منذ أسبوعين فاجأتنا الصحف بخبر عن استقبال رئيس الوزراء ووزير الصناعة والتجارة لأحد القيادات البارزة فى شركة نيسان العالمية وقيادات مصنع الشركة فى مصر.. الأخبار التى قرأتها منذ ذلك الحين لم تخرج عن الجمل والتصريحات المستهلكة التى نسمعها طوال الوقت!.. تصريحات تتعلق بالتعاون والاستثمار وتذليل العقبات...إلخ، ولكن بدون معلومات!.. ربما المعلومة الوحيدة التى قرأتها هى أن مصنع نيسان فى مصر يخطط لإنتاج سيارة جديدة.
انتظرت أن تعقد الشركة مؤتمرا صحفيا أو ترسل بيانا صحفيا وتشرح فيه للإعلام المتخصص أسباب الزيارة والنقاط التى تم الاتفاق عليها بشكل محدد وبعيدا عن الجمل المُرسلة ولكن لم يتم عقد المؤتمر ولم يصلنا البيان!.. انتظرت المزيد من التفاصيل من قبل زملائنا المعنيين بتغطية أخبار الحكومة المصرية.. «ماتلاقيش»!.
لأن جميع قراء هذا المقال يعرفون رأيى جيدا وموقفى من «حكاية» الصناعة المحلية أو عذرا «التجميع» وليس الصناعة!.. يقلقنى دائما هذا النوع من الأخبار!.. وبغض النظر عن زيارة قيادات نيسان العالمية لمصر لأن الحديث لا يدور حول مصنع نيسان بالتحديد بل مصانع السيارات فى بلدنا بشكل عام!.. جميعها تتحدث دائما بفخر عن إنجازاتها وأرقامها وخدمتها للمجتمع عن طريق توفيرها لفرص العمل!.. ومن جانبى أيضا أقدر رؤية ووجهة نظر ممثلى هذه الكيانات!.. أقدرها ولكن لا أشاركهم تلك الرؤى بالتأكيد!.
فالسؤال بسيط: «ماذا قدمت مصانع السيارات لبلدنا؟!».. فى الصحافة يحتمل السؤال البسيط إجابات متعددة ومطاطية.. «رغي»!.. لذلك إذا أراد الصحفى أن يملأ مساحة بدون مجهود حقيقى فى حوار مثلا، كل ما عليه فعله هو طرح سؤال بسيط يحتمل إجابات طويلة، مثل سؤال أستمع له عادة فى المؤتمرات الصحفية الخاصة بالسيارات من عدد كبير من الزملاء وهو: «ما هى خططكم الاستراتيجية للفترة القادمة؟!» والإجابة عبارة عن «رغي»!.
«ماذا قدمت مصانع السيارات لمصر؟!» سؤال بسيط يحتمل «رغي» ويحتمل أيضا إجابات متعددة!.. إذا وجهته لأحد من ممثلى تلك الكيانات سوف تشعر بأن مصانع تجميع السيارات هى العمود الفقرى للاقتصاد المصرى لا يمكن أن يستقيم بدونها!.. إذا وجهته لأحد وكلاء السيارات غير المجمعة محليا سوف تخرج بانطباع مختلف تماما!.
«ماذا قدمت مصانع السيارات لمصر؟!».. عندما كنت أقرأ خبر رئيس الوزراء ونيسان «سرحت» قليلا فى هذا السؤال!.. رأيت أن أطرحه بشكل أكثر تحديدا!.. «ماذا قدمت المصانع للمستهلك المصري؟!» أو «كيف كان ليصبح سوق السيارات لو لم تقم تلك المصانع فى الأساس؟!».. وحتى لا يحدث أى نوع من أنواع الالتباس فحديثى عن المصانع لا يشمل الصناعات المغذية وقطع الغيار.. أتحدث عن مصانع «تجميع» السيارات!.
السؤال الثاني: «ماذا لو لم تقم تلك المصانع فى الأساس؟!» إجابته بسيطة جدا ويمكن تلخيصها فى جمله واحدة: كان السوق لتصبح مثل أسواق دول الخليج ودول المنطقة، تعريفة جمركية لا تذكر وسوق منفتحة تماما «يعنى حضرتك بدل ما تشترتى جراند شيروكى متجمعة محلى هتشترى بورش كايين بنفس التمن!».. هذا بجانب حجم ومبيعات السوق التى كانت لتصل إلى 500 ألف سيارة سنويا أو يزيد!.. وهو أكثر من ضعف حجم سوقنا المحلية وهو ما يعنى أيضا ضعف فرص العمل المتوفرة حاليا!.
من الناحية الأخرى، ولأن المصانع دائما تركز حول العمالة وتوفير فرص العمل!.. ماذا قدمت المصانع للعامل المصري؟!.. هل طورت قدراته بما يوازى قدرات عمال نفس الشركات فى أوروبا وأمريكا واليابان!.. هل يستخدم العمال فى مصر نفس المعدات والأدوات؟!.. هل جميع المصانع المصرية قادرة على تجميع أى طراز يتم إنتاجه فى المصنع الرئيسي؟!..
أخيرا مع وجود المصانع ظهرت مجموعة تطلق عليها الملاحق الأسبوعية المتخصصة مسمى «خبراء صناعة السيارات» وهى المجموعة المسئولة عن المواصفات القياسية!.. هل هناك مواصفات قياسية للسيارات فى مصر؟!.. ما هى المواصفات القياسية الخاصة بأمان وسلامة الركاب؟!.
ماذا قدمت لنا مصانع التجميع؟!.. باختصار قدمت لنا «عميل بائس»!.