سنة 3 ثورة 3- الشرطة ظالمًا ومظلومًا - جمال قطب - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 2:19 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سنة 3 ثورة 3- الشرطة ظالمًا ومظلومًا

نشر فى : الجمعة 6 ديسمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 6 ديسمبر 2013 - 8:36 ص

(1)

فى تراث هذا الشعب مشاعر متضادة نحو الشرطة أو البوليس، فمن الشعب وكثر من هم يحبون الضبط والربط، كما يحبون الأمن والأمان، وطبيعة عمل الشرطة هى الأمن والأمان، الأمن للوطن، والأمان للمواطن، فالشرطة فى أصلها صاحبة الحمل الأكبر فى تأمين المرافق العامة والطرق، وهى الحامية والحارسة لحياة الناس وأموالهم، هى الجدار الواقى من الانفلات، لذلك ترى الكثير منا يتمنى أن يرى جميع أفراد الشرطة فى حالة نفسية ومالية جيدة حتى تنعكس هذه الحالة على سلوكهم، فلا يهملون واجبهم، ولا يخرقون القانون فينفذونه على البعض، ويستثنون منه البعض، كذلك يتقنون جميع الفنون الشرطية التى تمكنهم من منع وقوع الجريمة، ثم سرعة توقيف الجانى إذا وقعت الجريمة، والأهم من ذلك كله أن يتم توقيف الجانى والمشتبه فيه دون عدوان على آدميته. فأنا أتمنى أن أعيش لأرى «تخشيبة الشرطة» مشابهة لـ«صالة الشهر العقارى» التى يجد المواطن فيها كرسى، ولا يتعرض لأذى.

(2)

وجانب آخر من المواطنين وما أكثرهم يضيقون ذرعا بالشرطة كمؤسسة وأفراد، حيث انطبعت فى ذاكرتهم مساوئ الممارسة فى مساندة ظلم السياسة والسياسيين. كذلك هذه البشاعة التى نعايشها من أزمات «مرورية» و«سرقات» و«انتهاك للفضيلة» و«رشاوى بلا حدود».. إلخ،

كل ذلك، وإذا ذهب المواطن إلى الشرطة يستغيث بها، كان كالمستغيث من الرمضاء بالنار، وكثيرا ما وضعوا لافتات الدعاية تقول «الشرطة فى خدمة الشعب» ثم رفعوا غيرها: «الشرطة فى خدمة القانون»، ثم ابتكروا شعار «الشرطة والشعب فى خدمة القانون». لكن الواقع الذى عاشه الناس كان يقول: إن الشعب والقانون والشرطة فى خدمة الفرعون وأعوانه ومن ينتسب إليهم.

(3)

وهكذا فقد اختص تراثنا أفراد الشرطة «العسكرى»، وخصصوا لقب «الجندى» لأفراد القوات المسلحة. وعلى ذلك حمل التراث الشعبى عبارات تعبر عن مشاعر متضادة تجاه البوليس كمؤسسة وأفرادها من العساكر، فبينما ترى تطرفا يقول: «إذا كانت ذراعك عسكرية اقطعها»، كذلك لا ينسى التراث الشعبى ملحمة «أدهم الشرقاوى» وما خلدته من تعاون جميع مستويات الشرطة مع السلطة التى تحتل البلاد حتى أصبحت البطولة فى مصر هى فن الهروب من الشرطة والتغلب عليها.

ونرى أثرا دينيا صحيحا يقول (عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس فى سبيل الله)، وإذا كانت حراسة الحدود عمل القوات المسلحة، فحراسة الأمن الداخلى بجميع مستوياته عمل الشرطة. فانظر ما ينتظره بعض الناس من الشرطة وما يظنه البعض الآخر، وابحث معى عن حقيقة هذه المؤسسة وعن رجالها هل هم ظالمون أم مظلومون؟!

(4)

أنا أزعم ان الشرطة حتى لحظتنا هذه مؤسسة «ظالمة» و«مظلومة» أما أنها «ظالمة» فمازالت أقسام الشرطة غير لائقة بكرامة الآدميين مكانا وأثاثا ومعاملة وإجراءات. كذلك فتزايد الخوف من عدوان «البلطجية» سرقة ونهبا وقتلا، كذلك فشل الأمن الاقتصادى فى مكافحة الاحتكار والاستغلال والغش والتهرب الضريبى إلخ.

وحالة الشارع المصرى أكبر شهادة توثق إهمال الشرطة وظلمها مما يملأ الصدر ضيقا وحنقا ويحشد الأعصاب المتوترة ضد أفراد الشرطة..

أما أن الشرطة مظلومة فهى حقيقة لا ينكرها عاقل، فرواتب أفراد الشرطة لا تسمن ولا تغنى من جوع، ولا تفتح بيتا. كذلك فمنذ أكثر من 30 سنة يلاحظ المنصفون أن عدد المواطنين يتزايد، بينما عدد أفراد الشرطة يتناقص، ولا يتناسب مع المهام المطلوبة من الشرطة، فأين عسكرى الدرك الذى كان هو بصمة الأمن فى جميع الشوارع المصرية؟! هل يعتقد أحد أن كثافة الشرطة فى النجوع والكفور والعزب وبعض القرى تناسب مستوى الحاجة؟!

فإذا دققنا النظر وجدنا أن أفراد مؤسسة الشرطة يتحملون منذ أيام محمد على باشا مهام ليست من عملهم مثل «الانتخابات» و«الحج» و«امتحانات الطلاب» و«حراسة رموز السلطة بأكثر مما ينبغى».

فإذا أضفنا إلى ذلك عشرات الضباط فى منافذ الجمارك والجوازات والسجل المدنى، وتحقيق الأدلة الجنائية، عرفنا سبب هذا القصور فى إظهار بصمة الأمن فى الشارع المصرى.

(5)

لذلك فوقوفنا على أبواب سنة 4 ثورة يفرض علينا دعم الشرطة دعما يجعلها أهلا للقيام بمسئولية الأمن، ويتيح للشعب حق مساءلتها ومحاكمتها. وأول وأهم دعم للشرطة هو إعادة صياغة «العقيدة الشرطية» على أنها مؤسسة مدنية «تحمى ولا تقهر»، تصون كرامة جميع المواطنين.

كذلك، فالشرطة بحاجة ماسة إلى حزمة من العلوم والآداب والتدريبات التى تمكنها من تبؤ مكانة محترمة فى قلوب المصريين. فهل يلتفت أهل الحكم إلى أن الشرطة محملة بأكثر من طاقتها مما جعلها غير قادرة على إنجاز مهامها ؟! فلنتعاون جميعا فى تمكين الشرطة من تغيير أحوالها، فإن الله فى القانون الالهى يقول «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ».كواليس حلقة صاحب «البرنامج» فى «آخر كلام»

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات