تداعيات العباسية - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 9:19 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تداعيات العباسية

نشر فى : الأربعاء 9 مايو 2012 - 8:50 ص | آخر تحديث : الأربعاء 9 مايو 2012 - 8:50 ص

فى كل مرة تقع أحداث عنف دامية واعتداءات على منشآت عامة، يؤكد المجلس العسكرى أنه تم إلقاء القبض على أعداد من المتهمين والمحرضين، وجرت إحالتهم إلى النيابة للتحقيق. واتضح أن بعض رءوس المحرضين من شاكلة أبوالأشبال وغيره من رجال حازم أبوإسماعيل كانوا من بين هؤلاء المتهمين.

 

وقد حدث ما يحدث دائما من انقسامات حادة بين القوى السياسية وفى صفوف القوى الشعبية والثورية.. بعضها يرى أن قوات الجيش واجهت الاعتصامات بعنف غير مبرر، وأن مسئولية وقوع ضحايا تقع على عاتق القوات المسلحة، التى كان ينبغى أن تركز جهودها على تأمين المتظاهرين وحمايتهم. وبعضها الآخر يرى أن المعتصمين استهدفوا عن عمد التحرش بقوات الجيش والهجوم على وزارة الدفاع.. التى تعتبرها الأغلبية خطا أحمر لا ينبغى التطاول عليه أو النيل منه!

 

والمسألة من أولها إلى آخرها قد تبدو اختلافا فى وجهات النظر. وخاصة فى ظل أجواء انتخابية يريد كل طرف فيها أن يمسك العصا من الوسط. ينافق قوى الثورة ما ظهر منها وما بطن. ولكن حين يتعلق الأمر بمستقبل أمة، وبقدرة حكامها على فرض حكم القانون وإعادة النظام والاستقرار، وبناء مؤسسات الدولة.. فإن التهاون فى محاسبة المخالفين والضالعين فى إثارة الفتن، وإغماض العيون عن المحرضين والمتحرشين ودعاة الفوضى، لن يؤدى فى النهاية إلا إلى إدمان سفك الدماء وتكرار «العباسيات» وعدم الوصول إلى الهدف ــ أى هدف؟!

 

لقد بادرت بعض الحركات والقوى السياسية الإسلامية والمدنية إلى المطالبة بالإفراج عن المعتقلين الذين ألقت القوات المسلحة القبض عليهم فى معارك العباسية، وفى مسجد النور من أنصار أبوإسماعيل والإخوان ممن كانوا يحملون أسلحة نارية. وقد شاهد الملايين بعيونهم على شاشات التليفزيون وعلى الهواء مباشرة عمليات الكر والفر والسلوك الهمجى لبعض المعتصمين الذين كانوا يحاولون قطع الأسلاك الشائكة التى تحيط بمبنى وزارة الدفاع بأدوات حادة، ومن بينهم فتيات يصعب تصور مشاركتهن فى أعمال عنف دامية بهذه الصورة. وشاهد الناس من يسمى «أبوالأشبال» وهو يصرخ مناديا المعتصمين بالهجوم على وزارة الدفاع ومحاربة «الكفار».

 

لم يعد من المقبول أن تسكت النخب السياسية على مثل هذا السلوك الهمجى وأعمال البلطجة التى يدفع ثمنها شباب الثورة من نضالهم. ثم يقال إن ما يجرى هو «شيطنة» للثورة ومحاولة للالتفاف على تسليم السلطة. فالذين يشيطنون الثورة هم أدعياء الثورة نفسها. ولو كان هناك عذر يبرر تأجيل تسليم السلطة لكانت مثل هذه السلوكيات هى الداعية إلى تأجيل تسليمها. فمن الذين يريد أن تسلم السلطة لجماعات غوغائية. باعت مبادئ الثورة وأصبحت أداة فى يد القوى الطامعة فى السلطة بأى ثمن؟

 

تتزايد أعداد الفتيات المشاركات فى الاعتصامات والمظاهرات بدرجة ملحوظة.. باتت تمثل ظاهرة لا يمكن إغفالها.. وهى ظاهرة تدل على أن المرأة المصرية تقف كتفا بكتف مع الشباب والرجال وتدفع ثمن نضالها. ومن ثم فهى تتحمل مسئولية نفسها ومسئولية الهدف التى نذرت نفسها له، وتضحى مثل الرجل بدمائها. وقد شاهدنا فى معارك العباسية عددا من الفتيات، لم يمنعهن الحجاب من الصعود فوق إحدى الدشم المحيطة بوزارة الدفاع والمشاركة فى إلقاء الطوب والحجارة.. ولم تعد قصة كشوف العذرية تخيف أحدا من المشاركة فى المظاهرات والاعتصامات.

 

فإذا كان الأمر كذلك، فلم يكن هناك مبرر لاستثناء الفتيات اللائى شاركن فى الاعتصام، والإفراج عنهم دون تحقيق.. اللهم إلا إذا كانوا من بين فريق الأطباء والممرضات اللائى يتولين علاج المتظاهرين خلال الأحداث. ولكن النيابة أفرجت عن 26 فتاة على ذمة التحقيقات. ولم يكن هناك مبرر لكى تصدر أمينة المرأة فى حزب الحرية والعدالة بيانا يطالب بالإفراج عن جميع الفتيات ويلتمسن العذر لهن. إذ لا بد أن يدرك الجميع شبابا وشابات، رجالا ونساء، أن المسئولية متساوية. وأن المشاركة فى الاعتصامات والمظاهرات لا بد أن تكون مرتبطة بهدف محدد، ولا يقتصر على مجرد التهريج أو التحريض!

 

الإضراب والاعتصام حقان من الحقوق التى كفلها القانون بشرط أن يكون لهما هدف مشروع. ولكن التحريض على العنف هو الذى يحاسب عليه القانون. ولا يصح ولا ينبغى أن نسكت على المحرضين وعلى التحريض على أفعال يؤثمها القانون. وإلا فلن نلوم غير أنفسنا حين تظهر الأعلام السوداء وشعارات تنظيم القاعدة والجهاديين والظواهريين!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات