ماذا بعد فبراير..؟ - محمد الهادي الدايري - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:49 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماذا بعد فبراير..؟

نشر فى : الأحد 14 فبراير 2021 - 8:45 م | آخر تحديث : الأحد 14 فبراير 2021 - 8:45 م

لم تكن ليبيا لتظل بمعزل عما حدث فى جارتيها تونس ومصر، حيث خرج الليبيون فى 17 فبراير 2011 فى حراك شعبى تعبيرا عن رغبة جامحة فى الانعتاق من قمع شرس وتضييق شديد على الحريات العامة، وعن تطلعهم إلى مشاركة حقيقية فى تقرير مصائر حياتهم وشئونها.
وقد أدى الصراع المسلح الذى فرضه النظام الجماهيرى ردا على الانتفاضة الشعبية التى اندلعت فى عدة مدن ومناطق من البلاد إلى ظهور جماعات إرهابية ومتطرفة فى صفوف الثائرين على السلطة، ليقع ضحايا هذه المجموعات اللواء عبدالفتاح يونس، قائد قوات الصاعقة الذى التحق إلى انتفاضة فبراير والذى اغتيل بطريقة جد بشعة فى يوليو 2011، ثم مقتل السفير الأمريكى فى سبتمبر 2012، واغتيال أكثر من ستمائة ضابط وجندى من الجيش وقوات الأمن، ونشطاء سياسيين مدنيين. تم اقتراف كل هذه الجرائم فى مدن بنغازى ودرنة وسرت، ليستمر تمترس جماعات الإرهاب، بما فيها داعش، فى الشرق الليبى بعد انطلاق عملية الكرامة فى مايو 2014 التى جاءت ردا على رعب وهيمنة هذه الجماعات، وتمكنت من دحر هذه الأخيرة، بعد بنغازى، فى درنة فى صيف 2018. كما تمكنت قوات «البنيان المرصوص» التى انطلقت من غرب البلاد وكانت لها الغلبة على داعش فى مدينة سرت، وسط ليبيا فى 2016.
***
اتفق إذا شركاء فبراير على ضرورة مقارعة الإرهاب شرقا وغربا، لتمتد إلى الجنوب فى السنوات الأخيرة، بدون أن يتم تنسيق جهودهم فى هذا الصدد، بل كان هناك اختلاف فى المقاربة، حيث حصرت القوى السياسية التى وقفت وراء قوات «البنيان المرصوص» على ضرورة مجابهة داعش فى سرت، ودعمت الجماعات المتطرفة فى بنغازى ودرنة بالمال والسلاح والرجال. تم ذلك بذريعة أن المتطرفين كانوا جزءا لا يتجزأ من «الثوار» والذين اضطروا إلى الانسحاب إلى غرب البلاد بعد هزيمتهم فى بنغازى ودرنة.
***
لم تتعلق خلافات أطراف فبراير حول التطرف والإرهاب فحسب، بل إنها دخلت منذ 2014 ولغاية السنة الماضية فى احتراب فى تخوم العاصمة طرابلس، وتحت مسميات وبوتيرة مختلفة، أدى إلى دمار وقتل ونزوح مئات الآلاف من المدنيين. وفى المجمل، اقترنت كل هذه الصراعات المسلحة فى شرق وغرب وجنوب البلاد بظهور شروخ اجتماعية حادة بين أبناء الوطن الواحد، ناهيك عن انقسام سياسى وفشل مؤسسات الحكومتين الناشئتين بعد 2016 فى غرب وشرق البلاد فى تقديم أبسط الخدمات كالكهرباء والوقود، فى حين انصب اهتمام الكثيرين ممن تصدروا المشهد السياسى وقادة ميليشيات «الثوار» على نهب أموال الدولة، بشهادة تقارير الأجهزة الرقابية. وأدى غياب سيادة القانون إلى ارتكاب انتهاكات جسيمة كالاغتيال والتعذيب والخطف واحتجاز تعسفى للعديدين، ومن بينهم مسئولو النظام السابق الذين ظلوا بدون محاكمة لغاية كتابة هذه السطور.
***
وتظل بارقة الأمل الوحيدة فى هذا المشهد القاتم متمثلة فى ظهور مجتمع مدنى يشع حيوية، بشبابه ونسائه، تشهده ليبيا ولأول مرة، ليأتى تكريسا ملموسا للحرية، التى تعتبر أحد روافد ما تاق إليه مفجرو فبراير. وبالرغم من بعض التحديات التى مازالت تواجهها هذه الجموعات النشطة، فإن الأمل فى عطائها ودورها لكبير.
وللحديث بقية....

محمد الهادي الدايري وزير خارجية ليبيا الأسبق
التعليقات