تصور أردوغان لمستقبله في تركيا - العالم يفكر - بوابة الشروق
الثلاثاء 10 ديسمبر 2024 11:43 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تصور أردوغان لمستقبله في تركيا

نشر فى : الأحد 16 أكتوبر 2016 - 9:10 م | آخر تحديث : الأحد 16 أكتوبر 2016 - 9:10 م
نشر American Enterprise Institute مقالا لـ ميشيل روبن المتخصص بشئون الشرق الأوسط حول الرئيس التركى رجب طيب أردوغان وسياساته وتصريحاته التى باتت واضحة للجميع بأنها بعيدة كل البعد عن الديمقراطية وممارساته التى تعود بتركيا إلى الوراء وإلى ما سيئول إليه الرئيس التركى مستقبلا من جراء أفعاله؛ فهل ستقوده ليصبح فلاديمير بوتين أم أنه سيصبح سلطانا لدولة عثمانية حديثة؟!

يبدأ «روبن» بالإشارة إلى ما يؤكده عدد ليس بقليل من الأحزاب التركية ــ وحتى أكثرها مدافعة عن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، بأنه لا يسعى إلى تحقيق الديمقراطية الحقة؛ فمنذ ما يقرب من العشرة أعوام كان من الواضح بأن أردوغان ليس ممن يتبنون مبادئ وقيم الديمقراطية ويسعون إلى تحقيقها مهما حملت خطاباته من شعارات ومبادئ تُحث على ذلك. وما حدث أنه كان فى طريقه لتوطيد حكمه الاستبدادى من خلال استخدام رجاله وحلفائه بحركة فتح الله كولن من أجل تقويض خصومه وتثبيت حكمه بل وعائلته أيضا، وبالإضافة إلى ذلك فقد تمكن من توطيد مركزه أكثر وأكثر من خلال البيروقراطية لمزيد من السيطرة والإحكام على زمام الأمور. ولكن السؤال الذى يُثار: هل أردوغان يريد أن يصبح بوتين جديدا أم أكثر من ذلك؟ وبشكل آخر: هل إسلامية أردوغان وسيلة لتحقيق غاية أم أنها غاية فى حد ذاتها؟

***

بشكل متزايد تكشف الأحداث والمواقف بأن أردوغان هو بالفعل بوتين ولكن توجد عدة أفعال وقرارات ترجح بأنه صار جادا لإعادة تشكيل تركيا كجمهورية إسلامية؛ فمثلا هو يرغب فى تنشئة جيل متدين بحق وليس على سبيل الخطب والشعارات، فضلا عن قيامه ببناء أكثر من 9 آلاف مسجد حتى الآن.

من جهة أخرى نتطرق إلى لعبة أردوغان الجديدة والتى يبدو أنها ستطول وقد بدأت بحالة الطوارئ التى أعلنها وقام بتمديدها ولم يكتف بذلك بل صرَح بأنه ليس لديه الكثير ليفعله إزاء الملف الأمنى، بالإضافة إلى السماح له بأن يفعل ما يريد (من تطهير) بالموظفين المدنيين ممن يرى أنهم لا يؤمنون بنفس مبادئه وأفكاره.

تبرز كل المؤشرات وبخاصة مع تصاعد إجراءات أسلمة تركيا على يد أردوغان إلى أن الأوضاع باتت أكثر سوءا وبخاصة خلال الأيام الأخيرة؛ فمثلا يقول أحد الأتراك بأنه خلال الأيام القليلة الأخيرة قد قامت تركيا بإغلاق أكثر من 20 محطة تابعة للراديو والتلفزيون حتى وصل إجمالى عدد المحطات المغلقة خلال العام الحالى إلى ما يقرب من 50 محطة. واستكمالا لهذه الممارسات فقد تم إغلاق أكثر من صحيفة وسجن ما يقرب من 100 صحفى. يأتى ذلك بعدما كانت تبث محطات الراديو موسيقى من جميع الأعراق والأطياف فى العالم؛ كالكردية والأرمنية والعلوية مما كان يساهم فى التقارب الثقافى، وحتى فى محطات التلفزيون كانت تبث إحدى القنوات الرسوم المتحركة الخاصة بالأطفال (الكرتون) من الولايات المتحدة أو مصادر دولية أخرى ولكن بالدبلجة الكردية.

وفيما يتعلق بالمحطات التلفزيونية التى مازالت تُبث ولم تُغلق بعد فهُم يفسرون ما يحدث بأن وقت الجمهورية التركية قد انتهى وأن ما يحدث الآن يؤكد على أن تركيا قد بدأت بالفعل عهدا عثمانيا آخر من جديد وأن أردوغان هو سلطانها.

