ماتعمقهاش أكتر من كده - أميمة كمال - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 11:11 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماتعمقهاش أكتر من كده

نشر فى : الأحد 15 نوفمبر 2009 - 9:52 ص | آخر تحديث : الأحد 15 نوفمبر 2009 - 9:52 ص

 يا له من صباح خميسى جميل. كل شىء يشير إلى أنه يوم لطيف، فالجو خريفى معتدل، والحركة المرورية على ما يرام، والسيد الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء يعلن فى الصحف الصباحية على أن الطفرة الاقتصادية التى تحققت أدت إلى تعميق العدالة الاجتماعية فى مصر. ليس هذا كل ما فى الأمر، ولكن السيد الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية يعلن علينا من فوق منصة الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عن أن العدالة الاجتماعية تسير قدما للأمام، وأن نعمة الحكومة قد حلت على الفقراء والطبقة المتوسطة فتحسنت أوضاعهم المعيشية. وأكد على أن كل هذه النتائج المهمة قد توصل لها خلال نصف ساعة قبل إعلانه عنها، وبعد أن عدل نظارته الطبية للتأكد من صحة كل ما جاء لنا به من نتائج استخلصها من «مؤشرات بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك» التى أعدها جهاز الإحصاء ليقيس بها مستوى معيشة الأسر ويستخرج منها مؤشرات الفقر.

ولكن ما إن بدأت أعين المشاركين فى المؤتمر الصحفى تقع على أرقام الجهاز حتى تبدل الحال وبدا أنه لن يكون يوما لطيفا على الإطلاق. فالبيانات تشير إلى أن أفقر 20% من السكان استهلكوا 9.3% من إجمالى كل ما استهلكه المصريون فى عام 2008/2009 فى نفس الوقت الذى استهلك فيه أغنى 20% من السكان ما يمثل 40.2 % من إجمالى الاستهلاك فى نفس العام. يعنى ببساطة (لكارهى الأرقام) نقول لو كان المصريون يأكلون فى العام 100رغيف فإن 40 رغيفا منهم أكلها (بالهنا والشفا) أغنى الأغنياء منهم، أما أفقر الفقراء من المصريين فلم يظفروا إلا على أقل من عشرة أرغفة.

ولشديدى الكراهية للأرقام نقول، بشكل آخر، إن نصيب الفرد من أغنى 20% رغفان ونصف، فى حين نصيب الفرد فى النصف الآخر «إياه» نصف رغيف فقط. يا لها من عدالة اجتماعية ويا له من تعميق لها.

ولكن حتى لا نبخس من قدر اجتهاد الدكتور عثمان فى قراءة الأرقام نقول إنه دلل على تحسن الأوضاع بأن نصيب أفقر الفقراء من الاستهلاك زاد بمقدار 0.5% على مدار الأربع سنوات الماضية، أى أن هناك زيادة سنوية فى استهلاك الفقراء مقدارها 0.1 % سنويا. وأن أغنى الأغنياء قد نقص نصيبهم من الاستهلاك حوالى 0.3% سنويا. «ولكارهى الأرقام» نقول إن معنى ذلك أن الفقراء أكلوا لقمتين زيادة من نفس الرغيف فى العام الواحد خلال أربع سنوات. يالها من عدالة اجتماعية ويا له من تعميق.

وعذرا للذين لايحبون الأرقام فلدى المزيد منها الذى يصعب القفز عليه، وهو أن الطفرة الاقتصادية التى حققها الدكتور نظيف وأعوانه لم تنجح فى أن يزيد إنفاق 42.8% من السكان على حوالى 166 جنيها فى الشهر، بما يعنى أن هؤلاء البشر يعيشون فى اليوم الواحد على حوالى 5 جنيهات ونصف، فعلا يا لها من عدالة اجتماعية ويا له من تعميق.

وهناك رقم آخر لايقل فزعا عن كل ما سبق وهو أن حوالى 93% من المصريين ينفقون أقل من 400 جنيه فى الشهر، ومع ذلك السيد الدكتور الوزير يرى أن الطبقة المتوسطة فى تحسن مستمر مستندا فى ذلك إلى أن عدد الأسر الحائزة على «الدش ووصلات الدش» زاد من 19% من السكان إلى 61% منهم خلال الأربعة أعوام الأخيرة، وكذلك حائزى التليفزيون الملون من 70% إلى 82% فى نفس الفترة، وكذلك المحمول الذى وصل عدد الحائزين له إلى نسبة 61% من المصريين بعد أن كان لايتجاوز 14% قبل أربعة أعوام.

ولا أعرف ألم يصل إلى مسامع الدكتور الوزير عما وصلت له أسعار هذه السلع، ألم يسمع عن محمول يباع فى الأسواق بـ40 جنيها، وتليفزيون ملون بـ200 جنيه، ووصلة دش تشترك فيها أكثر من أسرة بعد أن انتشرت تجارة «سلكة الدش» فى الأحياء الشعبية؟ ألم يعرف عما فعلته نعمة أسواق المستعمل فى الناس؟. ألم يسمع عن انتشار الجمعيات المنزلية والقروض العائلية التى حلت تطلعات هذه الفئات، ولكن بعد أن حلت معها وسطها من كثرة ما أصابتها لعنات القروض وأثقلت كاهلها الجمعيات؟.

على العموم إذا كان ولابد للوزير أن يتعلق ويتشبث بفكرة تحسن ظروف الطبقة المتوسطة فلا بأس من أن نقول إنه فعلا الأرقام تشير إلى أن عدد الأسر التى حازت أجهزة التكييف زادت بمقدارحوالى 0.1% سنويا أى أنه يزيد عدد الحائزين له بمعدل 12 جهازا لكل 10 آلاف جهاز، وزاد عدد حائزى السيارات بنسبة 0.05% أى أن الزيادة تبلغ 5 سيارات لكل 10 آلاف سيارة فى كل سنة من السنوات الأربع الأخيرة.

وإذا كانت كل هذه الأمور هى ما كان يقصده السيد الدكتور رئيس الوزراء من تعميق العدالة الاجتماعية فنكتفى بهذا القدر من العدالة. ويادكتور نظيف، الله يخليك ما تعمقهاش أكتر من كده.

أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات