أصوات من الميدان! - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 11:47 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أصوات من الميدان!

نشر فى : السبت 16 يوليه 2011 - 9:05 ص | آخر تحديث : السبت 16 يوليه 2011 - 9:05 ص
صحيح أن كثيرا من الإصلاحات ما كانت لتتم لولا الإصرار النضالى للثوار المعتصمين على مطالبهم.. ولكن القراءة الموضوعية لما يجرى تدل على أن الثورة وصلت إلى مفترق طرق، وأن مساحة الثقة التى سادت العلاقة بين الجيش وشباب الثورة فى البداية وأدت إلى نتائج باهرة، قد تقلصت إلى درجة مخيفة، يرقبها العالم بمزيد من القلق.. فحين تتحرك قوى مجهولة الهوية لا يستطيع شباب الثوار أن يسيطروا عليها لمهاجمة مبانٍ حكومية والتهديد بقطع الطرق ووقف الملاحة فى القناة.. ويضطر المجلس العسكرى إلى إصدار بيان تحذيرى من محاولات القفز على السلطة، فإن الحديث عن المليونيات وتطلع عناصر شبابية لا تمثل غير نفسها إلى تشكيل حكومة يرضون هم عنها وطرد وزراء لا يرضون عنهم.. يعد إيذانا بالوصول إلى حافة الفوضى. وليس يجدى اتهام كل من ينتقد تدهور الأمور إلى هذا الحد بأنه من منظرى العهد البائد أو أنه ضد الثورة!

وعندما كتبت فى عمود سابق عن الخروج الآمن للثورة، كنت أعنى أن تعمل الثورة على تحقيق أهداف محددة، وليس الاقتصار على هدم البناء القائم دون أن يكون لديها البديل، بل ودون رأى موحد بين فصائلها، وقد تباينت ردود الفعل ووجدت من الملائم نشر بعضها على مسئولية أصحابها:

● كيف يمكن أن تحقق الثورة خروجا آمنا من ميدان التحرير الذى بدأ يضيق عليها وبها إلى طريق أوسع؟ سؤال يحمل فى طياته ما يختبئ فى ذهن الكاتب وغيره من مفكرى العهود البائدة.

الثورة ليست محصورة فى الميدان أو الشارع بل مغروسة فى نفوس المصريين الذين يريدون تغييرا شاملا لنظام سرى الفساد فى أركانه.. لابد من تكوين مجلس انتقالى للثورة، وعلى الجيش أن يعود إلى ثكناته!

● بدأت الثورة بمجموعة شباب أطلقوا على أنفسهم شباب 25 يناير، كانت لهم ثلاثة مطالب محددة هى الحرية، الديمقراطية، العدالة الاجتماعية. وبارك الشعب كله هذه الثورة ووقفوا وراءها. وسرعان ما انضمت إلى الثورة مجموعات أخرى، راح كل فصيل ينسب قيام الثورة إلى نفسه. وتعددت المطالب وتشعبت المليونيات والاعتصامات.

وانضم إليها أحيانا مجموعات من البلطجية وأتباع النظام السابق، واختلط الحابل بالنابل مثل مولد وصاحبه غائب.. وتعددت المطالب لدرجة يستحيل فيها على أى نظام سياسى أن يحقق شيئا منها. وكل من له طلب يريد أن تقوم الحكومة بتنفيذه فى التو واللحظة.

مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك من المطالب ما هو مشروع ومنها ما يحتاج إلى بحث ودراسة، ومنها ما يحتاج إلى توفير موارد مالية.. ومما زاد الطين بلة أن لجأ المعتصمون إلى قطع الطرق الرئيسية فى بعض المدن وإغلاق مداخل مجمع التحرير، مما أدى إلى تعطيل مصالح المواطنين.. فهل هذا أسلوب ثورى؟

● للأسف الشديد أصبح الجميع الآن فجأة وبدون سابق إنذار يصلحون لمنصب رئيس الجمهورية. يستوى فى ذلك المذيع التليفزيونى والداعية الدينى والمفكر الإسلامى والقاضى وغيرهم. دون أن يتساءلوا هل يملكون الجدارة والخبرة لمثل هذا المنصب فى أوقات عصيبة يمر بها الوطن؟ ولكن تجدهم جميعا يؤكدون أن الوطن يناديهم؟ وفى المقابل هناك وظيفة ومهنة جديدة مضمونة، ألا وهى مهنة الثائر التى قد تغير حياتك 180 درجة. فقد تصبح نجما إعلاميا كبيرا وتدور على الفضائيات ليل نهار.. متطلبات الوظيفة هى الوجود فى التحرير والتشدد فى الأفكار الثورية والتشدق بعبارات مثل: لعلنى أقول ــ سيولة الموقف ــ وغيرها.

يا سيدى لا أحد مستعدا لأن يفعل شيئا لوجه الله من أجل هذا البلد. سقط الجميع: الأحزاب والجمعيات الحقوقية والمدنية والشباب والعواجيز والحكومة والمثقفون.

● من الخروج الآمن للرئيس، إلى الخروج الآمن للثورة.. دفع الشعب الكثير من مقدرات البلاد وواجهنا عنفا لم نتخيله. من المفترض أن الثورات تنحاز إلى الشعب.. ولكن الشعب خائف وصامت ومش فاهم ما يحدث.

الأغلبية العظمى من الشعب صامتة وخائفة من المجهول الذى ينتظرنا.. البلطجية أصبحوا يطرقون الأبواب، وكل واحد أصبح يمسك ما يستطيع الدفاع به عن نفسه.. أعتقد أن الخروج الآمن أصبح الآن من حق الشعب!
سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات