كيف وُلد الربيع العربى؟ - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 3:12 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف وُلد الربيع العربى؟

نشر فى : الإثنين 12 سبتمبر 2011 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 12 سبتمبر 2011 - 8:00 ص

سلامة أحمد سلامةعشر سنوات مضت منذ وقعت هجمات سبتمبر عام 2001 على نيويورك وواشنطن، ووضعت أمريكا والعالم على حافة مرحلة فارقة فى التاريخ المعاصر.. قد يشعر العرب الغارقون فى «ثورات الربيع» العربى بمدى ما أحدثته أو تسببت فيه هذه الأحداث من ثورات، أطاحت ببعض الأنظمة وأسقطت عروش الاستبداد التى صنعتها أمريكا ورعتها. وقد مكنت هذه الهجمات أمريكا من أن تلعب دور المنتقم الجبار. وفجرت بينها وبين العالم الإسلامى والعربى بحورا من الكراهية والضغائن.. وضعتها فى حالة حرب مستمرة لم تخرج منها حتى الآن: فى العراق وأفغانستان وباكستان، منذ اللحظة التى تأكد لها فيها أن الذين ارتكبوا الهجوم الوحشى على برجى مركز التجارة العالمى حفنة من الشباب العربى المتمرد، الذى ينتمى إلى «القاعدة». وكان ذلك إيذانا بزرع بذور الإسلاموفوبيا التى اجتاحت الغرب بدرجة أو بأخرى!

معظم الكتابات والتعليقات اهتمت فى هذه الذكرى، بما لحق بأمريكا من خسائر وكوارث، فى أرواح جنودها وأبنائها فى أنحاء متفرقة من العالم امتدت إلى اليمن وباكستان ودول أفريقية.. فضلا عما أصاب اقتصادها من ضربات موجعة، أثرت على الدولار وعلى مكانتها الاقتصادية والسياسية ونفوذها الدولى.. وكانت سببا فى صعود اليمين المتطرف الذى نجحت إدارة الرئيس السابق جورج بوش فى صياغة سياساته اليمينية المحافظة المتحالفة مع الصهوينية. فأحدثت شرخا عميقا فى علاقاتها بشعوب العالم وبما كانت تمثله أمريكا كرمز للحرية والتحرر والدفاع عن حقوق الشعوب فى الاستقلال والكرامة!

لم تعد أمريكا هى أمريكا التى قادت حركة التحرر فى النصف الثانى من القرن العشرين. بل استخدمت نفوذها الاقتصادى والعسكرى فى فرض هيمنتها على الدول الضعيفة. وكانت الدول العربية هى الضحية الأولى التى انصاعت للسياسات الأمريكية. وقبلت الدخول معها فى محاور ضد السوفييت والدول الشيوعية.. وبعد أن نجحت أمريكا فى طرد السوفييت من أفغانستان، لم تأبه لما خلفته وراءها من دمار وتخريب، مهدت لقيام «القاعدة» وتجنيد آلاف من شباب المجاهدين الذين جاءوا من أصقاع عربية وإسلامية. ثم تخلت أمريكا عنهم وتوقفت باكستان والسعودية ومصر عن دعمهم.. بل ومنعت عودتهم إلى بلادهم، ليجد هؤلاء الشباب أنفسهم لقمة سائغة فى يد المخابرات الأمريكية. وتبدأ مرحلة انتقام سريع كان من نتيجته وقوع هجمات سبتمبر وانتشار الإرهاب فى الغرب والشرق.

لم يكن غريبا بعد ذلك أن تشهد هذه المرحلة الانهيار الكامل للحلم العربى بعد أن ساد اقتناع بأن 99 بالمائة من الأوراق فى يد أمريكا وإسرائيل. واختلف اسلوب مقاومة الأطماع الصهيونية إلى القبول بنوع من المساومة والملاءمة، فى ظل معادلات زائفة باسم السلام والتعايش السلمى.. وتعرضت المجتمعات العربية لموجة كاسحة من حكم الطغاة، الذين وجدوا تشجيعا لفرض مفاهيم التعايش السلمى والتنازل عن المقدسات. وقدمت أمريكا لهذه الدول وعلى رأسها مصر والأردن ــ اللتان انفردتا بمعاهدة السلام مع إسرائيل ــ من المساعدات الاقتصادية ما يملأ البطون الجائعة، ومن المساعدات العسكرية ما يضمن ترضية العسكريين.

لم تكن الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية العقيدة وحقوق المرأة وغيرها من الشعارات والمبادئ التى يرفعها الغرب هذه الأيام، ويبدى استعداده لتمويل الجمعيات المدنية، من الأمور التى تحظى باهتمام الأمريكان وبالتالى باهتمام الحكام.. بل على العكس شهدت هذه السنوات تحالفا وثيقا بين المخططات الغربية والأمريكية وبين مؤسسات الحكم فى العالم العربى. وبينما كانت أجيال جديدة تشب عن الطوق لتصنع الربيع العربى وهى تتساءل أين المستقبل؟ كانت أجهزة القمع ومؤسسات الأمن تفرض نفوذها على كل شىء.. سواء فى مصر أو تونس أو الأردن أو الجزائر أو سوريا. بل إن دول الخليج نفسها صارت جزءا من منظومة الأمن الغربية دون أن تدرى!

فى بداية العقد المنصرم، كان السؤال الملح الذى يطرحه الغرب، عن وعى أو عن غباء هو لماذا يكرهوننا؟ والآن وبعد أن أسقطت الشعوب قلاع الاستبداد فى مصر وتونس وليبيا والدور على سوريا، صرنا نحن نتساءل لماذا هم يكرهوننا ولماذا لا يتركوننا فى حالنا؟

لم يكن ما أقدم عليه الاستعمار من مؤامرات لزرع إسرائيل فى قلب العالم العربى ضربا من الوهم أو عبثا فى فراغ.. بل نحن نرى الآن بأعيننا حقيقة الدور المنوط بإسرائيل فى الشرق الأوسط، ولحساب من؟!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات