تجربة دنماركية.. هذه المرة بدون إسفاف - حسام السكرى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 3:32 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تجربة دنماركية.. هذه المرة بدون إسفاف

نشر فى : السبت 16 سبتمبر 2017 - 9:00 م | آخر تحديث : السبت 16 سبتمبر 2017 - 9:00 م
أسوأ ما فى هذه المسرحية اسمها الذى يتطابق مع اسم فيلم كوميدى اشتهر بسبب ارتباطه بزعيم شباك التذاكر عادل إمام. أرغمت نفسى وقت عرض الفيلم على مشاهدته حتى النهاية وما زلت أذكر إحساس الامتعاض الذى راودنى بسبب فجاجته ورداءة فكرته وإسقاطاته الجنسية عديمة المعنى والدلالة.
لهذا السبب ترددت عندما نصحتنى المخرجة والناقدة المسرحية داليا بسيونى بمشاهدة مسرحية تحمل الاسم ذاته، يقدمها مجموعة من حديثى التخرج على مسرح الفلكى داخل أحد مبانى الجامعة الأمريكية بقلب القاهرة.
ذهبت متشائما وانتهى الأمر بأننى شاهدت «التجربة الدنماركية» مرتين فى الأيام الثلاثة التى خصصت لعرض المسرحية قبل عيد الأضحى المبارك. وتحولت إلى «مندوب تسويق» متطوع لا عمل له فى اليومين اللذين أعقبا العرض الأول سوى الاتصال بالأصدقاء ونشر التعليقات على صفحتى فى فيسبوك وعلى صفحة المسرحية، فى محاولة لتشجيع أكبر عدد من الناس لمشاهدة هذا العمل المبدع، وهذه الكوميديا الراقية الخلاقة.
خلافا للفيلم، لا توجد ذرة واحدة من الابتذال فى هذه الكوميديا العائلية النظيفة التى لا يربطها بالفيلم سوى الاسم. وعلى مدى ساعة ونصف الساعة هى مدة العرض فشلت فى الاحتفاظ بأى مسحة وقار على وجهى. ضحكت من القلب كما لم أضحك منذ سنوات على المفارقات المصرية الخالصة التى تتابعت أمامى، مقدمة من فريق رائع من الموهوبين الذين لا يعرف أسماءهم أحد.
قصة المسرحية كانت نتيجة لورشة ارتجال قام بصياغتها وكتابتها وإخراجها صلاح إيهاب. وتدور حول أسرة يعشق ابنها الأكبر فن التمثيل الذى يعتبره الأب عبثا بلا طائل وإهدارا للوقت. يخفى الابن عن أبيه أنه يشارك فى تمثيل مسرحية هاملت فى مسرح الجامعة. يكتشف الأب الأمر يوم الافتتاح ويدخل مع ابنه فى مشادة قبل الافتتاح بقليل.
يعود الابن فى المساء محمولا على أكتاف زملائه مصابا بداء غريب. إذ يبدو أن الصراعات النفسية التى عانى منها بين واقع يرفض أحلامه وبين حبه لفن التمثيل انتهت باحتجازه فى عالم المسرحية متماهيا مع شخص الأمير الدنماركى ولا يجد الطبيب أملا فى خروجه من الحالة سوى باستكمال المسرحية للوصول بها إلى نقطة النهاية. يسقط فى يد الأب الذى يرفض التمثيل جملة وتفصيلا فيقبل نصيحة الطبيب باستقدام مخرج ليدرب الأسرة كلها على التمثيل حتى يشاركوا جميعا فى تقديم العمل.
تتحول صالة المنزل إلى خشبة مسرح يشارك فيه الجميع بمن فيهم بواب المنزل. يحصل كل واحد على دور فى المسرحية ويجتهد رب الأسرة فى تقمص دور «شبح الأب» إلا أن هاملت لسبب ما لا يتمكن من رؤيته ويفترض أن الشبح هو المخرج الذى كان خارجا للتو من حمام المنزل فى روب الاستحمام الأبيض. يأخذ الأمر كله منحى مختلفا عندما يقتحم المنزل ضابط وأمين شرطة استجابة لشكاوى الجيران، ويبدآن فى التحقيق مع الأب الذى يخبرهم بسلامة نية أن الأمر لا يعدو أن يكون «تدريبات» يقوم بها مع «الجماعة» استعدادا لـ«اللحظة الحاسمة».
يفرح الضابط بـ«الاعترافات» لكنه يتلقى اتصالا هاتفيا من رؤسائه الذين يخبرونه بالقصة الحقيقية ويأمرونه بمساعدة الأسرة فى حل مشكلة الابن. يضع الضابط نفسه وأمين الشرطة تحت تصرف المخرج الذى يحتاج مزيدا من الممثلين فيكون الحل هو إحضار مجموعة من المتهمين من سيارة الاحتجاز (البوكس) الذى أتى بها الضابط والأمين. وهكذا ينضم لطاقم التمثيل بعض أرباب السوابق وعدد من المتهمين بالانضمام لجماعات العنف الدينى المسلح.
لا توجد لدى رغبة فى استخلاص عبرة أو عظة من المسرحية أو أحداثها وأترك هذا لنقاد الفن والمهتمين به. ولكن الخلاصة المهمة التى خرجت بها هى أن مصر ستظل مصنعا للمواهب التى تقاوم وتزدهر وتتألق وسط جو خانق للإبداع بل وللحياة.
لم يكن مقدرا لهذه المسرحية أن تلتقى بجمهورها أكثر من ثلاثة أيام، إلا أن الإقبال المفاجئ على «التجربة الدنماركية»
(fb.com/danishexperience) يعود بها إلى مسرح الفلكى خمسة أيام أخرى بدءا من بعد غد الثلاثاء 19 سبتمبر. شاهد قبل الحذف.
التعليقات