من يقف وراء سليمان؟ - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 9:41 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من يقف وراء سليمان؟

نشر فى : السبت 14 أبريل 2012 - 8:20 ص | آخر تحديث : السبت 14 أبريل 2012 - 8:20 ص

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها.. فُرجت وكنت أظنها لا تفرج

 

وبالفعل فبعد أسابيع من الأخذ والرد حول الأزمة المستحكمة لتشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، بعد أن أغلقت هيمنة الأغلبية من الإسلاميين سبل التفاهم حول تشكيل اللجنة بما يسمح بتمثيل طوائف المجتمع على اختلافها، وبما يمكن لجنة تقوم على وضع الأسس المؤهلة لكتابة دستور جديد من إكمال المسيرة، حسم القضاء الإدارى الخلاف الذى ثار منذ البداية حول أحقية الأغلبية فى اختيار المعايير والشخصيات الممثلين فى لجنة المائة. وأنهى منطق الاحتكار الذى فرضه الإخوان والنور على تشكيل اللجنة. وحدد مهمة البرلمان فى اختيار من يقومون بوضع الدستور من خارجه وليس من بين أعضائه!

 

ولقد بلغت الأزمة ذروتها حين اتضح أنها تعبر عن صراع إرادات بين الأغلبية الإسلامية من ناحية والعسكريين من ناحية أخرى بسبب تمسك الأغلبية بحقها فى إقالة حكومة الجنزورى وتشكيل حكومة ترضاها. وتصاعدت الأزمة حين رفض المجلس العسكرى إقالة الجنزورى، فبادرت الجماعة إلى ترشيح خيرت الشاطر فى سباق الرياسة بعد أن كانت وعدت بعدم خوض الانتخابات الرئاسية بمرشح من عندها. وحين ظهر احتمال وجود أسباب قانونية قد تمنع ترشيح الشاطر، جرى ترشيح محمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة احتياطيا. وبذلك دخل الصراع فيما يشبه المزاد العلنى. حين فوجئ الجميع بخروج عمر سليمان من مكمنه ليعلن نفسه مرشحا للرياسة. ويخرج من جعبته آلاف التوكيلات التى جمعها أو جمعت له فى السر. وذهب بنفسه إلى اللجنة العليا لانتخابات الرياسة لتقديم أوراقه تحت حراسة الشرطة العسكرية.

 

نحن الآن نشهد انتقال حلبة الصراع حول اللجنة التأسيسية للدستور، والتى لابد وأن تبدأ من نقطة الصفر، وقد تستغرق عملية وضع الدستور والاستفتاء عليه عدة شهور، يتم خلالها حسم المنافسة على منصب الرئاسة.. إلى معركة أخرى لاستصدار تشريع يمنع ترشح سليمان وغيره من رموز النظام السابق.. وبعبارة أخرى عدم ترشيح من تولوا المسئولية فى رياسة الجمهورية أو الحزب الوطنى المنحل لمدة عشر سنوات قبل تاريخ 11 فبراير 2011 لانتخابات الرياسة المقبلة أو لمنصب رئيس الوزراء أو نائب الرئيس فى النظام الجديد.. وهو مشروع قرار مازالت تحيطه شبهات دستورية حتى بعد إقراره فى اللجة التشريعية!

 

أما السؤال الذى يطرح نفسه فهو ما الذى أغرى عمر سليمان بخوض معركة الانتخابات الرياسية الآن، بعد أن أعلن أكثر من مرة سابقة أنه لا يفكر فى الترشح؟ ولماذا حرص المجلس العسكرى على أن يترك هذا الفراغ القانونى الذى يسمح بعودة رجال مبارك إلى الصورة، ثم يقول إنه يقف على مسافة متساوية من جميع المرشحين.. وهو ليس كذلك؟

 

لا يخفى على الكثيرين أن توتر العلاقات بين الإخوان والعسكر، وما بدا أخيرا من إفلات الزمام من يد المجلس العسكرى إزاء اجتياح الإسلاميين للساحة السياسية وانفرادهم بتقرير المسار فى كثير من الأمور، وما أظهروه من عناد واستكبار إزاء القوى المدنية والليبرالية الأخرى، أثار مخاوف العسكريين من عواقب انتقال السلطة فى ظل هيمنة التيار الإسلامى واحتكاره لمفاتيح السلطة، مما قد يعوق خروجا آمنا للسلطة العسكرية!

 

وقد ظهرت هذه المخاوف بشدة فى نبرة الخطاب الذى واجه به عمر سليمان معارضيه ومنتقديه وعلى رأسهم جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة. وانعكس ذلك فى لغة التهديد بكشف الوثائق والملفات القذرة. وإذا كانت الأسرار التى يحتفظ بها عمر سليمان هى أوراق القوة التى سيخوض بها معركته مع الإسلاميين.. فلدى الإسلاميين بدورهم أوراق قوة تكشف عن كثير من المؤامرات التى تورط فيها عمر سليمان وسودت صحيفته منذ كان نائبا للرئيس المخلوع.

 

ومهما تكن الظروف، فإن ترشح عمر سليمان لن يعيد إنتاج ما كانت عليه الأوضاع قبل سقوط مبارك، أو يعيد مرة أخرى شعار «أنا أو الإخوان». ولعل الحكم القضائى بتعطيل لجنة الدستور وإعادة تشكيلها على أسس جديدة، قد يفتح الباب لتغيير حسابات الإخوان بحثا عن أسلوب أكثر توافقا، وبما يتفق والمصالح العليا للوطن وللأهداف التى من أجلها قامت الثورة!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات