نحن فى نهاية العام الدراسى. اقترب موعد الامتحان. انتصف النهار ودخل مفتش وزارة التربية والتعليم فصل ثالثة ثالث وصدمه المشهد: صواريخ من الورق تطير نحو المدرس الذى أدار ظهره للتلاميذ مدعيا أنه يكتب شيئا على السبورة، وهو يفعل ذلك دائما هربا من مواجهة تلاميذه وحتى لا يرى الحرب المعلنة ضده فيضطر إلى اتخاذ موقف، وهو لن يستطيع. لم يتعجب المفتش من سلبية المدرس فتلك سمة العصر، المعروف بعصر «الطناش».
ولم يتوقف كثيرا أمام ضعف المدرس فالمشهد المؤسف متصل أمامه.. كان تلميذان بالفصل يتشاجران، وقد أمسك كلاهما بتلابيب الآخر وكلاهما يصف الآخر بالغباء ويسبه بجهله.
وفى الجهة اليمنى من الفصل مجموعة من التلاميذ بدوا كأنهم فى عالم آخر، فهم يمزحون ويلعبون «كلوا بامية»؟!
ألقى المفتش بتلك النظرة الفاحصة السريعة على الفصل فى مدرسة المعارف الثانوية. وقرر أن يسأل التلاميذ كى يطمئن قلبه: من أين تشرق الشمس على مصر؟!
رفع تلميذ من «مجموعة كلوا بامية» يده كى يفوز بالإجابة، لكنه سأل المفتش بدلا من إجابته فى محاولة للتمويه على جهله، شأن كل جاهل: لم تحدد يابيه شروق الشمس على مصر بالتوقيت الصيفى ولا بالتوقيت الشتوى؟!
المفتش متجهما: اقعد يا شاطر.. واحد غيره. قوم يا بنى قول أنت، مشيرا إلى تلميذ يجلس بالصف الأمامى، صف الشطار والنبهاء والأذكياء:
الشمس لم تشرق على مصر اليوم يا أستاذ..!
غضب المفتش من الإجابة.. غضب من وصف الولد له بالأستاذ وهو المفتش..؟!
أثقل اليأس رأس المفتش خاصة حين وجد تلاميذ الفصل يتبارون فى رفع اليد للإجابة فتوالت الإجابات الخاطئة.. فلا أحد منهم ذاكر وقرأ مواعيد شروق الشمس شتاء أو صيفا، بالمواعيد الصيفية أو بالمواعيد الشتوية..؟!
مساء يوم 11 أكتوبر بعد انتهاء مباراة رواندا والجزائر كان الوسط الرياضى المصرى بما فيه من مدربين وخبراء ونقاد وفضائيين ومسئولين، باستثناء قلة، مثل تلاميذ فصل ثالثة ثالث، قلة من الوسط الرياضى المصرى تميزوا بقراءة لائحة الفيفا ومذاكرتها ومراجعتها قبل موعد الامتحان. بينما بدأ الأغلبية قراءة اللائحة والتعرف عليها بعد بدء الامتحان.. وانتهى وكانت النتيجة: لم ينجح أحد؟!
فعلا.. إحنا التلامذة؟!