من المؤشرات الأخرى على ممارسات الدولة على طريق الأسلمة الذى يتبعه أردوغان ما تم ملاحظته من وجود جمعيات أهلية انتشرت بصورة كبيرة بين الطبقات الفقيرة والوسطى تهدف إلى جمع ربات البيوت وتقسيمهم إلى 10 أو 30 سيدة فى كل مجموعة من أجل إعطائهم تعليما دينيا ولكن ما آثار الريبة بأن ذلك التعليم لم يكن فقط تلقينا لعقيدة الدين الإسلامى كما هي؛ بل إنهم يقومون بتعليمهم على نحو متطرف لكل القيم الاجتماعية. ولكن إلى الآن لم يعرف أحد من يقف وراء تمويل هذه الجمعيات.

***

على صعيد آخر وفيما يتعلق بتركيا وانضمامها للاتحاد الأوروبى ففى الوقت الذى تشير فيه أغلب النقاشات خارج تركيا إلى إمكانية انضمام الدولة التركية إلى الاتحاد الأوروبى تأتى تصريحات وممارسات أردوغان فى الداخل مصورة أن تركيا لا تعنيها أوروبا ولا تأتى ضمن اهتماماتها.

يأتى الجدل الأكبر ما حدث أخيرا من إعادة أردوغان الحديث حول معاهدة لوزان عام 1923، وخلال مناسبات عديدة يقوم بإحياء مطالب انتقامية ويطالب بأراضٍ كان يحكمها العثمانيون ويلوح إلى الحدود مع العراق واليونان والمستقرة منذ ما يقرب الـ 100 عام. وخلال كلمة ألقاها بتجمع مع عدد من الزعماء الدينيين أكد أنهم على علم وحنكة أكثر ممن التقى بهم فى نيويورك خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (فى إشارة إلى عدم اهتمام تركيا بالانضمام إلى أوروبا بقدر اهتمامها بعودة إسلاميتها وتوطيد علاقاتها مع الزعماء الإسلاميين).

فى الوقت نفسه تواصل لجان أمن أهلية تركية مهاجمة النساء وترويعهم من أجل عدم التزامهن بارتداء الزى الإسلامى الشرعى، فضلا عن ارتداء بعضهن لسراويل قصيرة أثناء ركوبهم للحافلات العامة وتواجدهم بالأماكن العامة بشكل عام.

يرى الكاتب أنه لمن السيئ ما يقوم به أردوغان من انتزاع لكل مزايا تركيا من أجل سلطته والاحتفاظ بها وتحقيق الرؤى التى يؤمن بها. فقط ورغم أن البعض قد يرى أن أردوغان يتطلع إلى تحقيق الديمقراطية إلا أنها فى الحقيقة ديمقراطية هشة تشوبها عيوب لا حصر لها ستؤدى حتما إلى ديكتاتورية لم تعانِ تركيا مثلها على مدى تاريخها.

***

إن ما يحدث من تقييد للحريات والمعتقدات يؤكد على أننا أمام نشأة لدولة تركية لن تتمتع حتى بالحريات الموجودة فى روسيا وربما إيران. ورغم خطابات أردوغان بشأن حقوق الإنسان فبعض صانعى السياسات بالدول الغربية يؤيدونه طالما ذلك يضمن الاستقرار ومن ثم التجارة والاستثمارات المرتبطة بهم.

لقد بات واضحا أن ممارسات أردوغان لتنفيذ سياساته ليست فقط باعتباره حاكم لتركيا بل أكثر من ذلك كثيرا؛ فهو يسعى لأن يصبح سلطانا جديدا وإن لم يحمل الاسم حتى الآن.

يختتم الكاتب بأنه من المألوف رؤية أن أردوغان بالفعل رجل سيئ دوما وأنه لا بد من التعامل معه فذلك شر لا بد منه من أجل تحقيق الاستقرار على نحو كبير ولكن يرى البعض أن ذلك ليس جيدا ليس فقط لما يتعلق بتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» ومكافحته بل ولما يتعلق باللاجئين والاستقرار فى المنطقة، ففى عهد أردوغان تركيا لن تكون السد الذى سيمنع طوفان الفوضى الذى يثير الخوف والقلق بل أن سياساتها غير المسئولة والمتطرفة ستساهم بشكل كبير على اندلاع ذلك الطوفان الذى نخاف من حدوثه.

النص الأصلى:

التعليقات