أسئلة لم يجب عنها جمال - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 1:45 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أسئلة لم يجب عنها جمال

نشر فى : الإثنين 15 نوفمبر 2010 - 9:46 ص | آخر تحديث : الإثنين 15 نوفمبر 2010 - 9:46 ص

 يواجه المواطن المصرى العادى كلما أجريت انتخابات عامة سواء كانت انتخابات برلمانية أو رياسية، معضلة فى فهم واستيعاب كواليس العملية الانتخابية فى مصر وتعقيداتها.. على العكس من أى انتخابات فى العالم أو حتى فى النوادى والنقابات والجمعيات. فهو مطالب فى الانتخابات البرلمانية والرياسية بسلسلة من الخطوات والإجراءات المعقدة للتعامل مع البيروقراطية، يبدأ بتسجيل نفسه فى أحد الأقسام خلال مدة زمنية محددة لاستخراج بطاقة انتخابية، والتعامل مع أجهزة أمنية أو شبه أمنية تتطلب لياقة بدنية ونفسية عالية.

ثم هو مطالب بتتبع ما تحمله المعركة الانتخابية من مفاجآت. بدءا بفتح باب الترشيح وانتظار إغلاقه.. والتعرف على هوية المرشحين فى دائرته وانتماءاتهم الحزبية، ومَنْ منهم مع الحكومة ومن مع المعارضة أو من المستبعدين فى الأرض؟ وما هى الفوائد التى يمكن أن تعود عليه؟ هل هى مجرد خدمات يقدمها النائب الذى يقع عليه اختياره.

أم أن هذه الخدمات يمكن أن تكون مقترنة بمبالغ مالية أو هدايا عينية أو مساعدات ووعود لتعيين الأبناء والأقارب؟ وأما البرامج فلا يوجد مرشح يملك برامج يمكن التعويل عليها!

نحن هنا نتكلم عن الناخب العادى الذى تختلف مستويات وعيه وتعليمه، ومدى قربه أو بعده عن مراكز السلطة وبؤر الحياة السياسية فى المراكز والمدن، وهم يمثلون الغالبية من بين 40 مليون ناخب.

وحين تصل أصداء الحملة الانتخابية إلى الريف، يكون للمرأة دور مهم بالسلب فى معظم الأحيان لأنها تشكل قوة عمياء يصعب تقدير وزنها الانتخابى، حيث تساق للإدلاء بصوتها طبقا لمشيئة الزوج أو كبير العائلة.

تزداد الحيرة بين الناخبين حين تطلق الأحزاب برامجها، فلا تكاد تميز اختلافا بين حزب وآخر. وقد أسهم الحزب الوطنى فى مضاعفة الحيرة والارتباك حين فوجئ الناخبون بأكثر من مرشح للحزب الوطنى فى عدد كبير من الدوائر. فلم يعد أحد يعرف أيهم يمثل الحزب حقيقة.. وأيهم يقف على يساره أو يمينه؟ وما الفرق بين س وص من المرشحين؟!

لقد اهتم كثير من المعلقين بالحديث عن الطريقة الغريبة والفريدة التى اختار بها الحزب مرشحيه باعتبارها قمة الذكاء السياسى لحزب واحد ووحيد فى الساحة، اعتمادا على أن التقارب الشديد بين أفضلية المرشحين وفرص نجاحهم وسمعتهم جعلت من الصعب تمييز واحد عن الآخر. فضلا عن أنه يجنب قيادات الحزب ورءوسه حرج الوقوع فى الخلافات العائلية بين المرشحين المتنافسين.. أو هكذا قيل!

وللأسف لم يهتم أحد بالوجه الآخر من العملة، أى بالشعب نفسه، ومدى البلبلة والتخبط الذى يجد الناخب نفسه فيه، وقد تخلت القيادة الحزبية عن واجبها السياسى فى ترشيد الناخب.

وقد توقع الكثيرون أن يشرح جمال مبارك باعتباره أمين السياسات فى الحزب، فى حواره المستفيض مع قناة العربية ومع التليفزيون المصرى، أسباب لجوء الحزب إلى ترشيح هذه الأعداد الغفيرة فى معظم دوائر الجمهورية؟ وهل يؤكد هذا ما ذهب إليه البعض بأن الحزب الوطنى لا يريد أن يكتفى بالحصول على أغلبية، ولكن لا يرى غير نفسه ومؤسساته ورجال أعماله ووزرائه، ولا يسعى إلا إلى إبقاء الأحزاب الأخرى خارج المنافسة؟ ولكن السؤال هو كيف يمكن إذن تحقيق المشاركة الشعبية على نطاق واسع إذا كانت الخيارات مقصورة على الوطنى ومرشحيه؟ إنها أشبه بالدعوة إلى وليمة ليس فيها غير صنف واحد من الطعام هو «الفول المدمس»..

لقد تجاوز جمال مبارك وهو يتحدث عن البرنامج الانتخابى للحزب خلال السنوات الخمس أو الست القادمة، عن أى إشارة إلى العديد من مطالب التغيير التى ترددت بأصوات ونغمات مختلفة. واكتفى بالإشارة إلى التعديلات الدستورية الطفيفة عام 2005 وما بعدها. وإذا كان ثمة طموحات وأهداف كبرى، فما هى هذه الطموحات، حتى وإن أنكر طموحه الشخصى وهو أمر مستبعد. إلا أن من حق الشعب أن يعرف ويعرف أبناؤه كيف ستكون الصورة بعد خمسة أو عشرة أعوام؟

لقد قدم جمال مبارك متحدثا بلسان الحزب صورة وردية لشعب بلا مشكلات فى التنمية والتعليم والمعاشات وزيادة الدخل ورعاية الفقير والقضاء على البطالة.. إلى آخره ولكنه لم يتطرق إلى نظام الحكم وقانون الطوارئ وتعديل الدستور والاعتداد بحقوق الإنسان والإفراج عن المعتقلين وضمانات الحرية السياسية لجميع أبناء الشعب وطوائفه ومعتقداته دون تمييز.. وإلا فما جدوى البرامج الانتخابية فى رسم المستقبل؟

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات