعرضهما للانتقادات واتهامات بالفشل فى ترويض بكين وتحولها للمسار الديمقراطى طوال عقدين من الزمن. دليل من وجهوا الاتهامات هو استراتيجية بايدن الجديدة تجاه الصين التى تحاول الآن إعادة تشكيل النظام الدولى ومنافسة.. نعرض من المقال ما يلى.
فى استراتيجيتها الجديدة للأمن القومى، تدرك إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن أن كلا من روسيا والصين تمثل نوعا مختلفا من التحديات. ففى حين أن روسيا «تشكل تهديدا فوريا للنظام الدولى الحر المفتوح.. بحرب العدوان الوحشية التى تشنها الآن»، تُـعَد الصين المنافس الوحيد للولايات المتحدة «حيث تعتزم إعادة تشكيل النظام الدولى، وتتمتع على نحو متزايد بالقوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية اللازمة لتحقيق هذا الهدف». لهذا، تشير وزارة الدفاع الأمريكية إلى الصين على أنها «تحدى السرعة».
الآن بعد أن استخدم الرئيس الصينى شى جين بينج المؤتمر العشرين للحزب الشيوعى الصينى لتوطيد سلطته وتعزيز أهدافه الأيديولوجية والقومية، فإن الأمر يستحق مراجعة تطور استراتيجية أمريكا فى التعامل مع الصين. ينظر البعض إلى الوضع القائم اليوم على أنه دليل على أن الرئيس بِـل كلينتون والرئيس جورج دبليو بوش كانا ساذجين عندما انتهجا استراتيجية المشاركة، بما فى ذلك منح الصين العضوية فى منظمة التجارة العالمية. ولكن فى حين كان التفاؤل مفرطا بكل تأكيد بشأن الصين قبل عقدين من الزمن، فإنه لم يكن ساذجا بالضرورة.
بعد الحرب الباردة، كانت الولايات المتحدة واليابان والصين القوى الثلاث الكبرى فى شرق آسيا، واقترح الحس الواقعى الأولى أن الولايات المتحدة يجب أن تعيد إحياء تحالفها مع اليابان.
أدرك كلينتون وبوش أن احتواء الصين على طريقة الحرب الباردة أمر مستحيل، لأن الدول الأخرى، المنجذبة إلى السوق الصينية الضخمة، ما كانت لتجارى مثل هذه السياسة. لهذا، سعت الولايات المتحدة بدلا من ذلك إلى خلق بيئة، حيث تعمل قوة الصين الصاعدة أيضا على إعادة تشكيل سلوكها. استمرارا لسياسة كلينتون، حاولت إدارة بوش إقناع الصين بالمساهمة فى المنافع العامة العالمية والمؤسسات العالمية. كانت السياسة تتمثل فى «المشاركة، ولكن مع التحوط».
لكن بعض الذين وصفوا المشاركة بأنها ساذجة يتجاهلون حقيقة مفادها أن «التحوط» أو وثيقة التأمين جاءت أولا، وأن التحالف بين الولايات المتحدة واليابان لا يزال قويا إلى يومنا هذا.
بطبيعة الحال، لم يخل الأمر من بعض عناصر السذاجة، كما حدث عندما تنبأ كلينتون بأن جهود الصين للسيطرة على الإنترنت مصيرها الفشل. كان يتصور أن تلك المهمة ستكون أشبه «بمحاولة تثبيت قطعة من الجيلى على الحائط بمسمار»، لكننا نعلم الآن أن «سور الحماية العظيم» يعمل على خير ما يرام. من الواضح الآن أيضا عندما ننظر إلى أحداث الماضى أن إدارة كل من بوش وأوباما كان من الواجب عليها أن تبذل المزيد من الجهد لمعاقبة الصين على فشلها فى الامتثال لروح وقواعد منظمة التجارة العالمية.
على أية حال، حطم عهد شى التوقعات السابقة بأن يعمل النمو الاقتصادى السريع على إنتاج المزيد من التحرير، إن لم يكن التحول الديمقراطى. لفترة من الوقت، سمحت الصين بقدر أكبر من حرية السفر، والمزيد من الاتصالات الخارجية، ومجموعة أوسع من الآراء فى المطبوعات، وتطوير المنظمات غير الحكومية، بما فى ذلك بعض المنظمات المعنية بحقوق الإنسان. لكن كل هذا جرى تقليصه الآن.
قبل أن يتولى بايدن منصبه، كتب اثنان من كبار المسئولين عن الاستراتيجية الجديدة التى انتهجتها إدارته أن «الخطأ الأساسى فى المشاركة كان افتراض إمكانية إحداث تغييرات جوهرية فى نظام الصين السياسى، واقتصادها، وسياستها الخارجية». وخلصا إلى أن الهدف الأكثر واقعية يتمثل فى السعى إلى إيجاد «حالة مستقرة من التعايش القائم على أهداف واضحة وشروط مواتية لمصالح الولايات المتحدة وقيمها». فى عموم الأمر، كان فريق بايدن محقا بشأن عدم قدرته على فرض تغييرات جوهرية على الصين.
حتى لو كان شى نتاجا لنظام حزبى لينينى، فيظل السؤال حول التوقيت قائما. تشير نظرية التحديث ــ وتجارب العالم الواقعى فى كوريا الجنوبية وتايوان ــ إلى أن الطبقة المتوسطة تنشأ عندما يقترب نصيب الفرد فى الدخل من عشرة آلاف دولار، وتزداد صعوبة الإبقاء على الحكم الاستبدادى، مقارنة بمجتمع الفلاحين الفقراء الذى كان من قبل. لكن كم من الوقت قد تستغرق هذه العملية؟ بينما زعم ماركس أن الأمر يستغرق بعض الوقت، كان لينين أقل صبرا، وكان يعتقد أن التطورات التاريخية من الممكن التعجيل بها من خلال طليعة تمارس السيطرة على المجتمع. وعلى الرغم من حديث شى عن الماركسية اللينينية، فمن الواضح أن لينين هو الغالب على ماركس فى الصين اليوم.
من المؤسف أن صناع السياسات يخضعون دوما لضغوط الزمن ويتعين عليهم أن يعملوا على صياغة أهداف استراتيجية مناسبة للمكان والوقت الحاضر. وقد فعل بايدن ذلك على النحو الصحيح. السؤال عندما يتعلق الأمر بالسنوات المقبلة هو ما إذا كان ليتمكن من تنفيذ سياساته على النحو الذى لا يمنع احتمال ظهور استراتيجيات أكثر اعتدالا فى المستقبل، فى حين يدرك أنها لا تزال على مسافة بعيدة فى الزمن.

النص الأصلى:

التعليقات