تعديلات فى الديكور السياسى - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 9:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تعديلات فى الديكور السياسى

نشر فى : الخميس 15 أغسطس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 15 أغسطس 2013 - 8:00 ص

منذ ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، ونحن نسمع كثيرا تعبير «تمكين الشباب»، وضرورة أن تكون القيادة لهم نحو مصر الجديدة، الجميع فعلوا ذلك بامتياز، المجلس الاعلى للقوات المسلحة بحكوماته المختلفة، الرئيس المعزول محمد مرسى وجماعته من الاخوان المسلمين بمختلف تنويعات حكومة الدكتور هشام قنديل، ثم الإدارة الحالية بأجنحتها المختلفة التى تحاول أن تترجم الفكرة فى تعيين بعض الشباب فى مراكز قيادية (نموذج خالد تليمة فى الشباب وباسل عادل فى الرياضة ) إلا أننا لم نجد أى صدى حقيقيا لهذه الفكرة حتى هذه اللحظة، وان كنت لا اعرف اصلا هل هذه اللحظة مناسبة لتمكين الشباب من عدمه، فى ظل اوضاع سياسية متوترة، وأجواء غير مستقرة، إلى جانب أن الادارة من الاساس هى ادارة مؤقتة ملتزمة بمهماتها حتى الوصول الى ادارة منتخبة . 

أعلم أن فكرة تمكين الشباب تم استهلاكها فقط فى المناورات السياسية، دون رغبة حقيقية من أى تيار او نظام حاكم لتحقيقه وتفعيله، وهذا ما شاهدناه وتابعناه خلال الشهور الثلاثين الماضية، وحتى حركة المحافظين الأخيرة، بل إن الخطاب الأخير للرئيس المعزول اعترف صراحة بان ادارته تجاهلت الشباب تماما، واعلن وقتها عن خطة عاجلة لتمكينهم، لكنه هو الذى لم يتمكن هذه المرة من تنفيذ خطته، الا أن الخبر السيء فى هذه القصة، أن الرئيس المعزول كان يعتقد انه يغازل الشباب الغاضب، ويحاول أن يسترضيه ببضعة مواقع تنفيذية، او عدة مناصب سياسية، وتجاهل ادارة مرسى لتمكين الشباب، بالتأكيد لم يكن أمرا متعمدا، لكنه غاب لسبب بسيط، هو عدم وجود إيمان حقيقى بهؤلاء الشباب أو بضرورة وجودهم فى أروقة الحكم . 

الاهم فى قضية تمكين الشباب من وجهة نظرى، اننا حتى هذه اللحظة لم نفهم لماذا نريد تمكين الشباب، قد يبدو السؤال ساخرا وساذجا، لكننى أعنيه بكل جدية، فالاجابة عليه بدقة سترشدنا طريق الصواب فى هذه القضية، فهل نحن نرغب فى تمكين الشباب كاستحقاق لهم باعتبارهم أبطال ثورة يناير وانهم هم من قادوا الجماهير لإسقاط نظام مبارك، ثم اسقاط نظام الاخوان، هل هذا ثمن لمن قاموا بالثورة وتحملوا مخاطرها، أم اننا قد وعينا الدرس وفهمنا أن الدولة شاخت وترهلت افكارها، وباتت عجوزة الخيال وبليدة الحلول، واننا بالفعل فى حاجة لجيل جديد يملك افكارا وطموحات جديدة، جيل قادر بحق على التغيير بمفهومه الثورى وبمعناه الكلى، وانه لا سبيل للتقدم الا بهؤلاء الشباب.

أعتقد جازما، أن الشباب المخلص لهذا الوطن الذى أصر على الثورة وفجرها فى يناير، لم تكن دوافعه او رغباته فى الوصول الى السلطة او التمكن منها، بل ثار وضحى بحياته من أجل تغيير حقيقى قادر على تحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، هذا الشباب قال ضمنا إن الاجيال التى حكمت لم تتمكن من فعل ذلك ولم تحاول ذلك أصلا، بل سلكت طريق الاستبداد والاستحواذ على السلطة والبقاء فيها، وربما أن هذا ما شعر به الشباب ايضا فى ظل حكم الاخوان، نفس الوجوه ونفس الاسماء ونفس النظرية فى الحكم، لذا تبدو الصورة جلية وواضحة أن الشباب لا يرغب فى السلطة، لكنه يرغب فى التغيير، ويرى، كما يرى الكثيرون، أن اللحظة حانت لجيل جديد يتولى زمام الامور فى البلاد نحو نهضتها، لانه يعرف كيف يفعل ذلك ويملك ادواته ومن قبلها طموحاته واحلامه، لا ثمنا لثورة قام بها كما يعتقد البعض ويحاول أن يقدم لنا نوعا جديدا من الديكور السياسى اسمه «تمكين الشباب» تماما مثلما كان نظام مبارك يستخدم عددا ضخما من الاحزاب  المعارضة كديكور يعبر عن التعددية السياسية لاستكمال مشهد الديمقراطية الزائف.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات