الديمقراطية.. بالعربى! - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 5:50 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الديمقراطية.. بالعربى!

نشر فى : الأربعاء 14 أبريل 2010 - 11:12 ص | آخر تحديث : الأربعاء 14 أبريل 2010 - 11:12 ص

 تشهد بريطانيا حاليا حملة انتخابية مهمة قد تؤدى إلى خروج حزب العمال البريطانى من الحكم بعد 13 سنة فى السلطة ومجىء حزب المحافظين.. وليست كل الانتخابات التى تجرى حولنا ونسمع عنها متساوية فى الأهمية، خاصة حين تغدو مجرد مسرحية فاشلة لإبقاء الحاكم فى مقعده وتزييف شرعيته. ففى نفس الوقت كانت تجرى أيضا انتخابات عامة فى السودان. ولكن انتخابات بريطانيا سوف تكون نتائجها جزءا من عملية التغيير التى يضيفها التاريخ إلى مسيرة التقدم، سواء أسفرت عن فوز هذا الحزب أو ذاك.

أما الانتخابات السودانية فقد بدت محسومة حتى قبل أن تبدأ. ولم يكن هناك شك فى أن الرئيس عمر البشير سوف يفعل المستحيل للبقاء فى منصبه، وذلك بعد انسحاب أحزاب المعارضة ومقاطعتها للانتخابات، وعلى رأسها حزب الأمة الذى يتزعمه الصادق المهدى، وحزب الحركة الشعبية بزعامة ياسر عرمان بحجة افتقارها إلى ضمانات النزاهة.

ولا يبدو الحديث منطقيا عند المقارنة بين نظام ديمقراطى عريق أنضجته الظروف والممارسة على مر عدة قرون كما فى بريطانيا، ونظام يبحث عن زى جديد من أزياء الديمقراطية صنعه العسكريون الذين استولوا على السلطة فى انقلاب، ولبثوا فى الحكم سنين عددا يبذلون كل الجهد فى قمع الحريات وإسكات المعارضة الحزبية وإخضاع الشعب.

وحين وصلت الأمور إلى ذروتها فى السودان وبدأت حركات التمرد والمطالبة بالانفصال فى الجنوب، وتحولت دارفور إلى بؤرة مشتعلة بسبب النزاعات العرقية والاثنية وعجزت السلطات عن السيطرة عليها إلا بالعنف والقوة العسكرية.. أفلت الزمام من يد السلطة المركزية فى الشمال. وانفتحت أبواب جهنم للتدخلات الدولية: من باب المساعدات الإنسانية تارة، ومن باب حقوق الإنسان تارة أخرى.. وأدى عجز الحكم فى الخرطوم إلى إسدال ستار من الفشل والغموض أعطى الفرصة للقوى الأجنبية الباحثة عن الثروات المكتنزة فى أرض السودان حتى وصل الأمر إلى طلب تقديم البشير للمحاكمة الجنائية الدولية، بسبب الفظائع التى ارتكبت فى دارفور.

لم تكن المشكلة أبدا فى الانتخابات. فحيث تغيب بيئة الديمقراطية، يصبح تزوير الانتخابات أمرا مغريا ومسلما به. وقد شارك فى الرقابة على الانتخابات السودانية عدة مئات من المراقبين الدوليين والجماعات الحقوقية والمراكز الدولية والجامعة العربية والاتحاد الأفريقى.. ولكن ذلك كله لم يشفع ويمنع من وقوع الفوضى الكفيلة بتزوير الانتخابات. ولا نظن أن حكومة البشير أو المفوضية العليا للانتخابات كانت وحدها المسئولة ولكن تردد أحزاب المعارضة الأخرى وتقاعسها واعتمادها على الخارج أسهم فى إفشال التجربة.

من الواضح أن الأجيال التى تحكم فى العالم العربى قد جاءت معظمها نتيجة انقلابات عسكرية أو ورثت نظما فردية، لم تتشرب قيم الديمقراطية حتى وإن خلعت زيها العسكرى، وادعت أنها أسهمت فى صنع المجتمع المدنى واحتمت وراء نظام شبه برلمانى. ولهذا لم تحقق الديمقراطية فى العالم العربى نجاحا يذكر. بل صارت الشعوب والنظم تدور حول نفسها فى دوائر مغلقة لا تصنع التقدم ولا تؤمن بتداول السلطة بل تزداد رسوخا بالأساليب القمعية. ونشأ تحالف بين نظم الحكم العربية أقوى من أى نزوع نحو الحرية والديمقراطية. وانظر إلى ما فعلته الكويت «الشقيقة» فى المصريين الذين اجتمعوا لتأييد البرادعى. فقد تصرفت أجهزة الأمن الكويتية بغلظة ووحشية تفوق مثيلتها فى مصر.. وللغرابة دون طلب من أحد. أو هكذا قيل!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات