أوباما والإسلام - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 11:39 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أوباما والإسلام

نشر فى : الأربعاء 8 أبريل 2009 - 5:53 م | آخر تحديث : الأربعاء 8 أبريل 2009 - 5:53 م

 اقترب الرئيس الأمريكى أوباما كثيرا من إزالة أسباب العداء والكراهية التى سممت العلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامى طوال حكم بوش، حين أعلن أخيرا أن بلاده لم تكن ولن تكون فى حرب مع الإسلام.

وكانت هذه فيما يبدو هى رسالة الحوار التى قيل إن أوباما سوف يوجهها أثناء زيارته لإحدى الدول الإسلامية ــ وهى تركيا ــ التى أنهى بها جولة أوروبية واسعة النطاق بمناسبة احتفال الأطلنطى بعيده الستين وانعقاد قمة العشرين.

كلمات الرؤساء لا تدخل التاريخ «كوثائق» لا تقبل النقض والمراجعة.. فكم من مرة شهد التاريخ انقلابات فى المواقف بين الكنيسة الكاثوليكية واليهود وبينها وبين المسلمين. غير أن كلام الرئيس أوباما يأتى فى ظروف مختلفة، تخلت فيها أمريكا عن مواقفها التحكمية فى إدارة اقتصاد العالم. ولم توافق مجموعة العشرين على كل ما سعى أوباما إلى تحقيقه فى مواجهة الأزمة المالية العالمية.

وفى قمة الأطلنطى كان هدف أوباما أن يضمن مساعدة عسكرية قوية من حلفائه فى أفغانستان، بزيادة عدد القوات الأوروبية بنحو 5000 جندى، لم يحصل إلا على نصفهم تقريبا بشرط الالتزام بتنفيذ استراتيجيته الجديدة فى أفغانستان، والتى لا تقوم على مواصلة الحرب حتى يتم القضاء على «القاعدة»، لأن أوروبا ليست على استعداد للتضحية بجنودها فى هذه المذبحة التى لم تخرج منها دولة منتصرة. وأكد أوباما أن هدفه الرئيسى هو ألا يجعل من أفغانسان ملاذا آمنا للقاعدة.

وأن ينتهج سياسة تقوم على التنمية والمساعدات الإنسانية للشعب الأفغانى.

ربما لا تكون هذه هى الأهداف كلها التى سعى أوباما للحصول عليها. ولكن فى المقابل هناك مشكلات أكثر تعقيدا وأقرب إلى اهتمامات أوروبا والأطلنطى.. وبالأخص فى مناطق الجوار الإسلامية فى دول البلقان مثل البوسنة والهرسك وكوسوفو، وأخيرا حمامات الدم التى تجرى فى باكستان يوميا، وتطورات الوضع فى العراق بعد الانسحاب الأمريكى، وحيث يتحول البرنامج النووى الإيرانى إلى هاجس يتصاعد الإحساس بخطره يوميا.

من هنا تبدو إعادة تأسيس حلف الأطلنطى الذى كان فى البداية تحالفا عسكريا لمواجهة النظام الشيوعى بمثابة ولادة جديدة تحددت لها أهداف جديدة.. يتسع مسرحها إلى معظم أجزاء العالم الإسلامى والبحر المتوسط، باعتبارها مصدرا لتهديدات وأخطار يتحتم على أوروبا مواجهتها. خصوصا وقد أصبحت ثمة بؤر وملاذات لخلايا نامية أو نائمة لا تكف أجهزة الأمن والاستخبارات الإنجليزية والفرنسية عن التحذير منها وتنبع مصادرها فى البلدان الإسلامية القريبة.

فإذا تغاضينا عن الملف النووى الإيرانى الذى تتطور تفاصيله بدرجة متسارعة وتتحرك إسرائيل فى خط مواز له سواء بالاستعداد لتوجيه ضربة جراحية، أو ما تردد عن إقامة مفاعل نووى جديد على الحدود المصرية ــ الإسرائيلية، فلابد أن نتوقع وجود خطط استراتيجية للأطلنطى قادرة على مواجهة جميع الاحتمالات، ومن المعروف أن كلا من مصر والأردن وإسرائيل ترتبط باتفاقات مع حلف الأطلنطى!!.

لقد حاولت الدول العربية أن تقاوم تعيين إندرز راسموسن رئيس وزراء الدانمارك السابق، وبطل أزمة الرسوم الدانماركية الذى رفض مقابلة السفراء العرب والاعتذار باسم بلاده عن هذه الواقعة المسيئة، ولكن المحاولات العربية باءت بالفشل.

بعد أن أصرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل والرئيس الفرنسى ساركوزى على تعيينه أمينا عاما لحلف الأطلنطى، ولم تنجح معارضة تركيا ــ التى ما زالت مرفوضة من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى ــ حتى بعد أن تعهد أوباما بأن حلف الأطلنطى لن يكون ضد المسلمين، كما تعهد بأن تؤيد أمريكا دخول تركيا إلى عضوية الاتحاد.

ولكن هكذا تدار السياسة بالكلام والوعود أحيانا فى عالم شديد التعقيد بالنسبة للبعض، شديد السذاجة، سريع التصديق بالنسبة للبعض الآخر!!.

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات