أكد تقرير للأمم المتحدة أن هناك خمسة عشر ألف طفل يوميا دون الخامسة يموتون فى أنحاء العالم من أمراض يمكن الوقاية منها، وحذر التقرير من تراجع الخدمة الصحية فى بعض دول إفريقيا وجنوب آسيا الذى سيؤدى إلى وفاة أكثر من ٦٠ مليون طفل بين العالم الحالى وعام ٢٠٣٠ من أمراض يمكن الوقاية من تبعاتها.

أشار التقرير أيضا إلى أن من تلك الأمراض التى تغتال حياة الأطفال ويمكن الوقاية منها: الالتهاب الرئوى والإسهال والملاريا وهى أمراض يساعد فيها سوء التغذية على التعجيل بمصير الأطفال الأبرياء.

ذكر التقرير من الأمراض ما يصيب الطفل فيما يعرف بالحالات الحادة A cute والتى يتم فيها تدهور سريع لحالة الطفل إذا لم يتلق العلاج فتلازمه تداعياتها البقية الباقية من أيام حياته، الأمر الذى يجعل معاناته مستمرة وتظل أيضا الوقاية منها ممكنة.

الحمى الروماتيزمية أحد تلك الأمراض الخطيرة التى تداهم الطفل فى مرحلة من عمره تمتد حتى الخامسة عشرة فإذا ما تمكنت منه توالت تداعياتها لتطال صمامات القلب لتصيبها بتشوهات ينجم عنها هبوط فى عضلة القلب وما يصاحب ذلك من أعراض قاسية يتداعى كل أعضاء الجسم. منها صعوبات التنفس والسعال المزمن وتراكم السوائل فى الرئة الأمر الذى ينتهى إلى نوبات من المعاناة قد تنهى حياة الطفل.

هذا إلى جانب ما تتركه من أثر على النمو الطبيعى للطفل وملامحه التى تنطق بقسوة المرض وضراوة مضاعفاته. يأتى فى النهاية ضرورة أن تجرى جراحات مختلفة للصمام الذى طاله التشوه إما بضرورة توسيعه أو استبداله، الأمر الذى يستلزم بعد العملية أن يظل الطفل طوال عمره يتناول مسيلات الدم وفقا لنوع الصمام المستخدم والتى تخضع جرعتها لنتائج التحاليل المستمرة. فإذا ما أصابت الحمى الروماتيزمية طفلة وهى أكثر عرضة من الذكور للإصابة ونالها هذا المصير فإن مصيرا أكثر قتامة ينتظرها إذا ما تراءى لها أن تمارس حقها الطبيعى فى الزواج والحمل والأمومة.

كثيرا ما تتعرض الحامل المصابة بأمراض صمامات القلب الروماتيزمية بعد إجراء الجراحات عند الولادة إلى نزيف هادر لا يتوقف إلا حينما يتوقف قلبها تماما معلنا عن نهاية حزينة لسنوات من المعاناة.

الوقاية من تلك المعاناة المرة والمصير التعس تضمنها حقن البنسلين طويل المفعول التى يصفها الطبيب عند التأكد من تشخيص الإصابة بالحمى الروماتيزمية ويظل تناولها لكل ثلاثة أسابيع باستمرار أمرا ملزما واجبا حتى سن الخامسة والعشرين «السن الذى ينحسر عنده احتمالات الإصابة بالحمى الروماتيزمية» بينما يفضل البعض أن يستمر تناولها مدى الحياة.

عزيزى القارئ.. هل تتصور أن معهد القلب القومى يخلو الآن من أهم وسيلة للوقاية من الإصابة بالحمى الروماتيزمية والشتاء يدق الأبواب بعنف طالبا الإذن بالدخول مصطحبا مجموعة من الميكروبات المعروفة منها بلا شك الباكتيريا العنقودية التى تسبب التهابات الحلق والزور الأمر الذى قد ينتهى بعد أمد قصير إلى ظهور الحمى الروماتيزمية وتبعاتها القاسية.

البنسلين طويل المفعول: العبوة التى من لطف الله سبحانه كانت في مقدور الجميع ولم يكن ثمنها يزيد عن جنيهات قليلة أصبح العثور عليها يكاد يكون مستحيلا وإن وجدت فسعرها يتخطى المائتى جنيه.

ليس هناك اقسى على النفس ولا أكثر مرارة من الإحساس بالعجز فى مواجهة مشكلة قابلة للحل، خاصة إذا كانت كتلك. مسألة حياة أو موت مسألة حياة طفل أو طفلة يترصدها مصير ذو أنياب يمكن أن تهزمه.

حقنة بنسلين طويل المفعول.. هل تبدو تلك بالفعل مهمة مستحيلة؟ كنت أتمنى لو أضاف التقرير إلى الأمراض المميتة ويمكن الوقاية منها الحمى الروماتيزمية حتى يمكننى أن أوجه خطالبا لليونسيف أسأله المعونة فى البحث عن حقن بنسلين طويل المفعول لوقاية أطفال بلادى.