تجفيف منابع المناوئة - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 4:52 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تجفيف منابع المناوئة

نشر فى : الثلاثاء 10 يناير 2012 - 9:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 10 يناير 2012 - 9:00 ص

لا يمكن أن تقرأ المشهد السياسى فيما يخص ملف الحريات تحديدا، بمعزل عن مواقف الإخوان، هذه رؤية نقدية باتت طبيعية مع تحول هذا التيار إلى محور حاكم فى المعادلة السياسية يتطلع للانفراد بالأمر، أو على الأقل التفاهم مع القوة الوحيدة الباقية على الأرض حاليا وهى المجلس العسكرى.

 

والواقع يشير إلى أن التفاهم بين العسكر والإخوان بات أقرب، لكن هل انتهى الطرفان من رسم الصيغة النهائية لمستقبل البلاد فى إطار ترويكا ثنائية تجمعهما فقط بشكل معلن أو غير معلن؟ هذه أشياء تجيب عنها الوقائع، وربما تقرأها بوضوح فى أداء المجلس العسكرى وتصريحات الإسلاميين التى تقترب منه أو تدافع عنه أو تلتزم الصمت الحيادى، وهى أشياء تصب فى طريق تمهيد الطريق أمام سلطة منفردة تعمل دون مناوأة من أحد ووسط قليل من المعارضة والضجيج.

 

أى سلطة «عسكرية إسلامية» مشتركة ستجد نفسها أمام مجموعة من التحديات الأساسية، أولها طبعا القوى المدنية «الليبرالية واليسارية» وهؤلاء حصدوا ثمار فشلهم وتكفلت بهم الصناديق، وثانى التحديات هم الأقباط الذين خرجوا من حضن الكنيسة وتطلعوا لممارسة مواطنتهم بشكل كامل، وهؤلاء جرى تخويفهم بخطاب سلفى متشدد يجعلهم يفكرون فى الهجرة كحل أسهل من التفكير فى المقاومة والنضال، وكسر إرادتهم فى مذبحة ماسبيرو، والإمعان فى كسر هذه الإرادة بمحاكمة الضحايا، وتكريم المعتدين كنسيا فى ليلة احتفال وكأن الدماء جفت والحقوق عادت.

 

وثالث التحديات هم شباب الثورة.. يبقى الميدان مؤرقا لأى سلطة، وهؤلاء تكفلت بهم إجراءات متعددة بدءا من المحاكمات العسكرية، وحتى البطش والسحل والقتل، إلى الخطاب التحريضى التشويهى الذى تعرض له كل متظاهر سلمى إلى جانب فتاوى سلفية تهدد بأن فض المظاهرات فى ظل نظام إسلامى سيستند لشرعية ربانية قبل قانونية، بمعنى أن المتظاهر مخرب فى عرف العسكر، وسيتحول إلى كافر أو عدو للدين فى عهد المشايخ.

 

ورابع تحديات المجتمع المدنى وفى القلب منه الحركة الحقوقية النشطة التى كانت فى قلب المواجهة ضد النظام السابق طوال عشرات السنوات، وللغرابة فى صدارة المدافعين عن حقوق وحريات الإسلاميين فى زمن التنكيل بهم، وتعرضت لهجمة شرسة بإجراءات رسمية عنيفة وغطاء تأييد إسلامى واسع يرفع لواء القانون، لكنه لا يرد حين يسأل أحد ما هو موقع جماعاتكم وجمعياتكم وتمويلاتكم من القانون؟

 

وخامس التحديات الصحافة التى أفصح قادة الإخوان عن نواياهم لإلغاء امتيازاتها الدستورية، التى تعتبرها سلطة رابعة وظهرا شعبيا مستقلا، وما قد يلحق ذلك من التنكيل القانونى بحرية الصحافة والرأى.

 

هل يريد المشير والمرشد إذن تجفيف منابع المناوئة والمعارضة، قبل إعلان صفقتهما، لبناء نظام سياسى «فردى» جديد ولو فى إطار يبدو ديمقراطيا، لكن بعد تفريغ الحقوق والحريات من مضمونهما، وبعد القضاء على الحركة الحقوقية، وإسكات الصحافة والإعلام، وتشويه شباب الثورة، وتخويف الأقباط، وتكفير المعارضة الليبرالية واليسارية؟

 

حتى لو كان لديك شكوك فى هذا التحليل وهذا حقك قطعا، وأنا أيضا أتمنى أن أكون مخطئا، لكن المؤكد أن كل ذلك يجرى فعلا على الأرض فى ذات التوقيت وبتناغم واضح فى المواقف.. فهل هذه مجرد مصادفات؟!

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات