هل خيانة الأمانة متوطنة فى العمل المصرفى والمالى؟ - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 10:48 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل خيانة الأمانة متوطنة فى العمل المصرفى والمالى؟

نشر فى : الأحد 14 ديسمبر 2014 - 8:20 ص | آخر تحديث : الأحد 14 ديسمبر 2014 - 8:20 ص

كتبت فوينى فارا، محررة اقتصادية، مقالا نشر بمجلة ذا نيويوركر الأمريكية عن الفساد المنتشر فى القطاع المصرفى والمالى. تقول الكاتبة إن الأمر قد قضى بالنسبة لماثيو مارتوما، فقد تم الحكم عليه بالسجن لمدة تسع سنوات لمشاركته فى مخطط تداول داخلى ينطوى على تسريب نتائج التجارب على علاج لمكافحة ألزهايمر. وكان مارتوما يعمل فى شركة S.A.C. للاستشارات، أحد صناديق التحوط التى يديرها ستيفن كوهين، حيث يواجه الموظفين ضغوطا مكثفة من أجل تحقيق أرباح للشركة. وفى مقال، نشر فى أكتوبر، عن فضيحةS.A.C. كتب باتريك رادن كيفى: «مع متابعة العملاء الفيدراليين تحقيقات متداخلة متعددة حول التداول من الداخل فى صناديق التحوط، بدأ يتضح أن ثقافة SAC لا تتسامح مع استغلال المعلومات الداخلية فحسب، ولكن تشجع عليه. وفى المحاكمة الأخيرة لمايكل شتاينبرج، أحد مديرى المحافظ، العاملين لدى كوين، ذكر شاهد عيان يدعى جون هورفاث، كان يعمل محللا للأبحاث فى SAC، أن شتاينبرج قال له: «أستطيع التداول فى هذه الأسهم يوميا وتحقيق أرباح بنفسى. لست بحاجة إلى مساعدتكم للقيام بذلك. ما أحتاجه منكم أن تذهبوا وتحضروا لى معلومات جديدة وحصرية». وفسر هورفاث كلامه بأنه يعنى معلومات غير مشروعة وسرية، وشعر أنه سيفصل من العمل إذا لم يحصل على هذه المعلومات.

•••

وتوضح الكاتبة أن مارتوما حقق فى عام 2008 أرباحا قدرها 275 مليون دولار لشركة SAC من خلال الصفقات غير القانونية، التى أجريت على أساس معلومات حول تجارب على عقار لعلاج ألزهايمر، استقاها من شخص مشارك فى التجارب. وحصل فى تلك السنة، على مكافأة أكثر من تسعة ملايين دولار.

وتقول فارا إن قصص المتعاملين ذوى التصرفات السيئة أصبحت شائعة فى هذه الأيام. فهناك أيضا برونو إسكيل، المتعامل السابق فى جى بى مورجان تشيس، الملقب بحوت لندن، الذى كسب المليارات من الدولارات من خسائر الرهونات عالية المخاطر، وجيروم كيرفيل، المتعامل السابق فى بنك سوسيتيه جنرال، الذى يقضى حكما بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة التزوير وخيانة الثقة. وغالبا ما يشير المنظمون والمشرعون والصحفيون الذين يتعقبون هذه الحالات، إلى ثقافة فى صناعة التمويل، تسمح بالسلوك غير الأخلاقى. وربما تشجعه بمهارة.

وتضيف الكاتبة أن هذه الثقافة اهتمام أثارت آلان كوين، إرنست فهر، وميشيل أندريه ماريشال أساتذة الاقتصاد فى جامعة زيورخ، الذين أجروا تجربة لقياس ما إذا كان هناك صلة بين ثقافة الصناعة وسلوكها السيئ. ولإجراء تجربتهم، ركز كوين، وفهر، وماريشال على القطاع المصرفى. وتم اختيار مائة وثمانية وعشرين موظفا من بنك دولى كبير. وتم تقسيم هؤلاء المشاركين إلى مجموعة تجريبية ومجموعة مراقبة. وتم عبر الإنترنت استطلاع آراء أعضاء المجموعة التجريبية عن حياتهم المهنية، عبر أسئلة مباشرة مثل «فى أى بنك تعمل حاليا؟» و«ما وظيفتك فى هذا البنك؟» وطرحت على أعضاء مجموعة المراقبة أسئلة ليس لها علاقة بمهنتهم، مثل: «كم عدد الساعات فى الأسبوع التى تشاهد فيها التليفزيون فى المتوسط؟» ثم طلب من المشاركين من كلتا المجموعتين إلقاء عملة معدنية عشر مرات وكتابة تقرير بالنتائج. وكان باستطاعة كل مشارك كسب عشرين دولارا إذا كانت نتيجة رمى العملة مطابقة لما طلب منه مقدما، ولم يكن المشارك يحصل على المكافأة إلا إذا كانت الدرجة الكلية جيدة على نحو يماثل نتيجة لاعب آخر، تم اختياره عشوائيا.

•••

وتشير فارا إلى ما ذكرته مجموعة المراقبة بأنها حققت رميات «ناجحة» فى 51.6 فى المائة من الوقت، فى المتوسط، وهى نسبة لا تبعد كثيرا عن نسبة خمسين فى المائة المتوقعة. لكن الجماعة التجريبية ذكرت أنها سجلت رميات ناجحة بنسبة فى 58.2 فى المائة فيما يعتبر «أعلى بكثير من المتوقع»، وفقا لما كتب الباحثون. وبدا للباحثين أن الأشخاص الذين أجابوا عن أسئلة حول العمل فى أحد البنوك، ذكروا معدلات نجاح عالية غير حقيقية. وقال ماريشال إن موظفى البنك كانوا على العكس من التصور العام ليسوا مخادعين أكثر من غيرهم، ومع ذلك، لم يكن نسبة كبيرة من موظفى البنوك صادقين، عندما ذكرناهم بوظيفتهم ودورهم».

وبعد لعبة رمى العملة، طرح على كل من المجموعتين السؤال التالى: «إلى أى مدى تتفق مع العبارة التالية: يتم تحديد الحالة الاجتماعية عن طريق النجاح المالى، فى المقام الأول» وأبدى أعضاء المجموعة التجريبية، فى المتوسط، «تأييدا أقوى بكثير». وبعبارة أخرى، فإن أولئك الذين أجابوا عن أسئلة حول مهنتهم، وبالتالى، تم تذكيرهم بالثقافة المصرفية، كانوا أكثر مطالبة بما وصفه الباحثون «القيم المادية».

وذهبت استنتاجات كوين، وفهر، وماريشال إلى ما هو أبعد من ذلك. وتساءلوا إذا كانت القيم المادية مسئولة جزئيا عن سوء سلوك موظفى البنوك، فكيف يمكن تخفيف تلك القيم؟ طرح البعض عددا من الأفكار. على سبيل المثال، يمكن أن يطلب من موظفى البنوك المشاركة فى تدريب أخلاقى، من شأنه أن يحدد بوضوح أى السلوكيات صائبة وأيها خاطئة، وبعد ذلك، قد تكون هناك حاجة إلى التوقيع على استمارة تعهد قبل القيام بأنشطة معينة تثبت أنهم يعتقدون أنهم كانوا يتصرفون بضمير حى. واقترحوا أيضا أن البنوك يمكن أن تغير برامج المكافآت للعاملين، بحيث لا ترتبط المكافآت بكم الاستثمارات التى يجلبها الموظف للبنك، ولكن أيضا «بالسلوك المسئول اجتماعيا، على نحو ملحوظ» كما أوضح ماريشال.

•••

وترى الكاتبة أن خبراء الاقتصاد لا يجيدون بالضرورة وضع خطط استثمارية جيدة، وليس من الواضح ما إذا كانت هذه التدابير سوف تغير حقا الثقافة المصرفية. ولدى الكثير من البنوك الكبيرة، وربما معظمها، قواعد للسلوك تتطلب التدريب على أخلاقيات، وغالبا ما يتم ضمنا وليس صراحة نقل المعايير الثقافية التى تولد السلوك السيئ. ويرى البعض، أن ثقافة الجشع، أمر متوقع فى قطاع التمويل، الذى يهدف بالتحديد إلى الحصول على كميات كبيرة من الأموال، وتحويلها إلى كميات أكبر من المال. وفى العام الماضى، كتب جون كاسيدى «اعتبرنى متشككا، ولكننى أتشكك قليلا فى التفسيرات الثقافية للمخالفات المالية فى البنوك الاستثمارية، وخاصة التفسيرات التى تعنى أن المخالفات يمكن منعها من خلال اعتماد مبادئ توجيهية داخلية جديدة وإجبار العاملين على تلقى دروس علاجية فى السلوك الإنسانى».

وتختتم فارا المقال بقولها إن الصعوبات التى تواجهها البنوك لتحقيق الانضباط الذاتى وإحداث التغيير الثقافى، تشير إلى ضرورة قيام الحكومات بتنفيذ وتطبيق أنظمة واضحة تحظر الأنشطة الضارة، والأهم من ذلك، فرض عقوبات صارمة على الانتهاكات. وربما يكون السلوك الأخلاقى فى صالح البنوك، أو لا يكون كذلك. غير أن فضائح العقد الماضى أظهرت بالتأكيد، أنه فى صالح المجتمع ككل.

التعليقات