السيناريو السهل - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 2:08 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السيناريو السهل

نشر فى : السبت 14 أغسطس 2010 - 2:45 م | آخر تحديث : السبت 14 أغسطس 2010 - 2:45 م
لم يحدث أن وجدت مصر نفسها فى حالة استنفار سياسى، يتصاعد تدريجيا وبسرعة من مرحلة إلى مرحلة، كالتى تجد نفسها فيه الآن. وساعد على ذلك أمران: اقتراب موعد انتخابات مجلس الشعب وظهور أفق جديد، تصورت بعض القوى السياسية أن يكون لها مكان فيه سواء بالتوافق أو بالتعارض مع الحزب الوطنى الحاكم. ثم التسخين المفاجئ لجمال مبارك كبديل فى منصب الرياسة. وهو ما كانت قيادات الحزب تستبعده وتستسخفه.

وتراه نوعا من «قلة الأدب» طالما بقى الرئيس فى الحكم. وهكذا اتضح أن ما كان مستحيلا فى نظر بعضهم صار ممكنا بل حالاًّ فى واقع الأمر!
هناك اذن خطة محكمة ــ وفى اعتقادى أن ثمة اتفاقا عليها فى دوائر الحزب الحاكم ــ للالتفاف على المعارضة الشديدة ضد التوريث. بحيث يتم الدفع بجمال مبارك إلى صدارة المشهد أثناء الحملات الانتخابية لمجلس الشعب، وتلميعه كمرشح قادم للرياسة. بحيث لا تنتهى انتخابات مجلس الشعب إلا وقد أصبح جمال هو المرشح الرسمى للحزب الوطنى. وفى خضم ذلك يقطع مرشحو الحزب الوطنى على أنفسهم عهدا بأن يكون جمال هو رئيسهم القادم. وهو ما بدأ يردده بالفعل بعض المرشحين.

سوف تكون العملية نوعا من التمرير أو التسلل تحت غطاء الصخب والضجيج الذى يتولد أثناء المنافسات الانتخابية لمجلس الشعب. وفى الوقت الذى تلتفت فيه الانظار إلى حملات الترشيح والانتخابات، وفى دوامة الخلافات والمزايدات التى أغرقت أحزاب المعارضة نفسها فيها، بين الوفد والإخوان، وبين التجمع والقوى السياسية الأخرى حول ضمانات نزاهة العملية الانتخابية.

وما إذا كان من الحكمة مقاطعتها أو المشاركة فيها، وهو الجدل الدائر حاليا والذى كشف عن تفسخ وعدم نضج فى صفوف المعارضة.. انتهز الحزب الوطنى الفرصة، فبدأت حملات الائتلاف الشعبى لتأييد جمال مبارك فى الدقهلية والغربية تحت رعاية الأمن وتوجيهه وليس بإشراف مباشر من كوادر الحزب الوطنى.. وكأنها مبادرة شعبية تلقائية. ولكن من الواضح أن وراءها تمويلا ومتابعة دقيقة من الحزب ومن الصحف الناطقة باسمه.

وقد أعلن أخيرا عن افتتاح 17 مقرا للائتلاف المؤيد لجمال فى 6 محافظات. وأعلنت الصحف القومية بمنتهى الثقة أن حملة التوقيعات لتأييد جمال مبارك تجاوزت 5 آلاف توقيع تطالب جمال بالترشيح للرياسة. وأكبر الظن أن مرشحى الحزب الوطنى سوف يمتطون هذه الشعارات فى الوقت المناسب.

يتساءل الكثيرون: هل تتم حملة الائتلاف الشعبى لتأييد جمال مبارك بعيدا عن اهتمام الرئيس مبارك أو بدون موافقته؟ وهل معنى ذلك أن هناك صراعا على السلطة كما يدعى البعض؟ أو صراعا بين الحرس القديم الذى يصر على إعادة ترشيح الرئيس مبارك والحرس الجديد من المنتفعين والمستثمرين ورجال الأعمال الذين يخشون حدوث مفاجآت لا سيطرة لهم عليها؟!
فى اعتقادى أن الصمت الرياسى هنا هو علامة رضا وقبول.

وما دام القرار النهائى فى يد الرئيس فلا بأس من أن يتركهم يلعبون تحت سمعه وبصره. والآن بعد أن ظهر نشاط الائتلاف الشعبى لتأييد ترشح جمال مبارك بهذه القوة والعلانية والانتشار، فسوف يتحول فى الوقت المناسب إلى حركة شعبية. سوف يتجاوب معها ويتبناها ويحتضنها الحزب الوطنى وأجهزة الدولة ووسائل الإعلام الموالية والمؤسسات الدستورية والقانونية التى تسيطر عليها الأغلبية المنتقاة من الحزب الوطنى.

هكذا يبدو السيناريو بسيطا وسهلا فى رأى الكثيرين. وحين يلتقى ذلك مع اكتساح الأغلبية من الحزب الوطنى، خصوصا بعدما أعلن أنه لن يجرى أى تغيير فى قانون مباشرة الحقوق السياسية، فسوف يكون من السهل وضع الاطار القانونى وضمان العدد اللازم من الأصوات لترشيح جمال.

أما الموقف المتهافت لأحزاب المعارضة، والاختلاف فيما بينها على ما لا خلاف عليه، فهو الضمان الأكيد لنجاح الخطة المرسومة لصعود جمال فى سلاسة ويسر إلى موقع الرياسة!

 

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات